بيروت | Clouds 28.7 c

خاص – "الشراع" / باسيل "يلعبها صولد" طمعاً بالرئاسة

مجلة الشراع 16 تشرين الثاني 2020

لم تهدأ بعد عاصفة العقوبات الاميركية ضد رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، بفعل ما أعقبها من ردود وردود على الردود من قبل الاخير والسفيرة الاميركية في لبنان دوروثي شيا ، وايضاً بفعل ما صدر من مواقف التي صدرت تعليقاً عليها ،ولاسيما من قبل امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله .

وكما هو معروف ، فان محور ما حصل ويحصل تناول موضوع العلاقة بين التيار الوطني الحر وحزب الله ، ومستقبل تفاهم مار مخايل بينهما ، والأهم هو ما تم الكشف عنه ويتعلق  بفك  او فرط  التحالف مع حزب الله الذي بات اليوم  حجر الرحى في موقف واشنطن التصعيدي من التيار الحر ومن اطراف اخرى متحالفة مع الحزب او قريبة منه.

 وبالطبع، فان مسألة العقوبات  لا تقتصر  في استهدافاتها على هذا الامر ، كونها جاءت في توقيت غير عادي متزامن مع المشاورات لتشكيل الحكومة وفي الوقت نفسه مع المفاوضات لترسيم الحدود البحرية بين لبنان والكيان الصهيوني .

 وقد ادت العقوبات حتى الآن الى ادخال عملية تشكيل الحكومة في تعقيدات جديدة كما عبّر الرئيس ميشال عون امام الموفد الفرنسي باتريك دوريل، والى اصطدام المفاوضات على الترسيم بحائط مسدود كما بدا حتى الان وظهر في اخر جولة للمفاوضات وهي الرابعة على هذا الصعيد.ولهذا السبب وضعت العقوبات في سياق الضغط الاميركي على عملية تشكيل الحكومة وفي سياق الرفض الاميركي لحقوق لبنان كما عبر عنها وفده  في مفاوضات الترسيم.

الا ان كل ذلك على اهميته ، لايمكن فصله عن القضية الاساسية التي تسببت بالازمة وهي علاقة التيار مع الحزب ، وهي علاقة بات من المؤكد ان واشنطن تريدها مختلفة عما هي عليه اليوم ، خصوصاً في ظل موقع التيار الرسمي من خلال الرئيس عون وكتلته النيابية فضلاً عن تمثيله في اي حكومة وفي الادارات والمؤسسات العامة.

وبالنسبة لهذا الموضوع، هناك اكثر من مقاربة له ، بين مؤيد لموقف باسيل ومتضامن معه ورافض للاملاءات الاميركية وبين من تبنى الخلفيات التي دفعت المسؤولين في ادارة دونالد ترامب  الى ادراج اسم جبران على قائمة العقوبات الاميركية.

المؤيدون او المدافعون عن باسيل ،يرون ا ان تهمة الفساد الموجهة له  في اطار تطبيقات قانون ماغنيتسكي ليست سوى ستار ، مثلها مثل العقوبات على علي حسن خليل ويوسف فنيانوس.

العنوان في كل ما صدر حتى الان من عقوبات وما سيليها في وقت قريب ، هو حزب الله.

ويرى المؤيدون لباسيل ان لبنان الذي يشهد حرباً اميركية ضد حزب الله وهي حرب معلنة من خلال التضييق اقتصادياً على لبنان ، وايصاله الى حافة الانهيار ويراد منها تحقيق هدف واحد ووحيد وهو عزل حزب الله من خلال الآتي:

- إفقار اللبنانيين عموماً  لدفعهم الى تحميل الحزب مسؤولية ما يعيشونه في كل القطاعات والصعد والميادين، سواء على صعيد تأمين لقمة عيشهم او على مستوى ضرب القوة الشرائية لعملتهم الوطنية او في ميادين زعزعة استثماراتهم في الداخل والخارج وكذلك على صعيد حرمانهم من مدخراتهم وجنى اعمارهم في المصارف.وفي هذا السياق فان المطلوب ليس فقط تحريض البيئة الشعبية اللبنانية كلها ضد الحزب ، بل وايضا تحريض البيئة الشعبية المباشرة والحاضنة للحزب ضده.

- عزل لبنان خارجيا من خلال قطع كل جسور العلاقة بينه وبين الدول البعيدة او القريبة الشقيقة او الصديقة ، وما تجربة حكومة حسان دياب الا عينة مما جرى حيث لم يسجل لهذه الحكومة اي نجاح على مستوى احداث اختراق واحد باتجاه اعادة بناء وسائل التواصل التعاون بين لبنان والخارج.

-تحميل القوى السياسية كلها مسؤولية الفساد والهدر، وهو امر ليس مستجداً على لبنان والسؤال هو : لماذا الان؟ علماً ان ما ينطبق على بلاد الارز في هذا المجال لا ينطبق على دول اخرى لم تتعاط معها واشنطن مثلما تتعاطى مع الازمة في لبنان.

- العمل على عزل حزب الله سياسياً ، والدفع باتجاه ضرب كل تحالفاته الداخلية ولاسيما في اوساط الطوائف والمذاهب الاخرى ، وما العقوبات ضد جبران باسيل سوى خطوة في هذا السياق خصوصا وان باسيل وعمه عون يمتلكان حيثية مسيحية هى الاكبر حتى الان.

