بيروت | Clouds 28.7 c

خاص "الشراع" / هل يقدم مجلس النواب على حل معضلة تشكيل الحكومة؟

مجلة الشراع 18 كانون الثاني 2021

 

اكثر من محطة توقف امامها مراقبون للنظر في ما اذا كان يمكن البناء عليها في هذه المرحلة الخطيرة التي تنذر بكوارث أكبر وأخطر واوسع نطاقاً.

وفيما بات معروفا ان الرئيس نبيه بري استقبل الرئيس فؤاد السنيورة في زيارة لافتة في الشكل والمضمون ، فان لقاء المصيطبة في دارة الرئيس تمام سلام والذي ضم الرئيس السنيورة والنائب السابق وليد جنبلاط وشخصيات اخرى جاء في سياق المحاولات السياسية الرامية الى احداث اختراق في جدار الازمة غير المسبوقة التي يعيشها لبنان.

وفي معلومات خاصة ب"الشراع" فان لقاءات اخرى بعضها ثنائي وبعضها الآخر له صفة اوسع عقدت وتعقد ،في ظل الجمود المستحكم بعملية تشكيل الحكومة برئاسة الرئيس سعد الحريري ، ويبقى الاعلان عن هذه اللقاءات الهامة وغير العادية والتي تضم اطرافا من جهات مختلفة ملك اصحابها بانتظار الوقت المناسب لها.

كل اللقاءات المشار اليها كان عنوانها الوحيد هو طريقة الخروج من الازمة ، وتدارك ما ينتظر البلاد من كوارث  لا يوزاي ما مرً منها ما هو مقبل على كافة الصعد والحقول والميادين .

والانطباع العام الذي يمكن استخلاصه من كل ما جرى البحث فيه ، هو ان الازمة مستمرة الى أمد غير منظور أقله حتى انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، وما يمكن ان يليها من فراغ قد يمتد الى زمن يتجاوز ما شهدناه قبل انتخاب عون وكذلك قبل انتخاب سلفه الرئيس ميشال سليمان.

وحتى الآن لم ينتج عن كل هذه اللقاءات ما يشير الى انفراجات ولو جزئية، والطابع العام لهذه اللقاءات هو الحديث عن رئاسة الجمهورية ، وغياب الدور الجامع المولجة بادائه باعتبارها رأس الدولة والمؤسسات والتي تفرض على من يتولاها ان  يعمل على لم شمل اللبنانيين ولا يكون وفق الاتهامات الموجهة اليه طرفاً ، او صاحب مشروع تأمين وصول صهره الى الرئاسة وفقاً لما اعلن غير مرة.

ومع ان البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي لم ييأس من محاولاته لاعادة وصل ما انقطع من جسور بين عون والحريري ،فان ما بدا واضحاً في عظته الاخيرة التي دعا فيها رئيس الجمهورية الى  اجراء مصالحة مع الرئيس المكلف ،خصوصا بعد الشريط المصور الذي اتهمه بالكذب، هو انه يحمل عون  مسؤولية استمرار الوضع الحالي ويدعوه بشكل واضح وصريح من اجل تجاوز كل ما من شأنه استمرار الوضع الحالي الذي يهدد فعلا بالانزلاق نحو الفوضى والفلتان الشامل .

ويقول مسؤول سابق مستاء للغاية من الطريقة التي تدار بها البلاد من قبل الرئيس ميشال عون: ماذا ينتظر ؟ هل ينتظر المزيد من انهيار الليرة اللبنانية واعلان الافلاس الشامل بعد ان اصبح اللبنانيون بنسبة تتجاوز كل الارقام المعلنة فقراء ، ومتى يتحرك من بيده زمام الامور لمعالجة المشكلة ؟ هل ينتظرون ان نصل الى لحظة لا يعود فيها اي قيمة لراتب او مخصص للجندي او العنصر في قوى الامن فضلا عن الضابط والقاضي والاستاذ  والمدير العام . الا يعرف هؤلاء ان هذا كله هو مجرد مقدمات لوضع لن يكون فيه وجود لعمل الدولة ومؤسساتها ولاسيما عمل الاجهزة الامنية والعسكرية في مواجهة جوع الناس وفقرهم وبما يؤدي الى الانهيارالكامل والشامل.

