بيروت | Clouds 28.7 c

إفشال ((اللجنة الدستورية)) في سورية: جريمة روسية مع سبق الاصرار / بقلم: محمد خليفة

  • *انقلاب الأسد على ((اللجنة)) ينسف جهود أربع سنوات!
  • *الروس أفشلوا دي ميستورا ثم اتهموه بعدم الكفاءة
  • *((المسخرة )) هي النعت الوحيد للسياسة الروسية في سورية
  • *الأسد ينقلب على الأمم المتحدة, ويرفض دورها بالمطلق في وضع دستور جديد لأنه يقلص صلاحياته الرئاسية!
  • *بوتين في قمة اسطنبول دافع عن حق الأسد في رفض دور الأمم المتحدة وجهودها لتطبيق الحل السياسي
  • *كل ما قامت به روسيا ونظام الاسد منذ بداية آستانا وانتهاء بسوتشي من خطوات سياسية كان هدفها تضييع الوقت ثم التخلص منها بقرار واحد!
  • *روسيا عطلت وأعاقت مهمة دي ميستورا, ودفعته للاستقالة, ثم اتهمته بعدم الكفاءة!

   عندما أبلغ المبعوث الأممي الى سورية السفير ستيفان دي ميستورا مجلس الأمن الدولي الشهر الماضي بأنه تلقى دعوة لزيارة دمشق, سيلبيها بعد اسبوع, كان يبدو مسروراً بهذا النبأ, كما لو أنه حدث مهم في حد ذاته. والسبب أن نظام الاسد كان قد اعتبر دي ميستورا قبل حوالى عامين, شخصاً غير مرحب به في العاصمة السورية وأن ((الرئيس)) لن يستقبله, رداً على بعض تصريحاته ومواقفه التي لم تعجب الأسد!

ومن الملاحظ أن دي مستورا اعتبر دعوته لدمشق تطوراً ايجابياً, على الصعيد العام, وعلى الصعيد الشخصي على نحو محدد, لا سيما أنه يتزامن مع نهاية مهمته التي سيتركها لخليفته النرويجي غير اندرسون.

وعندما زار دي ميستورا دمشق في الاسبوع التالي (24 تشرين الأول/أكتوبر الماضي) كان موضوع المحادثات الرئيسي هو اللجنة الدستورية المقترحة التي سبق أن تحادث بشأنها مع وزير الخارجية وليد المعلم في نيويورك أثناء لقائهما على هامش الدورة الأخيرة للجمعية العامة للأمم المتحدة, وتبلغ منه رفض نظام الأسد لكتابة دستور جديد من قبل اللجنة المشكلة من الأمم المتحدة ورفضه تدخل الامم المتحدة في اعداد دستور جديد لسورية, واعتبر ذلك مسألة سيادية!

في دمشق فوجىء دي مستورا بأن الأسد لم يتراجع عن عدم استقباله, كما كان يفعل في السنتين الاوليين من مهمته, واقتصرت محادثاته على الوزير المعلم, كما فوجىء ثانية بأن نظام الأسد لم يتزحزح عن رفضه لتدخل الأمم المتحدة في اعداد الدستور الجديد, فعاد من دمشق ((بخفي حنين)) أو صفر اليدين, كما يقول العرب في أمثالهم الشائعة!.  ولا بد أنه تساءل في قرارة نفسه, إذن لماذا دعوني لزيارتهم..؟ هل هي لمجرد المسخرة والتلاعب ومضغ الوقت..؟!

ومعروف لمتابعي الشؤون السورية أن مسألة ((اللجنة الدستورية ) هي قضية الساعة في مسار الحل السياسي خلال عام ونيف على الأقل, وهي الموضوع الذي يستأثر باهتمام الاطراف الدولية, حتى أنها باتت عنواناً بارزاً لكل الاتصالات واللقاءات الدولية منذ عام كامل. وآخرها قمة اسطنبول الرباعية حيث اصطفت تركيا والمانيا وفرنسا في مواجهة روسيا, مطالبة بوتين تحديد موعد حاسم لانعقاد اللجنة، بعد الضغط على حليفه السوري للقبول بها, وسحب تحفظه عليها. وقبلها في اجتماع مجلس الأمن الدولي, وقبلهما أيضاً اجتماع لجنة العمل الدولي المصغرة ((السباعية)).

والواقع أنه إذا كان لا بد من مثال صارخ على المسخرة والتلاعب بالوقت والاستهتار بالعالم التي يتسم بها سلوك المحور الروسي -السوري في القضايا المصيرية  فلن نجد أفضل وأوضح من اللجنة الدستورية.

