بيروت | Clouds 28.7 c

رولاند قطان صديقي ابن فلسطين / بقلم حسن صبرا

مجلة الشراع 25 كانون الثاني 2021

بدأت صداقتي مع ابو جهاد منذ العام 1975 والى ان رحل في وداع عام 2020 ما كنت اعلم ان هذا الانسان الرقيق خفيف الظل المطلع المحب للموسيقى الناصري كان فدائياً في اغوار الاردن في بدايات العمل الفدائي ..

انه رولاند قطان 

غيابه جاء كأنه سر وحضوره طيف جميل تريده ان يستمر وهو صاحب النكتة والتعليق المعبر، لا تسمع منه العيب ولا في سلوكه ما يشين..

لن انسى يوم صدر العدد الاول من نشرة القومي العربي الناطقة بإسم الإتحادالاشتراكي العربي في 12/5/1976

وقد امضيت نهاره حتى آخر ليله في مطبعة الامل في شارع مواز لكورنيش المزرعة جهة الجنوب حين كان الصديق القديم فواز بشارة يركب احرف النشرة حرفاً حرفاً وكانت القذائف تصفر قبل انفجارها قريبة وبعيدة في يوم انتخاب الياس سركيس رئيساً للجمهورية قبل ان تنتهي ولاية سليمان فرنجية في 23/9/1976, حملت كمية من العدد الاول اثقلت ساعدي الاثنين قاصداً الرجل الذي اعتبرته مستحقاً أولاً للاطلاع على القومي العربي وكان يقطن في مبنى مطل على كورنيش المزرعة عند تقاطع الكولا ويشغل جزءاً من مدخله محل بيع الزهور ليلا فلورا..

كانت الساعة تجاوزت الواحة فجراً عندما وصلت سطيحة المبنى (الروف)

قرعت جرس الباب وانتظرت واعدت الكرة مرتين بعدها والصمت كامل بعد كل رنين الى ان سمعت ما يسمى خرطشة سلاح واسمع من خلف الباب من يهتف بقوة: مين؟

قلت: ابو جهاد انا حسن صبرا، فتحركت عدة أقفال ليفتح الباب وهو في ثياب النوم وانا اقدم له العدد الاول العدد الاول من القومي العربي فخوراً..

وما ادركت عبث ما قمت به في تلك اللحظة الا متأخراً وكنت قبلها مبهوراً بما اعتبرته انجازاً

لماذا ابو جهاد ؟

انه زميل وصديق ورفيق الحبيب الآخر الفنان والكاتب كميل حوا وكنا نلتقي دائماً عند كميل في المنارة في بيته متحفه صومعته المطلة على حديقة السفارة السعودية في المنطقة ..

كميل حوا علمني اسلوب الكتابة ورولاند قطان كان يتولى تهدأتي في اندفاعاتي واحكامي القطعية، وكانت كل جلسة معه خليطاً من السياسة والنصائح والطرائف التي تنتزع الضحكات من صدور الجميع ومعظمها بحضور عقيلته السيدة الفاضلة ناجية سعيد سيدة الضيافة الانيقة والكريمة.

ولعل اليوم الذي لا انساه في مسائه وكنت عائداً من المنطقة الرابعة حيث دارت معارك حول فنادق الهوليداي إن وما حولها وكنت متأثراً جداً بما حصل فيها...  ولم التفت الى الفنان كميل حوا رسم لي صورة معبرة عن طبيعة ملامحي وانا اتحدث..

 وعندما شاهدها رولاند بعد فترة قال لكميل بطريقته المعهودة: يا اخو الديانة! يعني لازم انزل على المعارك عشان ترسمني زي هاي الصورة؟

تعرفت في منزل ابو جهاد على طارق متري ونقولا تويني، وفي منزله التقيت المناضل الفلسطيني د. سعيد حمود وكان من قيادات العمل الفلسطيني السياسي والدبلوماسي وهو شقيق السيدة ناجية رحمه الله ورحم شقيقه ماهر خفيف الظل سريع البديهة..

رولاند قطان قطعة مهمة ومفصلية من حياتي المهنية والسياسية غاب بهدوء كما كانت سيرته عطرة تشمها مع كل نسيم حتى لو كنت لا تراه!

حسن صبرا

الشراع في 25/1/2021

الوسوم