بيروت | Clouds 28.7 c

خاص – "الشراع" /  هل صدرت "كلمة السر" الدولية التي يحتاجها لبنان؟

مجلة الشراع 21 آذار 2021

 

هل صدرت كلمة السر الدولية ازاء ما سيكون عليه الوضع في لبنان في المرحلة الحالية وما سيتبعها من مراحل؟

السؤال مطروح بقوة اليوم  بعد الاجواء الجديدة التي دخلتها البلاد، وما تشير اليه بالنسبة لوجود قوة دفع لتشكيل الحكومة الجديدة التي طال انتظارها.

كلمة السر الدولية عنوانها،

 فرنسي

 كما يتضح من خلال  عودة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون للتحدث صراحة عن الوضع في لبنان وخطورته واولوية تشكيل حكومة تبدأ العمل ولو باسلوب الخطوة خطوة في عملية الانقاذ وتجنيب بلاد الارز الانهيار الكامل والتام والفوضى الجارفة في كل المجالات والميادين.

هذه العودة  الفرنسية وعلى أعلى مستوى تأتي بعد الخيبات التي مني بها ماكرون لبنانياً ، خصوصاً وانه كان يأمل ان يتم الافادة من المبادرة الفرنسية التي اطلقها بعد انفجار الرابع من اب – اغسطس الماضي عندما زار لبنان مرتين واصطدم بالواقع السياسي اللبناني وتعقيداته ، من جراء اداء حكامه وطبقته السياسية بمختلف اطيافها سواء المشاركة في السلطة او الرافعة لشعارات المعارضة.

واذا صح الحديث عن مهلة ايام حددها ماكرون للسياسيين في لبنان من اجل وقف مسلسل التنازع على تشكيل الحكومة من خلال الشروط والشروط المضادة، فان هذا الامر يعني ان ولادة قريبة للحكومة قد تتم بعد تخلي من يعطل عما يصر عليه والمقصود هنا فريق ميشال عون وجبران باسيل الذي كان حتى امس قريب يتشبث بالحصول على الثلث المعطل وكذلك الحصول على حقيبة الداخلية لغايات باتت معروفة وتتعلق بالانتخابات البلدية والاختيارية المقبلة وبعدها الانتخابات الرئاسية ، مع ما تعنيه هذه الوزارة له وهي التي يصبح من يشغلها  حاكم لبنان الاداري وصاحب صلاحيات واسعة في التحكم بمسارات داخلية شتى .

ما طرحه ماكرون هذه المرة والمهلة التي حددها، تختلف عن المهل السابقة التي كان حددها سواء لدى اختيار الرئيس المكلف مصطفى اديب او بعدها لدى تكليف الرئيس الحريري بمهمة تشكيل الحكومة.

فبمجرد انتهاء المهلة،

سيعمد ماكرون وفق معلومات خاصة بـ"الشراع" الى العمل على فرض عقوبات ليست فرنسية فحسب بل اوروبية ودولية تشمل كل حلفائه على من يتسبب بتأخير تشكيل الحكومة .

وعلى رأس قائمة من ستشملهم العقوبات:

 جبران باسيل،

 الذي تتهمه باريس وفقاً لما خلصت اليه من خلال الاتصالات الاخيرة التي يتولاها المسؤولون الفرنسيون المكلفون بمتابعة ملف لبنان بانه وراء تعطيل الحكومة حتى الان ، وبانه يتحرك بموجب أجندة لا هم له من خلال العمل على تنفيذها الا محاولة استعادة ما خسره شعبياً وايضا محاولة  الوصول الى كرسي الرئاسة الاولى خلفا لعمه ميشال عون سواء لدى انتهاء ولاية الاخيرة بعد نحو سنة ونصف او قبل ذلك.

والتلويح بالعقوبات يبدو انه فعل فعله على هذا الصعيد ، وهناك مهلة محددة يشير بعض التسريبات غير المؤكدة بعد الى انها ستنتهي في الخامس والعشرين من الشهر الجاري. وهو امر لا يمكن التأكد منه الا عند حلول الموعد المحدد انفاً، الا ان ما يمكن توكيده في هذا المجال هو ان العقوبات التي يلوح بها الفرنسيون لن تقتصر على باسيل وحده من دون توافر تفاصيل وفق المعلومات حول اسماء الشخصيات والقوى التي ستشملها العقوبات المشار اليها.

ولكن السؤال المطروح هو:

ماذا تغير الان في هذا السياق لضمان ان تكون الاندفاعة الفرنسية الحالية باتجاه حث الاطراف اللبنانية على تشكيل حكومة، مختلفة عن الاندفاعة السابقة لباريس والتي انتهت الى فشل ذريع ونقمة كبيرة من ماكرون وكبار مساعديه وبينهم وزير الخارجية جان ايف لودريان على الطبقة السياسية اللبنانية بكل اطيافها..؟

ما تغير حسب ما تقوله مصادر واسعة الاطلاع هو:

 ان المناخات الدولية والاقليمية التي تتحرك من ضمنها باريس اليوم مختلفة عما كانت عليه سابقاً وتحديداً خلال ولاية الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب.