وإن كان لا بد من مثال مشابه على ضعف دور الأمم المتحدة, ولامصداقيتها - في سورية دائماً -  فلن نجد أوضح وأقوى من ذات المثال الذي يتقدم ما سواه من مفردات القضية السورية.

فما هي قضية هذه اللجنة الدستورية؟ وما هي مظاهر التلاعب والمسخرة فيها..؟

ولماذا يتشدد الأسد في رفضها, ويراها تهديداً لسيادة  نظامه, وهو الذي فرط في سيادة الدولة فعلاً مع ايران وروسيا وإسرائيل وتركيا ؟!

 

السلال الأربع:

لقد نصّ قرار مجلس الأمن الدولي 2254 لعام 2015على حزمة اجراءات انتقالية غايتها تطبيق الحل السياسي الذي يعتبر أساس ((وثيقة جنيف)) الدولية. وقد عهد القرار الى المبعوث الخاص للامم المتحدة تنفيذ الاجراءات المحددة. وفي العام الماضي 2017 قسم دي ميستورا هذه الاجراءات الى (أربع سلال) أعلن عنها في نهاية الجولة الرابعة من محادثات جنيف بين المعارضة والنظام في نهاية شباط/ فبراير 2017 واستهدفت بحسب دي ميستورا تنفيذ القرار الاممي 2254 الذي يطالب إجراء عملية ((انتقال سياسي)), تتضمن صياغة دستور جديد وإجراء انتخابات بإشراف الأمم المتحدة، لقيام نظام حكم جديد يتسم بالشفافية, ويخضع للمساءلة. وقال دي ميستورا إنه يتوقع أن تمضي الأطراف المتفاوضة في وضع اتفاق إطاري يؤدي لتنفيذ القرار الدولي المذكور.

وتتمثل ((السلال الأربع)) التي كشف عنها دي ميستورا في المؤتمر الختامي لجنيف 4 بالتالي:

  1. - الأولى: القضايا الخاصة بإنشاء حكم غير طائفي يضم الجميع، مع الأمل في الاتفاق على ذلك خلال ستة أشهر.
  2. - الثانية : القضايا المتعلقة بوضع جدول زمني لمسودة دستور جديد، مع الأمل في أن تتحقق في ستة أشهر.
  3. -  الثالثة: كل ما يتعلق بإجراء انتخابات حرة ونزيهة بعد وضع دستور جديد، وذلك خلال 18 شهراً، تحت إشراف الأمم المتحدة، وتشمل السوريين خارج بلادهم.
  4. - الرابعة: إستراتيجية مكافحة الإرعاب والحوكمة الأمنية، وبناء إجراءات للثقة.  

وقد أصبحت هذه السلال محور جولات جنيف التالية كما يمكننا أن نرى من العرض الموجز التالي:

  • في الجولة الخامسة (نيسان/ أبريل 2017) ركزت المفاوضات على المواضيع الرئيسية  الاربعة, الحكم, والدستور, والانتخابات ومكافحة الإرعاب, ولكنها لم تحقق شيئاً. وتبادل وفدا المعارضة والنظام الاتهامات بشأن عدم تحقيق أي شيء خلال ثمانية أيام.
  • في الجولة السادسة  (أيار/ مايو 2017)  دامت المفاوضات أربعة أيام، انتهت، بحسب ما صرح  به دي ميستورا الى عدم تحقيق تقدم ملموس. واقترح إنشاء آلية تشاورية لمناقشة القضايا التقنية المتعلقة بالقضايا الدستورية والقانونية. ولكن المعارضة رفضتها، مع أنها أرسلت وفداً شارك في جولتي ((نقاش)) للمسائل التقنية, بعد انتهاء الجولة السادسة. ولم تسفر عن أي اختراق!
  • في الجولة السابعة (تموز/ يوليو2017): اقتصر جدول الأعمال وعلى مدى ستة أيام على سبل تنفيذ ((السلال الاربع)), ولكن النتائج ظلت عقيمة. وطالب المبعوث الدولي المعارضة بتوحيد وفودها كشرط رئيسي لعقد جولات جديدة من المفاوضات.
  • الجولة الثامنة: (تشرين الثاني/ نوفمبر – كانون الأول/ ديسمبر 2017): استمرت المفاوضات 18 يوماً متواصلة على النقاط نفسها, وانتهت بلا شيء ! واعتبر المبعوث الأممي أن هذه الجولة كانت فرصة ذهبية ضائعة، إذ لم ينجح في عقد لقاء مباشر بين الطرفين, وقد حمّل ديمستورا للمرة الأولى روسيا والنظام المسؤولية عن عدم الانخراط بجدية في المفاوضات.
  • الجولة التاسعة انعقدت في فيينا بدل جنيف في كانون الثاني/ يناير 2018. وشهدت تطوراً جديداً تمثل في اجتماع ممثلين لأميركا وبريطانيا وفرنسا والسعودية والاردن في فيينا مع دي ميستورا وقدموا له بعض الاقتراحات في مذكرة سميت ((ورقة غير رسمية)) تستهدف إحياء العملية السياسية على مسار جنيف استناداً للقرار 2254 رفضها النظام فوراً. وفي المقابل أصرت المعارضة على اعطاء الاولوية لقضية ((الانتقال السياسي وتشكيل حكم انتقالي))، الأمر الذي اعتبره وفد النظام شرطاً مسبقاً يمنعه من قبول التفاوض.