الا ان هناك مقاربة اخرى ومضادة وتتهم باسيل بانه كان على استعداد لفعل كل ما قد تطلبه واشنطن ولكن بعد تلبية شروطه ومعظمها خاص ومصلحي ويتعلق بمستقبله السياسي.

 ويرى اصحاب هذه المقاربة ان السجال الذي شهده لبنان مؤخراً بين  باسيل والسفيرة الاميركية  ، كشف الكثير من المستور في العلاقة بين واشنطن ورئيس التيار الوطني الحر.

ومن خلال الرد والرد على الرد ، قامت شيا بفضح باسيل في موضوع  علاقته بحزب الله ونظرته لهذه العلاقة ، على الرغم من انها اكتفت بالاشارة الى انه ابدى استعداده لفك العلاقة مع حزب الله مقابل شروط لم توافق عليها واشنطن.الا ان ما كان لافتاً هو ان باسيل اعترف بانه دخل في غمار النقاش حول علاقته بحزب الله مع الاميركيين وذلك طبقاً لما ورد على لسانه ، وإن حاول تلميع صورته بالقول ان موقفه جاء تعبيراً عن  رفضه لان يكون عميلا اميركيا وما الى هنالك من كلام دعائي.

فما هي هذه الشروط التي وضعها باسيل ولم تقبل بها واشنطن؟

 وفقاً لما يقوله اصحاب هذه المقاربة فان ابرز الشروط كان موضوع قبول الاميركيين بترئيس جبران باسيل خلفاً لعمه الرئيس ميشال عون نقلاً عن معلومات قال مصدر مطلع انها اوروبية ، حيث عقدت اجتماعات بعيدة عن الاضواء  تولاها نجل سفير سابق معروف بعلاقاته الواسعة دولياً واقليمياً وطرح خلالها موضوع ترسيم الحدود بين لبنان والكيان الصهيوني على اساس خط هوف الذائع الصيت والذي يحرم بلاد الارز من نحو 2290 كلم مربع تضمنها لها خرائط العام 1923 المتفق عليها بين الانتدابين الفرنسي والبريطاني ، الا ان المفارقة في هذه الاجتماعات هو ان موضوع ضمان وصول باسيل الى الرئاسة تحول الى الشرط الاول والاساسي للقبول بخط هوف ولفرط العلاقة بين التيار وحزب الله.

وحسب هذه المعلومات فان  جبران لم يتلق جواباً ايجابياً كما كان يأمل، وقيل له ان موضوع الرئاسة لم يحسم ، على اساس ان الوقت مبكر جدا للبحث به، ما دفع باسيل الى التشدد في موضوع ترسيم الحدود ورفض خط هوف، على الرغم من ان الاميركيين هددوه بالعقوبات اذا أصر على موقفه.

ومع جولة المفاوضات قبل الاخيرة ( الثالثة) بين لبنان والكيان الصهيوني التي شهدت موقفاً واضحا من الوفد اللبناني في عدم التفريط بشبر واحد من حقوق لبنان المثبتة في الخرائط المعتمدة دولياً جاءت العقوبات ضد باسيل  عشية الجولة الرابعة التي عقدت الاربعاء ( 11 تشرين الثاني – نوفمبر الجاري)، ما يشير بوضوح الى ان موضوع الحدود والغاز الذي يعطيه الاميركيون وطبعاً الكيان الصهيوني الاولوية في هذه المرحلة ، ستقوم واشنطن بكل ما تراه مناسباً من اجل الوصول الى النتائج المتوخاة منه. من دون الالتفات الى أولوية باسيل بالرئاسة والتي تدفعه للقبول باي شيء مقابلها وهو ما لا يتطابق مع ما ارادته وتريده واشنطن في لبنان .

من الواضح في ضوء كل ذلك ان هناك وجهتي نظر او مقاربتين مختلفتين او متعارضتين لموقف باسيل من العلاقة مع الحزب.

ومهما قيل في كل منها والظروف التي دفعت بالامور الى الوصول الى ما وصلت اليه، فانه صار من المؤكد هو ان باسيل "يلعبها صولد" طمعاً بالرئاسة ، كما يقول مصدر واسع الاطلاع.

وحسب المصدر نفسه فانه سواء كان طريق الرئاسة  امامه مقفلاً اميركياً او غير مقفل، فانه يتعاطى مع مسألة وصوله الى الرئاسة من منطلق ان مفتاحها الوحيد المتاح له  هو كلمة او وعد يعطيه اياه امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله ، ساعياً لتكرار تجربة عمه الذي ما كان يمكن له الوصول الى قصر بعبدا لولا وجود التزام من قبل الحزب بذلك.

 وقد اتيح لعون هذا الامر في خضم التوصل الى الاتفاق النووي بين الولايات المتحدة وايران، وهو الاتفاق الذي سيعاد العمل به وفق التوقعات لا بل الترجيحات بعد تسلم جو بايدن مقاليد الحكم في البيت الابيض، ما يدفع الى القول وفق حسابات جبران او "مقامرته" ان الظروف نفسها التي ادت الى منح لقب فخامة الرئيس لعون هي نفسها التي ستؤدي الى منح اللقب نفسه له.

وما فعله جبران حتى الان- او يظن انه فعله- هو انه دفع بالامور باتجاه تعميق علاقته اكثر بالحزب، لعل في ذلك ما يضمن له في وقت قريب او بعيد ان يسمع كلمة او وعداً من قيادة الحزب  بان يكون مرشحها في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

 

الوسوم