بيروت | Clouds 28.7 c

الاديب الشاعر يغادر انه بلال شرارة / بقلم حسن صبرا

مجلة الشراع 23 آذار 2021

 

ربما مضت ثلاثة عقود لم اعد التقي فيها بلال، لكن لقاءاتنا السابقة هذه المدة الطويلة ما زالت تمدني بحبال الود نحوه وهو المؤدب الساخر العروبي من فلسطين العاملي في بنت جبيل وانا انتمي الى احدى قرى قضائها حداثا..

كنت معجباً بهدوءه وثقافته الادبية وقلت له مرة في مكتبي وكنا نلتقي فيه دائماً:

بلال هل تعلم ان كلمة شرارة هي صفة وليست اسماً ؟

 فنظر لي  مستفسراً يحضني على المتابعة فزدت:

الشرارة هي وسيلة إشعال ضوء او توفير حرارة ، وانتم آل شرارة مميزون في المجال الادبي والفكري والشعر ولا شك ان شرارة هي اشارة الى إشعال نار في هذه المجالات حتى تحضر تلك الشخصيات المميزة في مجالكم.. انظر الى الشاعر موسى الزين شرارة الذي شكل مع عبد الحسين العبد الله ظاهرة ثقافية عاملية لا تتكرر

.. انظر الى عبد اللطيف شرارة واضع روح العروبة ومفكرها المبدع في طروحاته المتواضع الخلوق

وها انت يا بلال من جيل يقدم الادب والشعر الرجل المهذب والشاعر المميز واصف شرارة

هذا التوصيف في اسم العائلة لم يأت عبثاً

كان بلال يحرص في كل زيارة لي على بحث وضع مجلة العواصف التي اشترت حركة امل امتيازها وكلف بلال برئاسة تحريرها وكانت تصدر اسبوعياً قبل ان يقرر رئيس الحركة المحامي نبيه بري ايقافها لسببين:

الاول هو تكاليفها العالية

والثاني هو انه لا يريد ان يواجه مشاكل سياسية عديدة قد تدفعه اليها مقالات واخبار العواصف اذا ارادت ان تكون ذات شأن في الساحة الاعلامية..

قبل هذا كان بلال رحمه الله يطلب مني دائماً دفع الاستاذ بري لدعم العواصف بالمال والمعلومات السياسية وفتح المجال امامه وامامها لعلاقات سياسية مع قوى مختلفة في البلاد

كنت في وقتها التقي مع المحامي ثم الوزير نبيه بري في مكتبه في بربور وكنت احمل امانة بلال الى رئيسه طالبا من بري دعمه وكررت هذا كثيراً حتى ان الرجل اللماح قال لي مرة وقد اصبحنا عند باب مكتبه مغادراً:

يا استاذ حسن قبل ما تحكي بالعواصف احكيني بالشراع .. ولا مرة جبت سيرتها معي .. ليستطرد: على كل حال إن شاء الله ما بيكون بلال الا مبسوط

  لا يدري الانسان كيف يمرّ زمانه .. يمشي تسحبه السنون الى اقدار يظن نفسه متحكماً فيها فإذا العمر يمضي يغادر ناساً ويلتقي آخرين.. فلا الذين يلتقيهم خططوا للقاء ولا الذين غادرهم سقطوا من الذاكرة الى ان نفاجأ بالقدر يأخذهم بعيداً وفي الظن اننا جميعاً نتحكم بهذا الزمن الذي نراه ملعباً مترامي المسافات ننتشر فيه ولا بد ملتقون .. وكم نبتعد ويبتعدون حتى نراه خبراً نعياً نقرأه فإذا القراءةانعاشاً لذاكرة تطوي الناس والاحداث كطي السجل في الكتب

 الى رحمة الله يابلال اديباً شاعراً انساناً

حسن صبرا

الشراع في 23/3/2021

الوسوم