بيروت | Clouds 28.7 c

بين الإنشائية والإعلانية ضاع لبنان، لبنان يجوع، لبنان يشقى، لبنان ينهار، لبنان يحترق.. لبنان يتمزق / بقلم السيد صادق الموسوي

مجلة الشراع 23 آذار 2021

 

والخلاف مستحكم بين رئيس حكومة يريد أن يرأس وزراءه وبين رئيس جمهورية يريد أن يرأس هو مجلس الوزراء ويجلس رئيس الحكومة ديكوراً إلى جانبه..

 فرئيس الحكومة بعد اتفاق الطائف هو المشرف على وزرائه والمسؤول عن سلوكياتهم..

ورئيس الجمهورية يحضر فيرأس شكلياً من دون أن يحق له المشاركة في التصويت، ورئيس الجمهورية في الدستور الجديد مُلزم بإعلان من تقترحه أكثرية النواب رئيساً للحكومة  من دون حق الإعتراض، ورئيس الجمهورية يجب عليه التوقيع على مقررات مجلس النواب خلال 15 يوماً وإلاّ تصبح نافذة.

أمام هذه الصلاحيات الهامشية والبروتوكولية لرئيس الجمهورية اللبنانية حسب الدستور الذي أقسم على الوفاء به ميشال عون كيف يمكنه التدخل في تشكيل الحكومة وفرض صيغة تناسبه ورفض أخرى لا توافق مزاجه..

 خاصة،

 وأن البلد يتخبط في أزمات كل واحدة منها تكفي ليضع المعنيون خلافاتهم جانباً ويوحدوا جهودهم لمساعدة المواطنين، هذا إذا كان المعنيون معنيين بمصلحة اللبنانيين..

لكن،

الحقيقة الساطعة تبين أن ميشال عون رئيس الجمهورية اليوم هو نفسه رئيس الحكومة المؤقتة في العام 1988 التي قّسمت شرعية لبنان...

 وهو ميشال عون قائد الجيش الذي قصف عاصمة بلده بالقذائف المدفعية..

وهو ميشال عون الذي تسبب في انقسام مؤسسة الجيش اللبناني...

وهو ميشال عون الذي حارب من جاؤوا به عنوة إلى سدّة الحكم..

وميشال عون هو من حاول إلغاء منافسيه في مناطق حضوره فلم يبقَ له من " الشرقية " سوى محيط " قصر بعبدا "..

ونكتفي بهذا القدر من مناقب رئيس الجمهورية المتشبث بالكرسي ميشال عون الذي في مناصبه كلها كان يتمسك بها حتى يتمّ إخراجه منها وتنحيته عنها عنوة وبالإكراه!

وهو لم يشفق يوماً على حال الشعب!

ولم يفكر أبداً في مصلحة البلاد؛ فتاريخه حافل بالتقلبات في المواقف والنكث بالعهود والغدر بالحلفاء!

واليوم،

 كما في السّابق يفسّر ميشال عون الدستور على هواه ليفرض سلطانه على البلاد..

 ويعطي لنفسه صلاحيات نزعها منه الدستور الجديد الذي كان أعلن رفضه الإقرار بشرعية النواب الذين أقرّوه..

وحاول بكل جهده ليمنعهم من مغادرة البلاد..

وقصف مطار بيروت الدولي كي لا يتمكنوا من السفر والإجتماع خارجه..

 وهو الذي كان قد منع هؤلاء النواب أنفسهم من الإجتماع في قصر منصور لما أحسّ بأنهم سيختارون غيره.

إن الذي أعلن رفضه للدستور حين إقراره أقسم اليمين على الوفاء به فيما بعد وتعهد الإلتزام بتنفيذ مندرجاته، وإن الذي كان يقرّ بشرعية النواب الممددين لأنفسهم إذا اختاروه أعلن عدم شرعيتهم فيما بعد لما تصرفوا على غير مزاجه، وإن الذي ادعى الشرعية الدستورية في حين لم يكن معه في حكومته الإنتقالية أي وزير مسلم، وتقاسم هو واثنان فقط من ضبّاط عسكره المؤتمرين بأوامره كل مهام الوزراء في البلاد.

إن سفينة العهد مثقوبة،

وإن الأمل بنجاتها معدوم،

 فلا تضعوا فيه آمالكم، ولا تبنوا على كيانه المهترئ أحلامكم، ولا تضحّوا بمبادئكم السامية لأجل من لا يرى غير مصالحه الضيقة، فإن أمامكم ( يوم الفصل، يوم لا يُغني  مولىً عن مولىً شيئاً ) حيث يأخذ الله فيه من الظالم حق المظلوم، ويحاسب الحَكَم العدل على كل صغيرة وكبيرة، فإن كان أحدنا في الدنيا للمظلومين عوناً وللظالمين خصماً نال رضى الله وتنعم في جنانه، وإن كان قد داهن أعداء ربّ العالمين وواطأ أخصام شريعة خاتم النبيين ووافق القوم الظالمين وساند الناهبين لحقوق الفقراء والمساكين، وأيّد كيان الحكام الجائرين، أكبه الله على منخره في جهنم خالدين، ولا تناله شفاعة الشافعين.

الوسوم