بين آستانا وسوتشي:

 

يعلم المتابعون للشأن السوري أن تسع جولات من المفاوضات امتدت على مدى خمس سنوات, منذ كانون الثاني/ يناير 2014 وحتى اليوم كانت عقيمة بلا جدوى, ومحصلتها صفرية تماماً, وكانت استهلاكاً للوقت فقط.

وقد اتضح أن نظام الاسد رغم أنه كان في أضعف حالاته خلال 2014 لم يتعامل مع المفاوضات بالجدية التي يتطلبها الوصول لحل سياسي وفق وثيقة جنيف 1 مما دعا المبعوث الاممي الاسبق الاخضر الابراهيمي للاستقالة, فهل يعقل أن يكون أكثر جدية وهو في وضع قوي بعد تدخل روسيا بكامل قوتها العسكرية في الصراع المباشر, وفي ظل غياب ارادة الدول التي تعاطفت مع الشعب السوري وثورته ومعارضته..؟

في الجولات التي رعاها دي ميستورا في غضون خمس سنوات ظهر سعي مبرمج لتمييع المسائل الجدية، وحرفها عن محورها الأصلي المتمثل في إجراء انتقال سياسي في سورية وبحث مسائل ثانوية, واعطاء الاولوية لتعاون المعارضة والنظام لمكافحة الارعاب قبل بحث أي مسألة أخرى!. واتضح أن روسيا هي الطرف الذي دفع الامور بهذا الاتجاه الخاطىء, كما برزت هيمنة روسيا على مسيرة المفاوضات, ثم تبين أنها مارست ضغوطاً مستمرة على دي ميستورا والامم المتحدة للاستجابة لمطالبها.

في الأعوام التي أعقبت التدخل الروسي جرى تكثيف جولات المفاوضات حتى بلغت خمس جولات في عام واحد هو عام 2017, دون أن يعني ذلك أن النظام وحليفه الروسي أصبحا أكثر جدية أو ((أكثر انخراطاً في المفاوضات)) بحسب تعبير دي ميستورا, بل على العكس ففي العام المذكور كان النظام أكثر عداء للمعارضة من أي وقت مضى, ورافضاً لأي تنازلات, وأبعد ما يكون عن التعاون مع الأمم المتحدة, وذلك لأنه بدأ يستعيد مناطق واسعة من الأراضي المحررة  من الثوار, وتراجعت قوة المعارضة على كل الأصعدة.

الحافز الوحيد لتكثيف المفاوضات في العام الماضي أن روسيا وحليفها كانا يريدان التغطية على جرائمهما في ريف دمشق وحلب وحمص أثناء محاولة القضاء على المعارضة المسلحة واستعادة المناطق المحررة. كما إنها كثفت في هذا العام محاولاتها لخلق مسارات تفاوضية بديلة لجنيف, واجندة مختلفة عن الأجندة التي تضمنتها وثيقة جنيف, والقرار 2254، ولذلك دشنت مسار آستانا, وسمحت بتفعيله وأن يحقق بعض الانجازات المؤقتة:

  • هدن محدودة لوقف اطلاق النار.
  • مناطق خفض التصعيد.
  • بحث محدود في بعض القضايا السياسية الجوهرية, بما فيها مسألة الدستور، وقامت روسيا بتسليم المعارضة نسخة من مشروع دستور أعدته بمفردها.
  • فرض مصالحات بالقوة على مناطق عديدة.
  • اجراء حوار سوري – سوري بهدف فرض مصالحة وطنية بشروط النظام, وإعداد دستور جديد, للتهرب من استحقاقات الانتقال السياسي من نظام شمولي الى نظام  ديموقراطي.
  • خلق كتلة دولية ضامنة تضم ايران وتركيا الى جانب روسيا تتقاسم النفوذ وتتعاون لرسم مستقبل سورية بعيداً عن الأمم المتحدة, والدول الغربية والدول العربية.

