بيروت | Clouds 28.7 c

النفاق اللبناني في حق المرأة / بقلم السيد صادق الموسوي

مجلة الشراع 14 تشرين الثاني 2020

ليس غريباً تمرس المسؤولين اللبنانيين في النفاق، وليس جديداً قول القيادات على اختلاف توجهاتها وطوائفها كلاماً جميلاً والعمل كاملاً بخلاف ذلك، ولقد اعتاد الناس مع الأسف الشديد على ذلك حتى أنهم يُعجبون بالمسؤول الأكثر نفاقاً، ويؤيدون الشخص الأكثر استعمالاً للكذب، ويختارون للنيابة والبلدية و " المخترة " المرشح الذي يقدم أكثر من غيره الوعود الكاذبة..

 لكن،

 ما وضح هذه الأيام أكثر من ذي قبل هو النفاق في موضوع المرأة اللبنانية، فالمرأة اللبنانية التي لا قيمة إنسانية لها أصلاً، ولا يقر النظام اللبناني بحقها كما الرجل في إعطاء جنسيتها لأطفالها، والتمييز بين  الرجال والنساء صارخ في النصوص القانونية اللبنانية، وفي نفس الوقت يقوم لبنان هذا بترشيح سيدة لبنانية لعضوية لجنة الأمم المتحدة المعنية بالقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة لعام 2020 حتى العام 2024، وتفوز السيدة نهلة حيدر بالمنصب، ويفتخر لبنان بهذا الإنتصار وتهلل له وسائل الإعلام المختلفة.

إن السيدة نهلة حيدر العضوة اللبنانية في اللجنة الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة إذا سئلت عن موقع المرأة في بلدها، وهل هي متساوية في الحقوق والواجبات مع الرجل في القانون اللبناني، وهل يمكنها كما الرجل من إلحاق أطفالها بنفسها وإعطائها الجنسية اللبنانية كما يفعل الرجل اللبناني، فماذا يكون جوابها وهي اللبنانية المسلمة التي تعرف أن حق المواطنات من مثيلاتها مسلوب منهن في وقت تتباهى الدولة اللبنانية بانها الدولة الديمقراطية الوحيدة وسط انظمة إنقلابية عسكرية أو ممالك وإمارات وسلطنات عائلية، ويقبع بجانبها نظام صهيوني عنصري بغيض قائم على حق كل يهودي في أية بقعة بالعالم في الجنسية الإسرائيلية وتُقدّم له الجنسية فور وصوله إلى إحدى المطارات في فلسطين المحتلة..

في وقت يتمّ سلب الجنسية من أصحاب الأرض الفلسطينيين المقيمين فيها هم وآباؤهم وأجدادهم منذ آلاف السنين ويهجّرونهم من وطنهم إلى الشتات، ويتمّ بناء المنازل للقادمين من أطراف الأرض من المستوطنين في وقت تتم مصادرة الأراضي وهدم البيوت وجرف المزارع للفلسطينيين بذرائع كاذبة، لكن مع ذلك ففي القانون " الإسرائيلي " الحق للمرأة اليهودية بإعطاء جنسيتها لأولادها، وعلى الرغم من التضييق الشديد على زواج المرأة الفلسطينية من مناطق السيطرة الكاملة للكيان الصهيوني، لكن أبناءها يلحقون بالأمهات كما يمكنهم حمل جنسية آبائهم.

والأعجب من ذلك أن في لبنان هيئة وطنية لشؤون المرأة ترأسها إبنة رئيس الجمهورية ميشال عون مهمتها تأمين الحماية للمرأة وتجريم التحرش بها ومواجهة العنف الأسري والجنسي ضدها، وهي تطالب بإقرار قانون في المجلس النيابي يؤمّن الحماية للمرأة وتكريس حضانة الأم لأطفالها حتى بلوغ سن الرشد..

