بيروت | Clouds 28.7 c

من هنا نبدأ - ياسين جابر؟! / كتب حسن صبرا

من هنا نبدأ  -  ياسين جابر؟! / كتب حسن صبرا

 

لم يعرف عن النائب ياسين جابر اتخاذه أي موقف حاد خلال دورات نيابته المستمرة منذ العام 1992، ولا خلال توزيره في وزارات متعاقبة. وفي أحاديثه الاعلامية يبدو جابر كمن يدوّر الزوايا حتى لا يبدو منها أي نتوء كلامي او سياسي، فلا يغضب منه أحد..

وهو في كتلة الرئيس نبيه بري النيابية لم يكلف طيلة 26 سنة، بنقل رسالة سياسية لبري لا اعلامياً ولا سياسياً.. فيكون حضوره مماثلاً لغيابه، وان كان الصمت أحياناً هو السياسة المطلوبة.

ما قاله ياسين جابر في تسجيل صوتي لم يفاجىء كثيراً من اللبنانيين، الذين وصلتهم أخبار رفض لبنان (من هو الرافض في لبنان)؟ مشروعاً حمله مدير شركة سيمنـز في المانيا جو كايز أثناء مرافقته مع 50 رئيس مجلس ادارة لشركات المانية لمستشارة المانيا انجيلا ميركل ببناء محطات كهربائية ثابتة في لبنان توفر الكهرباء للبنانيين 24/ 24، مقابل قروض وهبات لا تزيد تكلفتها عن تكلفة مصروف الكهرباء رسمياً في لبنان في سنة واحدة. وقال جابر ان عرض سيمنـز يتضمن توفير الكهرباء لكل لبنان في ستة أشهر وبتكلفة أقل كثيراً مما يتم التحدث عنه في لبنان.

ياسين جابر قال في تسجيله الصوتي ان رئيس الجمهورية ميشال عون طلب عبر وزيره للطاقة سيزار ابي خليل مبلغ 500 مليون دولار لتوفير الكهرباء لمدة ثلاثة أشهر فقط، أي حتى نهاية العام 2018 مع العلم بأن أبي خليل حصل لوزارته على 1.5 مليار دولار في موازنة العام نفسه 2018 للغرض نفسه.

كثيرون في لبنان يعلمون هذا الذي قاله النائب في كتلة التحرير والتنمية، لكن أن يكون قائله هو ياسين جابر.. فهو المفاجأة.. لماذا؟

لأن جابر هو رقيب على السلطة من خلال التشريع، ولم يسمعه منه اللبنانيون داخل مجلس النواب، ولا قرأوا سؤالاً منه لوزراء الطاقة المتعاقبين وهم وخلال عشر سنوات تقريباً من اختيارات رئيس كتلة الاصلاح والتغيير النائب الذي اصبح رئيساً للجمهورية منذ سنتين تقريباً ميشال عون.. عن هذا الأمر.. وطبعاً ليس وارداً ان يتحول السؤال الى استجواب لا من جابر ولا داخل مجلس النواب.

 

هل من رد فعل على كلام جابر؟

في لبنان ومنذ ركب حافظ الأسد التركيبة الحالية الحاكمة، حتى لو تغير بعض الأسماء، لا يلتزم معظم اللبنانيين البحث عن الحقيقة، بل يلتزمون طائفة ومذهب قائلها، فإن كان شيعياً التزم معظم الشيعة أقواله وان كان سنياً التزم معظم السنة أقواله وان كان مارونياً أيده الموارنة وان كان درزياً أيده الدروز.. وهكذا يدين اللبنانيون بالحقيقة حسب مذهب قائلها فهي حقيقة شيعية وأخرى درزية وأخرى مارونية وواحدة سنية.. أما الحقيقة الوطنية فمعدومة!!

لذا،

ليس مهماً أقوال ياسين جابر عند الموارنة أنصار عون، وليس مهماً رد وزير الطاقة سيزار ابي خليل عند الشيعة أنصار بري، فلا موارنة عون سيغيرون مواقفهم منه ومن وزيره نتيجة كلام قاله نائب شيعي، محسوب على بري ولا شيعة الأخير سيقتنعون بكلام وزير ماروني كان مديراً لمكتب صهر عون الصغير.

 

مفارقة

لكن الضمير الحي هو الذي جعل النائب في كتلة عون صهره الكبير شامل روكز يخرج راداً على مدير مكتب صهر عون الصغير جبران باسيل سابقاً وزير الطاقة الحالي سيزار ابي خليل الذي أنكر وجود عرض من سيمنـز.. فماذا قال روكز لمحطة التيار الوطني الحر OTV: ان رئيس شركة سيمنـز جو كايز جاء مع مستشارة المانيا انجيلا ميركل خلال زيارتها للبنان وقدم عرضاً أورد فيه ان شركته مستعدة لإنجاز كل الأمور خلال ستة أشهر وبتكلفة أقل بكثير مما يتم التحدث عنه لبنانياً.

 

أين هي الأضحوكة؟

ملهاة سيعيش عليها اللبنانيون عدة أيام.. ثم ينتقلون الى مسخرة أخرى، ومأساة ثالثة، ولن يتغير أمر، لا الكهرباء مقبلة، ولا السرقات متوقفة، ولا أحد سيتحرك، بل سيلتقي المتخاصمون وستتم لملمة الفضيحة من أجل القضايا الاستراتيجية، والمصلحة الوطنية.. وسيتم اقرار فضيحة البواخر التركية، وتدفع خزينة الدولة شبه المفلسة مليار دولار خلف الآخر، ويعيش اللبنانيون في ظلام لعشرين ساعة يومياً، وتنتعش مافيا المولدات، وبيع المازوت.

غير ان أطرف تعليق سمعه اللبنانيون على كلام ياسين جابر.. انه بلاغ للنيابة العامة للتحرك بملاحقة كل من ورد اسمه في تسجيل ياسين جابر وأولهم وزير الطاقة سيزار أبي خليل.

ايها اللبنانيون،

لعلكم سمعتم عن المثل الذي يقول:

ان ثلاثة لا وجود لهم الغول والعنقاء والخلّ الوفي.

الآن اصبحوا أربعة في لبنان بإضافة قانون محاسبة اللصوص.

 

حسن صبرا


 

 

الوسوم