بيروت | Clouds 28.7 c

تذكرون محمد لمع.. والان مع معروف سويد/ صيف العام 1990

مجلة الشراع 14 نيسان 2021

 

هذه المقالة كتبها الظريف الأستاذ معروف سويد، في مجلة الشراع في زاوية" والان مع معروف سويد" في صيف العام 1990 اعيد نشرها اليوم بعدما مضى على كتابتها 31 عاما لما فيها من طرافة ولما تحتويه من خفة دم لدى الأستاذ معروف سويد رحمة الله عليه:

تذكرون محمد لمع، تذكرونه ولا شك، فابو فادي رجل أعمال، وهو أيضا رجل فكر وثقافة اضف الى ذلك رقة الطبع على صافي المودة ومن بين الصفوة في شلة " الشراع ".

وبما ان الشيء بالشيء يذكر اقول لكم،

انه لاحظ حيرتي حين انفت تمثيل وزير العمل في مؤتمر جنيف، فذهب بي إلى الرئيس عدنان القصار رئيس غرفة التجارة والصناعة ببيروت... وتحديد الرجل ببيروت يدخل ضمن الجزء بالكل في أبواب البديع والبيان، فهو يشبه" بابا" روما يقيم في الفاتيكان، وينتشر ظله في كل مكان. والا كيف يفسر الانسان حضور القصار ،في كل دار من دور غرف التجارة المنشورة في أغلب أرجاء المعمورة، ولو لم يكن عصر الحريري بلبنان لعشنا زمن عدنان القصار ..

مختصر الحكاية التي رويت من قبل بعضها،ونستكمل اليوم بعضها الآخر، أن الرئيس عدنان قال لصاحبنا ابي فادي:

- وَلوْ، وهي تقرأ  احيانا" ولُو" ب " توصينا " بالاستاذ معروف؟ هيدا   بـ " القلب " توكل على الله وسجله بين وفد أصحاب العمل .

تريدون الحق. ارتحت.فقد ضجرت من وزارة العمل ،التي ثلاثة ارباعها هموم عمال وتظاهرات واضرابات، وربعها الباقي يدخل فيك بلا استئذان ولا يخرج منك بالمجان. ارتحت، وتذكرت صاحبنا الخليجي الذي كان وزيراً للعمل ،فلما نقلوه وعينوه وزيرا للتجارة وعاين ما فيها من مفاتن وبهارج وقف على شرفة وزارته الجديدة وأطل على وزارته القديمة في المبنى المقابل، وشخر ونخر وضربها ب" ستين" صرمة قديمة. طبعا لم اصل إلى درجة وزير بين وزارة ووزارة لذلك تخيلت نفسي مثل صاحبنا بنايوتي اليوناني الذي ماتت زوجته " انجليكا" فراح يندب ويلطم ويبكي حتى كاد يهلك، وأخيرا تدبر له اهله فتاة نضرة فتية، ناعمة متوحشة اسمها "سوكا" ..فإذا به في صباح ليلة الدخلة يتناول صورة المرحومة " انجليكا" ويرميها من الشباك.

دفعنا الفين .. بخُف حنين

قلت في نفسي وانا في جنيف، وبالتحديد في الاسبوع الاول من حزيران/ يونيو1990" والله يا معروف" قبرت الفقر. وقررت دخول عالم رجال الأعمال من ابوابها،باب السيجار اولا،ثم باب ماستر كارت وأميركان اكسبرس،ومن ابوابها ان تقيم حفل غداء على شرف الرئيس عدنان القصار فور وصوله إلى جنيف، وأن شاء الله ما "حدا يحوّش" وبما أن الاتفاق ان يصل يوم 18 منه،فقد دعوت حوالي عشرين وزيرا ومثل عددهم رجال أعمال. ولكن المحتفى  به لم يحضر فأكلوا على حسابي وشربوا واستمعوا إلى نكاتي وطربوا، وبعدما دفعت المقسوم انكشف لي المكتوم وهو أن زميلنا مروان نصر لعب بمواعيد الرئيس ولم يخبرني، مع انه حضر غداءنا اكل معنا و" اكلناها"وكانت خسارة في خسارة ذهب بعدها مروان بكل خفة وشطارة،ومعه الطعم والصنارة.  وكان مجموع ما دفعته نقدا وعدا الفي دولار " ابو صورة" في الوسط دولارا ينطح دولارا وكل الدولارات تنطحني.. وانا انطح حظي.

وبعد،

فقد ذكرت خفايا قصة لا يعرفها إلا من علم بها، والآن اكشف لكم عن باقيها.ففي 22 من الشهر نفسه، وصل الرئيس عدنان فأولم مروان على شرف القصار غداء حضره عشرة انفار..  وكان الاعتذار لقلة العدد، ان المؤتمر انتهى وتبدد وان هؤلاء هم البقية.. أما الألفي دولار التي دفعتها.. فالبقية بحياتك.. وعظم الله اجر ابي فادي ويسلم راسه،الذي رحت ازوره في فندق "انتركونتيننتال" فإذا برجل الاستقبال يعود بي إلى جمع من رجال الدلاي  لاما ليس فيهم من فوق رأسه  "شعرة" فلو داس الواحد منهم على قشرة موز ووقع على رأسه أرضا لتزحلق مرة ثانية. والحمدلله اني هربت في الوقت المناسب والا لكانوا حلقوا لي وخرجت من عندهم برأس اقرع بعدما دخلت بشعر يلمع.. وكل هذا لان إدارة الفندق كتبت بالفرنجي "لمع" فصار LAMA وخلاصة القول انك يا ابن آدم يا معروف.. عليك ان تفهم انه لا يستوي انسان الا كما خلقه الله، وشاء له، فلو ساح حتى "ساح"  فسوف يظل على طبيعته المطبوعة ،ولن تبدل فيها طبائع مصنوعةوبأوضح مما هو أوضح..  لا يمكن ان تكون ببلاهة موظف وذكاء صاحب عمل وحزن عامل ثلاثة في واحد ، حتى جمهوريتك يذهب في آخر النهار او الليل رؤساؤها الثلاثة فيلتمس كل واحد بعض راحته فيندس في فراشه ويضع رأسه فوق وسادته، على الأقل لتنعم الجمهورية بقليل من الحرية.

وبعد،

 ففي هذه القصة وهي عن جنيف. حقق مروان نصر، نصرين، وقبض الالفين، وفوقها ضعفين، وعدت انا بخفي حنين..

وبعد اربعة أعوام ها انا الآن مع الرئيس عدنان من بيروت حتى عُمان.. فماذا كان؟ كل ما رجوته ان يخرجني من قلبه ويضعني في جيبه فلا أكون مع أخينا مروان كما قال الشاعر علي بن محمد السنان:

الا رب باغ حاجة لا ينالها

وآخر قد تقضى له وهو آيس

يحاولها هذا وتُعطى.. لغيره

وتأتي الذي تقضى له وهو جالس

الوسوم