وحسب المسؤول نفسه فانه يستبعد ان يلبي عون دعوة البطريرك الراعي ، معتبراً ان كل ما يجري من مشاورات بين القوى السياسية هدفه ايجاد البدائل المناسبة في حال استمر الوضع على حاله من الجمود والدوران في حلقة مفرغة.

المسؤول نفسه يعتبر ان الحديث اليوم عن عقد مؤتمر وطني لا واقعي فضلا عن انه غير مطروح، في غياب المناخات الدولية والاقليمية المؤاتية وفي ظل الانقسام الداخلي المتصاعد فضلا عن  تفاقم الازمة الاقتصادية والمالية والسياسية ، والتفشي المجتمعي الخطير لفيروس كوفيد -19  ، ولذلك فان المطلوب اليوم هو البحث عن بديل مناسب ، من اجل العمل ولو في الحد الادنى من اجل حل الخلاف المستعصي بين عون والحريري، في ظل اصرار  الاول على شروطه لتشكيل الحكومة وابرزها الحصول على الثلث المعطل وحقيبتي العدل والداخلية بينما يرفض الرئيس المكلف ذلك كما يرفض الاعتذار الا الرضوخ لمحاولات جبران باسيل ابعاده  .

وبمعزل عن التفسيرات الدستورية لموقف عون بين من يجيزها وبين من يعتبر انها مجرد محاولة لفرض عرف جديد  .

وبمعزل  عن ان الدستور لم يحدد مهلة محددة ينبغي  للرئيس المكلف ان يلتزم بها من اجل تقديم تشكيلته او الاعتذار.

بمعزل عن كل ذلك، فان الخيار الوحيد المتاح حالياً كما يجري العمل حاليا في الاتصالات الجارية هو وضع الية تضمن الذهاب  الى المجلس النيابي والاحتكام الى ما يقرره في هذا المجال كونه المؤسسة الام في البلاد.

وهناك قناعة بدأت بالتبلور وجرى بحثها في اللقاءات المشار اليها كما ورد انفاً ،مفادها ان المجلس النيابي بكتله كلها يمكن ان يقدم البديل اللازم للخروج من الازمة الحالية.

فهذا المجلس هو امتداد للمجلس النيابي الذي انتخب ميشال عون رئيسا للجمهورية ، ولهذا السبب فانه لا يمكن لمن انتخب من هذه المؤسسة ان يرفض الاحتكام اليها لايجاد مخرج من الحائط المسدود الذي وصلت اليه ازمة تشكيل الحكومة.

وهذا المجلس هو الذي سمى سعد الحريري رئيسا مكلفا بتشكيل الحكومة باكثرية 65 نائباً ، وبالتالي فانه لايمكن لمن اختير من هذه المؤسسة ان يرفض الاحتكام اليها ايضا لاستنباط صيغة تضمن تشكيل الحكومة للعمل بالتالي على السير بعملية انقاذ باتت مطلوبة اليوم قبل الغد لا بل امس وقبل اليوم.

ولذلك ، فان كل ما قيل عن ان اللقاءات والمشاورات التي عقدت وتعقد هدفها البحث في سبل تغيير النظام ليس صحيحاً، لان الاهم اليوم هو الافراج عن عملية تشكيل الحكومة وضمان عدم بقائها اسيرة حسابات هذا الفريق او ذلك وخصوصا فريق العهد المتهم بانه  يريد لهذه الحكومة ان تكون استمراراً لهذا العهد بعد انتهاء ولاية عون وانه يرفض اي صيغة تتعارض مع ذلك.

فهل يقدم مجلس النواب على ايجاد البديل المطلوب بما يضمن اخراج البلاد من الحلقة المفرغة التي تدور بها حالياً ؟ وفي حال اقدم على ذلك هل يحتاج الى موافقة مسبقة من فريقي الازمة على تدخله أم يمكنه القيام بذلك  بمعزل عنهما؟

 

الوسوم