بلغت هذه الانجازات ذروتها في تنظيم ورعاية روسيا لمؤتمر حوار سوري -سوري في سوتشي حضره أكثر من خمسمائة سوري, غالبيتهم الساحقة من الموالين للنظام, والقليل من ((المعارضة)) الموالية لروسيا كجماعات رندة قسيس, وهيثم المناع, ولؤي حسين, وقدري جميل, واحمد الجربا.

كان الهدف الرئيسي للمؤتمر قطع الطريق على مسار جنيف الاممي, والالتفاف حول ((الانتقال السياسي)) عبر خطوات دي ميستورا لتنفيذ القرار 2254 وفق استراتيجية ((السلال الاربع)) . وقد اختار أن يبدأ بالسلة الثانية في الترتيب, وهي الخاصة بـ ((صياغة دستور جديد)) يقلص صلاحيات الاسد المطلقة, لأن السلة الأولى ((الانتقال السياسي)) يرفضها النظام, وطرحها يعني إفشال المفاوضات كلية. كما أن تقديم السلة الرابعة التي يعطيها النظام الأولوية لا بد أن ترفضها المعارضة, ولذلك اختار دي ميستورا اعطاء الاولوية للجنة الدستورية اعتقاداً منه أن الروس سيدعمونه فيها, لأنهم أوحوا للعالم برغبتهم بوضع دستور جديد. وتبين أن وزير الخارجية الروسية لافروف قد توصل الى صفقة مع سكرتير عام الأمم المتحدة غوتيريش لمشاركة المنظمة في مؤتمر الحوار السوري – السوري في سوتشي والاعتراف بنتائجه, والتعامل معها كجزء من الجهود الرامية لتنظيم واطلاق لجنة الدستور.

الجدير بالذكر أن الأسد كان يبارك جهود روسيا لعلمه أن هدفها إنقاذه وتثبيته في السلطة مقابل وعود غير مضمونة بإجراء بعض الاصلاحات الشكلية, لا تلامس صلاحياته الرئاسية المطلقة, ولا تهدد دعائم نظامه وأجهزته العسكرية والبوليسية وعندما أرسل وفده الى مؤتمر سوتشي كان متعاوناً الى أقصى الحدود مع روسيا.

وغلب على المؤتمر طابع الاحتفالية والدعاية لروسيا, وافتقر للجدية التي تفترضها معالجة قضية مصيرية, فناهز عدد المشاركين فيه 1500 شخص, لا علاقة لغالبيتهم الساحقة بالشؤون السياسية والحقوقية والفكرية, واختصرت مدة المؤتمر الى يوم واحد, أو بضع ساعات, فضلاً عن مقاطعة المعارضة الوطنية المعترف بها من الأمم المتحدة!

كانت روسيا تعلق عليه أهمية استثنائية, بدليل أن ضباطها في قاعدة حميميم أجروا حوارات تمهيدية مع مئات الشخصيات في طوال شهور. وحددوا له مواعيد عديدة, ثم غيروها, وكانوا يريدون عقده في القاعدة ثم نقلوه الى دمشق, ثم الى سوتشي لتسهيل مشاركة بعض المعارضين وممثلي الدول العربية والاجنبية.

 وصرح الممثل الخاص للرئيس الروسي في سورية ، الكسندر لافرنتييف، ((إن مهمة المؤتمر تتمثل بإطلاق عملية إعداد دستور سوري يتم عرضه على الجميع: الحكومة والمعارضة الداخلية والخارجية والمسلحة)) .

وأسفر ((المؤتمر)) عن إنشاء لجنة للإصلاح الدستوري، تتكون من وفد للنظام  ووفد معارض واسع التمثيل ((بغرض صياغة إصلاح دستوري يسهم في التسوية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي 2254)) . تضم خبراء سوريين وممثلين للمجتمع المدني ومستقلين وممثلين قبليين ونساء. وبحسب دي ميستورا فإن اللجنة الأممية ستضم في النهاية ممثلين عن ((الهيئة العليا للمفاوضات)) المقاطعة لمؤتمر سوتشي.

