بيروت | Clouds 28.7 c

اي بشر انتم؟  / بقلم حسن صبرا

مجلة الشراع 16 شباط 2021

لم تمض ساعات على تلقي الفنان صلاح تيزاني ( أبو سليم ) لقاحه ضد كورونا حتى اطلق خبثاء اشاعة ضده بأنه توفي نتيجة اللقاح

 نعم هي ليست المرة الاولى التي تلاحق الفنان الكبير اشاعة وفاته ، لكنها جاءت هذه المرة  رداً على موقف التحدي الذي اتخذه الفنان الشجاع حين كان من اوائل الذين تقدموا للحصول على اللقاح المنتظر ، لكأن الذين اطلقوا الخبث في التوقيت ارادوا الانتقام منه لأنه تلقى اللقاح وشجع الناس على تلقيه

 نحن امام امرين في غاية السوء :

 الاول ان الخبثاء اللا انسانيين يتحدون ارادة الله بتمويت انسان كبير له حقه في الحياة كما هم كما اهاليهم كما اولادهم كما اخوتهم واخوانهم وفي البداية وفي النهاية فإن الله هو الذي يحيى ويميت وانهم واهاليهم ومن يحبون وحتى من يكرهون وكل من على هذا الكوكب لا يملكون من امور انفسهم حياة او موتاً فلماذا هذا التحدي لإرادة الله ، غير ان الله هو صاحب الامر فيهم كما في غيرهم

ثم ان التسلية بنشر وبخ اخبار عن انسان تصل الى حد اعلان وفاته وهو على قيد الحياة فهذا امر لا انساني ولا اخلاقي ، وهل يرضى احدهم ان يقرأ والد اياً منهم او والدته او محبيه او اولاده انه توفي وهو مثلاً خارج منزله واهله لا يعلمون امراً عنه غير ان يقراوا انه توفي ولا يكون الخبر سوى اشاعة لا اخلاقية ؟ هل يدركون كيف يكون اثر الاشاعة عليهم ؟

اما عن استهداف ابو سليم الذي كان كفنان حامل البهجة للملايين على مدى اكثر من ستين عاماً فهو تعد على مشاعر ابائهم وربما اجدادهم وامهاتهم واخواتهم واخوانهم الذين كانوا ينتظرون ان يطل عليهم ابو سليم من على الشاشة الصغيرة مرة في الاسبوع حيث كانت تجتمع العائلات ليمضوا سهرة الاسبوع تغمرهم الفرحة ويعيشون السعادة في زمن جميل كان فيه الصغار يحملونها طيلة الفترة بين الحلقة والاخرى

الى بعض استذكاراً لمواقف رسمها ابو سليم على ألسنةجميل واسعد وامين والمميز فهمان وابو الشباب وكوستي( هل يذكره الكبار ) ودرباس وآخر ين ..  يرويها المشاهدون لبعضهم في مباريات لا تنتهي في حفظ المواقف المضحكة

   صحيح ان حلقات ابو سليم في الحوارات وفي الاداء لم تكن تخضع لتقييم فني او نقد تمثيلي او معايير سينمائية دقيقة ... لكن الاقبال الجماهيري عليها ( كما على برنامج يسعد مساكم المعروف ببرنامج ابو ملحم الهادف والراسخ ايضاً في اذهان واحلام ووجدان الملايين) كان هو المقياس في ازمان البراءة والمحبة والبهجة المجانية تعويضاً انسانياً عن تعب الاسبوع بين الحلقة والاخرى للمرأة المتعبة والرجل الذي يشقى والذي لا يملك جهازاً في منزله فيدعوه الجار او القريب او الاخ او الاخت ليتشاركوا البهجة مع ابو سليم وفرقته مع اطباق البزر والقضامي وزجاجة المرطبات او كأس الشاي او عصائر مختلفة ولفافات الجبنة واللبنة والزيتون او السكر بالماء ..

  ان هذا الذي يبث الاشاعة عن وفاة ابو سليم الانسان هو على الارجح لا احساس عنده ولا اخلاق وربما لا اهل له لا اب ولا ام او لا جد له ولاكبير عنده

لقد واجه الفنان فريد شوقي في حياته هذه الاشاعة ونفاها عندما جاء الاعلام الى بيته وداعبه بقوله

: هما مش قايلين التعازي حتكون فين عشان اقوم بالواجب !!

والفنان العظيم عادل امام ما زال يواجه هذه الاشاعات كل فترة بضحكة ويرد عليها بنكتة مماثلة بقوله:

هما مستعجلين علي ليه انا ما بكلش عيش من درب حد !!

  كم احببناك يا ابو سليم ، وكم نتعلق بزمانك الجميل وهو زمان طفولتنا وصبانا واجمل العمر معك واخوانك فناني الزمن البريء

نآسف يا ابو سليم على سفهاء عصر ما عاد عصرك ونحن بالملايين ندين لك ولرفاقك لأن البهجة التي ادخلتها الى نفوسنا ما زالت زاداً فيها في الوفاء وفي المشاعر الانسانية التي تميزنا كبشر

 

محبك وحبيبك حسن صبرا

الشراع 16/02/2021

الوسوم