 لكن،

 رئيسة اللجنة الوطنية لحقوق المرأة هذه لم تتطرق أبداً إلى حق المرأة اللبنانية في إعطاء جنسيتها لأطفالها وهو أدنى الحقوق للمرأة إذا عّدّت إنساناً وّلدت بغير اختيارها أنثى في حين خرج من رحم والدتها قبلها وبعدها بل من نفس الرحم توأماً في بعض الأحيان  مولود آخر هو ذكر، لكن الآخر الذكر يحق له في لبنان بعد زواجه من أجنبية نقل جنسيته اللبنانية إلى زوجته وأولاده منها فيما شقيقته التي خرجت من نفس الرحم لا يعطيها القانون اللبناني هذا الحق في حال تزوجت من رجل غير لبناني، ولا يسمح لأولادها بأن يلحقوا بأمهم في جنسيتها، ولا ندري هل أن المطالبة بحق المرأة اللبنانية بالمساواة مع شريكها الرجل وعدم التمييز بين الرجل وبينها هو من مهام اللجنة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية أم أن المطالبة بهذا الحق لا تندرج في مهامها الوطنية، وكيف أن العضوة اللبنانية في لجنة الأمم المتحدة المعنية بالقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة لا تشعر بالخجل أمام باقي الأعضاء في اللجنة المذكورة إذا سألوها عن واقع المرأة اللبنانية..

وهل في لبنان لا يوجد حقاً تمييز للرجل على المرأة؟

وهل لها الحقوق نفسها التي للرجل؟

وهل هي أساساً في الأحوال الشخصية اللبنانية تشارك الرجل في الإنسانية؟

وفي حال أجابت بالنفي كما هو الواقع فكيف يمكنها الجمع بين كونها تكافح كافة أشكال التمييز ضد المرأة في أنحاء العالم فيما تسكت على التمييز ضد المرأة الصارخ في بلدها ؟!.

إن أدنى واجبات رئيسة اللجنة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية وهي إبنة رئيس الجمهورية والذي يحق له طبقاً للدستور إصدار مرسوم إعطاء الجنسية أن تقنع والدها وهي العزيزة على قلبه بأن يصدر مرسوماً بأسماء أبناء الأمهات اللبنانيات، ويعطيهم الجنسية اللبنانية.

 فهذا الأمر هو من اولى مصاديق " التغيير " في النظام العنصري ضد المراة..

ومن أهم نماذج " الإصلاح " إذا كان والدها صادقاً في الشعار الذي رفعه لتياره الذي أسماه ""التيار الوطني للتغيير والإصلاح "، وأن تقدم رئيسة اللجنة الوطنية لشؤون المرأة بعد ذلك عبر نواب ""التيار الوطني " مشروعاً إلى المجلس النيابي لإصدار قانون يزيل التمييز ضد المرأة اللبنانية حتى يمكن عند ذلك أن يجلس لبنان بين الدول المتقدمة في العالم ويدعي أدنى درجات الديمقراطية بدل أن يلفّ ممثلون عن الطائفة المارونية وعلى رأسهم شخص البطريرك الراحل مار نصرالله بطرس صفير دول العالم بحثاً عن أشخاص مسيحيين غادر أجدادهم قبل عقود بل قرون لبنان وتوطنوا في دول في القارات الخمس وانقطعت كل صلة بينهم وبين لبنان و " التماسهم " القبول بالجنسية اللبنانية، بل إصدار قانون من المجلس النيابي يتيح لهؤلاء الإقتراع وانتخاب نواب عنهم في البرلمان عبر السفارات والقنصليات اللبنانية، وهذا هو من المضحكات حيث يمنع القانون اللبناني المواطن خارج لبنان المشاركة في انتخاب رمز الوطن ورئيس الجمهورية والذي يجب أن يكون مع الأسف من طائفة دون غيرها فيما يحق لهذا الساكن في أقصى بلاد العالم والمنقطع عن لبنان بالكامل الإقتراع في الإنتخابات النيابية وهي التي تتمثل فيها المناطق حسب الدوائر الإنتخابية وتُعنى بمناقشة الأمور التفصيلية للدولة وإقرار القوانين المتعلقة بشؤون الداخل في الأغلب.. وهذا ما يعبر عنه القرآن الكريم بقوله: ( إن هذا لشيء عُجاب ) صدق الله العلي العظيم.

السيد صادق الموسوي

الوسوم