في الواقع لم يكن المؤتمر هزيلاً فقط, بل كان هزلياً, وتخللته وصلات رقص وهز بطن وأرداف من فنانات ارسلهن النظام للترفيه عن المشاركين الذين قال أغلبهم أنهم لبوا الدعوة لأنها فرصة للسياحة! ورحب النظام عبر ممثليه وأجهزته الاعلامية بنتائجه, لأنه لم يتحدث عن ((دستور جديد)) بل عن ((اصلاح دستوري)), اي تعديل الدستور الحالي, وهذا أول دليل على العبث والمسخرة وعدم الجدية.

اما الدليل الثاني فتمثل في عدم التزام النظام بقراراته,  وتهرب من تسمية وفده الى اللجنة الدستورية التي كان يجب أن تبدأ منذ مطلع 2018 اعمالها, مما اضطر الرئيس بوتين لدعوة الاسد الى سوتشي في أيار/ مايو الماضي, وتوجيه أمر له بإرسال قائمة بأسماء وفده خلال اسبوعين, فأرسلها الاسد فوراً, ثم سلمت للأمم المتحدة, كما أرسلت المعارضة قائمة أسمائها, وبقي أن يسمي دي ميستورا قائمة اسماء المجموعة الثالثة التي تمثل منظمات المجتمع المدني والشباب والنساء!

 

قمة المسخرة!:

ومع تقدم الجهود من كل الأطراف وتحديد دي ميستورا لموعد اجتماع اللجنة قبل نهاية نوفمبر فاجأ وزير الخارجية وليد المعلم الجميع بإبلاغه الامم المتحدة في ايلول/ سبتمبر الماضي قراراً جديداً من رئيسه, يتضمن:

  • كتابة الدستور شأن سوري سيادي, ولا نقبل أي دور خارجي فيه.
  • لا نقبل وضع دستور جديد, ولكننا نقبل تعديلات للدستور الحالي الموضوع عام 2012.
  • لا نقبل المس بصلاحيات الرئيس.
  • عقد اجتماعات اللجنة الدستورية يجب أن يتم في دمشق لا في الخارج.
  • الاعتراض على تسمية دي ميستورا لممثلي الطرف الثالث, أي المجتمع المدني. ويحق للنظام وحده تسميتهم, او أن يكون له حق الاعتراض على أي اسم.
  • الاصرار على أن يترأس ممثل النظام اجتماعات اللجنة.
  • يجب أن تتخذ القرارات في اللجنة بالاجماع .

تعتبر هذه المطالب كما هو واضح انقلاباًَ على كل ما تحقق خلال سنتين من الجهود, بما فيها جهود روسيا, ومؤتمر سوتشي للحوار والذي استغرقت حوالى سنة كاملة, فماذا يعني هذا سوى أن كل ما كان يجري هو مسخرة وتحايل وكذب على الجميع, من المجتمع الدولي والامم المتحدة, الى الشعب السوري..؟!

وبالطبع جاءت استقالة دي ميستورا تحت ضغوط من الدول الكبرى نتيجة الاخفاق في التقدم ولو خطوة واحدة على مسار جنيف, والسخرية الأكبر أن وزير الخارجية الروسية لافروف اتهم دي ميستورا بعدم الكفاءة, وهو يعلم أن دي ميستورا كان ضحية لروسيا أولاً وأخيراً, وخطيئته الكبرى أنه سايرها!

والغريب أن روسيا بدل أن تضغط على الاسد وتطالبه بالالتزام بالتفاهمات الاممية والدولية, أظهرت في الايام الأخيرة تأييدها وتفهمها, وبدأت تدافع عن الاسد وتطالب الأمم المتحدة بتعديل شروط تشكيل اللجنة الدستورية !!

ففي قمة اسطنبول الرباعية الاخيرة التي حضرها دي ميستورا طالب رؤساء فرنسا وتركيا والمانيا الرئيس الروسي بإجبار الاسد على الامتثال لقرارات الامم المتحدة فكانت المفاجأة أن بوتين دافع عن وجهات نظر الأسد!

 وأمام الحاح الثلاثة وعد بوتين ببذل مساعيه عند الاسد ليقبل, ولكنهم طالبوا بتحديد موعد قريب لاجتماع اللجنة الدستورية لأنها عنصر من عناصر القرار الاممي 2254. وما يزال الأمر معلقاً وغير معروف هل سيضغط الروس على حليفهم أم انهم سيدافعون عنه, ويدفعون جهود الانتقال السياسي الاممية الى طريق مسدود, لأنهم يشاطرون الاسد رفضه لدور الامم المتحدة أصلاً ويتمسكون بخيارهم لمعالجة الأزمة السورية برمتها وفق أجندتهم ورؤيتهم!

 

الوسوم