ولهذا السبب ترى المصادر نفسها ان التفويض الممنوح من واشنطن اليوم في ظل ادارة جو بايدن لباريس في مجال مبادرتها حيال لبنان، ليس صورياً كما كان في عهد سلفه الذي تولت ادارته في المرحلة الماضية وضع عراقيل امام تشكيل حكومة برئاسة السفير مصطفى اديب سواء من خلال الدفعة الاولى من العقوبات التي اصدرتها وطالت يومها النائب علي حسن خليل والوزير السابق يوسف فنيانوس ومن خلال الدفعة الثانية التي تركزت على النائب جبران باسيل.

ومعنى ذلك ان باريس مطمئنة حتى الان على الاقل الى ان الولايات المتحدة لن تلجأ الى استخدام السلاح نفسه او اي وسيلة اخرى من اجل وضع العراقيل امام تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة سعد الحريري في حال جرى التوافق بينه وبين ميشال عون عليها بعد تخلي الاخير عن شروطه التي بات القاصي والداني متأكدا من انها عطلت ولادة التشكيلة الحكومية وابرزها الاصرار على الحصول على الثلث المعطل وحقيبة الداخلية.

وحسب المصادر نفسها،

 فان هذا يمكن ان يكون له عدة تفسيرات الا ان اهمها هو ان واشنطن قد لا تؤيد الحكومة الجديدة اذا شكلت الا انها لن تعطل تشكيلها، وان موقفها منها رهن بادائها وتموضعها في المرحلة القريبة المقبلة ،وإن كان يتم تمويه ذلك بالكلام عن التزامها السير بخطة اصلاح مطلوبة دولياً واقليمياً من لبنان، مفتاحها التفاوض مع صندوق النقد الدولي وتنفيذ كل ما هو لازم من خطوات لاقناع العالم القريب والبعيد بجدية السير في خطوات الاصلاح من اجل الحصول على المساعدات الدولية والعربية اللازمة التي يمكن من خلالها اخراج لبنان من نفق الانهيار في شتى الصعد وفي مختلف المجالات.

هذه الاجواء جاءت انعكاساً للقاءات تعقد منذ فترة بين فريق اميركي – فرنسي تم تشكيله حسب المعلومات بعد تولي بايدن الرئاسة الاميركية والاتصال المطول الذي حصل بينه وبين ماكرون. وهذه اللقاءات للفريق المشار اليه يتم البحث فيها بمختلف المواضيع والملفات على مستوى العلاقة الثنائية بين واشنطن وباريس وعلى مستوى العلاقة بين الولايات المتحدة مع حلفائها في اوروبا والاطلسي والعالم ،اضافة الى البحث في الملفات والقضايا الاخرى وبينها ملف الاتفاق النووي مع ايران و ملفات اخرى تتعلق  بصراعات ازمات وحروب مشتعلة  .

ومن بين كل هذه القضايا والملفات والمواضيع لم يغب لبنان عن النقاشات،

 وبطلب فرنسي يعبر حسب مصادر متابعة عن وجود مصلحة لدى المجتمع الدولي للحؤول دون انهيار بلاد الارز تجنباً لموجات هجرة لعشرات ان لم نقل مئات الاف اللبنانيين والسوريين  يخشى تدفقها الى سواحل اوروبا ، وحرصاً على حماية ما تبقى على صعيد الوجود المسيحي في منطقة المشرق بعد عمليات التهجير القاسية التي شهدها في العراق وسورية اضافة الى اسباب اخرى بعضها  غير واضح حتى الان بكل معالمه من نوع الثروات الموجودة على ارضه وفي مياهه وبعضها معروف من نوع وظيفة لبنان كمنصة يمكن من خلالها متابعة تفاصيل الكثير مما يدور في المنطقة ولاسيما في المجال الاستخباري.

لا يمكن من خلال ماورد الجزم بان ثمة كلمة سر دولية بشأن بدء الحل او التسوية في لبنان قد صدرت او انها بصدد التبلور للظهور قريباً بشكل اوضح ، خصوصاً وان لبنان مثله مثل دول المنطقة يعيش حالياً في مرحلة انتقالية سيتم بموجبها تحديد مسارات ازمات وصراعات عديدة وما يمكن ان يتم الوصول اليه بموجبها سواء بالنسبة للحلول المرتجاة لها وما سيسفرعنها من معادلات حكم وسلطة ونفوذ في اكثر من دولة او بالنسبة لاستمرار هذه الازمات والصراعات والحروب من دون افق قريب لانهائها.

وسط هذه الاجواء ،فان لبنان قد يكون امام فرصة اليوم من اجل تمرير المرحلة الانتقالية المشار اليها والتي تشهدها المنطقة ،باقل الاضرار الممكنة.

تمريرها بشكل يضمن الوصول الى الحفاظ على الحد الادنى من الاستقرار وتجنب الانفجار الاجتماعي ووقف الانهيار والحؤول دون شيوع فوضى عارمة في ربوعه.

ولذلك،

فان الكرة الان في ملعب عون والحريري..

 ولاسيما في ملعب رئيس الجمهورية الذي يمكن من خلال تخليه عن شروطه غير القابلة للتحقيق او للقبول بها من قبل العدد الاكبر من الاطراف التقدم خطوات باتجاه اخراج لبنان من جهنم التي بدأ اللبنانيون يلسعون بحمم نارها.

الوسوم