بيروت | Clouds 28.7 c

من هنا نبدأ: بين وفاء حسن نصرالله وانقلابات سعد الحريري / بقلم حسن صبرا

هذه ليست كتابة في مسألة أحقية توزير سني من خارج تيار المستقبل او عدمها، وهي ليست في تفسير التوقيت المتأخر عند البعض او المفاجىء للبعض الآخر او عدم فهم الكلام الواضح في مطلب التوزير السني منذ البداية، او الاستلشاق، او عدم الاستيعاب او الغرور او التجاهل.

كل هذه المسائل ليست على متن هذه المقالة.. بل هي مسألة واحدة لعلها تكون درساً في الوفاء يلتزمه السيد حسن نصرالله حليفاً صادقاً لحلفائه، لمن يقف معه في المسائل الاستراتيجية التي ينخرط فيها مكانة وسياسة سلماً او حرباً.

نشأت 8 آذار في هذا التوقيت بعد 22 يوماً فقط من اغتيال الرئيس المظلوم رفيق الحريري في 14 – 2 – 2005, ونشأت 14 آذار بعد عدة أيام من نشأة الآذارية الأولى، وفي حين ما زالت 8 آذار في ذروة قوتها، فإن 14 آذار، تشتتت وتناقضت وتناقصت حتى اختفت نهائياً.. ومرة أخرى نحن لا نناقش أحقية أي من الآذارين.

 والسبب في قوة آذار الأولى ان قائدها الفعلي أي أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله ظل وفياً لكل من وقف الى جانبه، بل وزاد اليهم حياديين وآذاريين من 14، بينما انفض كثيرون من 14 آذار من حول قائدها الفعلي سعد الحريري، لأنه لا يملك موهبة الوفاء التي يملكها السيد حسن نصرالله، والأبعد من هذا، وربما نتيجة له، ان صمود نصرالله في وفائه لميشال عون كان المغناطيس الذي جذب الحريري اليه بوعيه او من دونه، ودائماً وفقاً لحسابات الحريري الشخصية والمالية على حساب شعبيته الحريرية، وموقعه السياسي الذي وصل اليه بالوراثة بعد اغتيال المظلوم والده مباشرة.

كيف جذب نصرالله الحريري اليه؟.. في وفاء أمين عام حزب الله لحليفه المفترض انه حليف الحريري في 14 آذار ميشال عون.. هذا الوفاء والتمسك بالمرشح الحليف الذي وقع معه وثيقة التفاهم عام 2006، لرئاسة الجمهورية.. كشف تقلب سعد الحريري في ترشيحاته بين سمير جعجع.. ثم سليمان فرنجية قبل ان ينقلب الى ميشال عون الذي أصبح عقدة الوصل بين الخصمين اللدودين حسن نصرالله وسعد الحريري، مستعيراً عبارة حليف حليفي الجديد، من عبارة نبيه بري عن ميشال عون حليف حليفه حزب الله.

قد يقول قائل ان رهان سعد الحريري على حلفه مع ميشال عون ناجح، بدليل ان الأخير يقف معه الآن في مواجهة قرار حزب الله بتوزير سني من خارج تيار المستقبل.. وردنا عليه هو ان حزب الله يعطي حلفاءه دائماً هامش تحرك واسع، يتحركون فيه كيفما يشاؤون ولا يعتبرهم حزبيين عليهم ان يلتزموا قراراته ولا هم مطالبون بأي تكليف شرعي.. وهو لم يفعلها مع حلفائه من السنة او الدروز او حتى من الشيعة، وبالتالي فهو لن يفعلها مع أي من حلفائه المسيحيين.

حلفه مع ميشال عون أثمر غطاءً مسيحياً اثبت شموليته ومتانة نسيجه طيلة 12 عاماً وأكثر.. في القضايا الاستراتيجية التي تعني الحزب وجمهوره عملياً، ومن دون ان يحتاج الى استثارة أي عصبية شيعية معه لأن التغطية الوطنية متوفرة له بإتقان و((صاحبه صاحب)).. فضلاً عن تمثيله الأغلبية العظمى من الشيعة.

المشكلة هي عند سعد الحريري، الذي لا يطيق ان يستمع الى كلمة نقد واحدة، ولا يتسع صدره لأي خلاف، وهو مستعد ان يتخلى عن أي صاحب معه عند أول مفترق.

وبالمقارنة الموضوعية: ينفض الأصدقاء والحلفاء من حول سعد الحريري ولا يبقى له إلا استثارة العصبية السنية ضد الشيعية، بينما يزداد أصدقاء حزب الله بفضل الوفاء الذي يتسع صدر السيد حسن نصرالله له حضناً لكل من معه.. ثم ومن قال ان السنة كلهم مع سعد الحريري..؟

أليس النواب السنة ناجحون بأصوات السنة من عبدالرحيم مراد الى عدنان طرابلسي، ومن جهاد الصمد الى فيصل كرامي.. وقبل هؤلاء جميعاً هل يشكك سعد الحريري بسنية فؤاد مخزومي وأهليته؟..

حسن صبرا

 

الوسوم