بيروت | Clouds 28.7 c

 هل امتنع العرب في صدر الإسلام من تفسير القرآن؟ / بقلم عبد الهادي محيسن

مجلة الشراع 19 نيسان 2021

 

من العلوم النقلية التي اشتغل بها المسلمون لفهم معاني القرآن الكريم.. علم التفسير،  وقد روي عن عائشة أنها قالت:

 لم يكن النبي ص يفسّر شيئا من القرآن إلا آيات قليلة علّمه إياهن جبريل..

فلما اتسعت الدولة العربية ودخل العجم في الإسلام دعت الحاجة الى فهم آيات القرآن ، وأخذ بعض كبار الصحابة من أمثال علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود يفسرون القرآن اعتمادا على ما سمعوه من الرسول...

أو بحسب ما وصل إليه فهمهم...

ويعتبر هؤلاء الصحابة مؤسسي مدرسة التفسير في الإسلام وحذا حذوهم في ذلك التابعون مثل سعيد ابن جبير وغيرهم، وقد نظر بعض الأتقياء من المسلمين الى القرآن الكريم نظرة إجلال وتقديس، حتى لقد عدّوا البحث في تفسيره ضربا من الخرق في الدين..

وكان عمر بن الخطاب يكره البحث في غوامض الآيات القرآنية حتى أنه ضرب رجلا كان يسأل عن متشابه القرآن حتى أدمى رأسه وأمر أن لايجالسه أحد من المسلمين..

ويقول  المستشرق غولدتسهير اعتمادا على بعض المصادر العربية وغيرها من المصادر:  نظر الأتقياء في عصر بني أمية الى التفسير مثل هذه النظرة ، وكان شقيق بن سلم الأسدي وقد كان معاصرا للحجاج إذا سئل عن شيء من القرآن قال:

 " قد أصاب الله الذي به أراد " يعني أنه لا يريد أن يبحث عن المعنى .

وقد سُئل عبيدة بن قيس الكوفي المتوفي 72هجرية وهو من أصحاب ابن مسعود عن سبب نزول بعض آيات القرآن فقال:

عليك باتقاء الله والسداد فقد ذهب الذين كانوا يعلمون فيما أنزل القرآن..

وفي هذا العصر حكي أن رجلا طلب الى سعيد بن جبير المتوفي95 هجرية والذي قتله الحجاج أن يفسر له آيات القرآن فقال له:

لأن تقع بعض جوانبي خير لي من ذلك.

وقيل أن الأصمعي اللغوي المعروف المتوف 216هجرية كان ورَعاً منه وخشيةً لا يفسر القرآن.

وقد روّي عن أحمد بن حنبل هذه الكلمة في تفسيرالقرآن:

 ثلاثة أشياء لا أصل لها " التفسير والملاحم والمغازي "....

وعلى الرغم من تخوف الأتقياء من تفسير القرآن فقد روي عن كثير من الصحابة وعلماء المسلمين أنهم فسروا القرآن، فهذا عبد الله بن عباس قال فيه تلميذه مجاهد أنه إذا فسّر شيئا من القرآن رأيت عليه النور!

لقد اتجه المفسرون في تفسير القرآن اتجاهين يعرف أولهما باسم التفسير بالمأثور وهو ما أثر عن الرسول وكبار الصحابة ويعرف ثانيهما باسم التفسير بالرأي وهو ما كان يعتمد على العقل أكثر من اعتماده على النقل..

 على أن النوع الأول من التفسير وهوالتفسير بالماثور قد اتسع على مّر الزمن بما أدخل عليه من آراء أهل الكتاب الذين دخلوا في الإسلام والذين كانت لهم آراء أخذوها من التوراة والإنجيل.

مثل كعب الأحبار اليهودي وعبد الله بن سلام وابن جريج وكان إسلام هؤلاء فوق التهمة والكذب ورفعوا الى درجة أهل العلم الموثوق بهم، كما كانوا يتخذون الشعر مرجعا للتفسير في استعمالاته اللغوية وقد أثر عن عبد الله ابن عباس أنه قال اذا تعاجم شيء من القرآن فانظروا في الشعر فإن الشعر عربي، حتى أنه كان يفسر كثيرا من الآيات القرآنية بألفاظ وردت في الشعر الجاهلي....

ولما كان الحديث يشغُل كل عناية المسلمين في صدر الإسلام اعتبر التفسير جزءا من الحديث أو فرعا من فروعه حتى أن التفسير في ذلك العهد كان تفسيرا لآيات مبعثرة غير مرتبة حسب ترتيب السور والآيات، إلا تفسير ابن عباس، ولو أن كثيرين يشّكون في نسبته إليه أما الطريقة المنتظمة في تفسير القرآن فإنها لم تحدث إلا في العصر العباسي..

 ومن أشهر المفسرين:

عبد الله بن عباس

وابن جريج

ومقاتل بن سليمان المتوفي 150هجري وقد تأثر بتفسير التوراة الذي اتخذه عن اليهود حتى أن الإمام أبي حنيفة اتهمه بالكذب

وتفسير محمد بن اسحق الذي أخذ الكثير من آراءه عن اليهودية والنصرانية وعن وهب بن منبه وعن كعب الأحبار على أن هذه التفاسير ضاعت ولم يصل الينا شيء منها إلا عن محمد بن جرير الطبري المتوفي سنة 310هجرية .

عبد الهادي محيسن ... كاتب وباحث  

 

الوسوم