بيروت | Clouds 28.7 c

حتى ينجح الحريري الجديد..! بقلم حسن صبرا

مجلة الشـراع 9 تشرين الاول 2020
بالأمس عاد الحريري كأقوى زعيم سني في لبنان  وهو كان قبل ذلك يتصرف كواحد من عشر قيادات سنية تقريباً في البلد
جمهور الحريري يريده ان يتصرف كزعيم اوحد في طائفته كما الثنائي الشيعي والثنائي الماروني وكما وليد جنبلاط الدرزي
بالامس تحدث سعد الحريري كرجل سياسة حاسم الموقف وهويترك الابواب مفتوحة ، ذا نبرة خلت من التردد ، لم يسمح لمحاوره ان يسحبه نحو الهزل المعتاد ، ولم ينتزع منه ما لا يريد هو قوله ، لم يدار احداً لكنه تماماً كوالده يجرح ولا يدمي ، لم يتأتىء كعادته باللغة العربية الدارجة ، ابلغ رسالته الى من يريد محليا وعربياً ودولياً .. وهي مجالات لم يسبقه اليها في لبنان  الا امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله . 
لم يسمح الحريري لمحاوره ان ينتزع منه غضباً على سياسة المملكة العربية السعودية  منه ، لكن الحريري كان وما زال يتمنى ان يكون الموقف العربي منه كما هو الموقف الايراني مع السيد نصر الله.
 بالامس ظهر سعد الحريري معبراً عن وجهة نظره هو في الشأن اللبناني فقط .. بينما يستطيع نصر الله ان يكون معبراً عن الشأنين اللبناني والاقليمي .. غير ان الطريق ما زال مفتوحاً امام الحريري ليكون موازياً في الدور لنصرالله اقليمياً ... وطبعاً من غير السلاح
 فتح الحريري في حوار الامس الباب لحوار ندي في الاطار الاوسع الذي رسمته مبادرة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الانقاذية ، مع اطلاق ادارة الرئيس دونالد ترامب سراح اتفاق الاطار لترسيم الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة( اسرائيل) 
اطلاق النار على مبادرة ماكرون الزم الحريري الصمت ، لكن اطلاق سراح اتفاق الاطار للتفاوض اخرج الحريري عن صمته ملتقطاً فرصة تحول جذري في التعامل مع شأن كان الاقتراب منه ممنوعاً حتى في عصر والده المظلوم ..
كم سرت من مياه تحت جسر الصمت الإلزامي ، وحسناً ان يكون ابن رفيق الحريري اول من يلتقط فتح الجسر للكلام ! 
ترامب جمد مبادرة ماكرون وكان تجميدها بقراره فرض عقوبات على مستشار نبيه بري السياسي ، وهو اختار الوقت المناسب ليدب الحياة في المبادرة نفسها عبر مفاوضات غير مباشرة بين لبنان والعدو الصهيوني تحت رعاية الولايات المتحدة  ، انما تحت علم الامم المتحدة .. كما اعلن بري بنفسه
ولم يكن لبري ان يعلن ما اعتبره انصاره ضربة معلم الا بعد موافقة حزب الله أولاً ، وهذا مؤشر اكيد على ان رسالة ترامب موجهة اول الامر لإيران، لتعود ارتداداتها بشرة خير كما اعتبرها معظم اللبنانيين التواقين الى اقتراب لحظة استحقاق طال انتظارها وهم يدفعون الاثمان منذ عقود من اجلها!! 
 انها البداية الممكنة 
سعد الحريري يمكن ان يتحرك بقوة تحت لافتة فيها عنوانين جدليين :
العنوان الاول ، هو عملية انقاذ سريعة وافقت عليها القوى السياسية كلها التي اجتمعت مع الرئيس ماكرون في قصر الصنوبر ( عدا الانتخابات المبكرة التي اعترض حزب الله على اجرائها باكراً) . 
العنوان الثاني، هو استعادة المال المنهوب ويبدأ مع سعد الحريري بما هو في حلة جديدة يريد ان يبث الامل في لبنان من جديد كما بثه رفيق الحريري عندما تسلم امانة رئاسة الوزراء عام 1992. 
نحن نعتقد انه قبل ان يعود سعد الحريري الى رئاسة الحريري - اذا عاد حراً ومن دون شروط وبحلته الجديدة- فإن عليه ان يلتزم المطلب الشعبي الاول والآني وهو استعادة المال المنهوب ، نحن كتبنا ونكرر بأن عليه ان يبدأ بنفسه وان يطهر بيته من اللصوص ، وهو قدم شرحاً عن بعضهم وعليه ان يترجم الشرح الى قرارات حتى في ما سيطال شخصياً 
قال الحريري ان ثروته هبطت من عدة مليارات الى ما تحت المليار ، لكنه لم يتحدث عن الذين كانوا مكتفين مادياً وما دون ليصبحوا حوله ومعه من اصحاب المليارات ، هو قال سابقاً انهم سرقوه   لكنه يجب ان يعترف انهم سرقوا اموال اللبنانيين أولاً فلماذا يحميهم ؟ لماذا لا يقدمهم للمحاسبة ؟ لماذا لا يكشف الوزراء اللصوص عنده والموظفين الكبار في الدولة والمتعهدين والمرافقين ؟
نحن نعتقد انه اذا لم يبدأ سعد الحريري بإلزام هؤلاء بإعادة المسروقات فصورته لن تتغير عما كانت عليه قبل الامس ... ان لم يكن سعد الحريري فاسداً فهو سيظل حامياً للفاسدين مثله كمثل الرؤساءالآخرين. 
ولعل الحريري يعلم ان جمهوره لم يكن سعيداً ان يكون واحداً من أربعة رؤوساء سابقين للحكومة متحركاً بالسر خلف مرشح خامس لنادي الرؤوساء هو مصطفى اديب ... جمهوره ينتظره زعيماً وطنياً يتخذ قراراً بإنشاء صندوق وطني لإسترداد المال المنهوب يكون هو اول المودعين فيه بما يرغم وزراءه وكبار موظفيه الرسميين على رد ما سرقوه، وهذا هو الباب الحقيقي لالزام الرؤوساء الآخرين ومن معهم برد ما سرقوه ، هكذا يصبح الحريري زعيماً وطنياً شاملاً. 
كنا وما زلنا نردد ان سعد الحريري الطيب الآدمي سمح للصوص حوله ان يستكردوه، ليسرقوا من ورائه.. وعليه ان يدرك ان لا احد في العالم يصدق ان هؤلاء الذين سرقوا بإسمه لم يعطوه من الطيب نصيب .. فهذا هو شأن اللصوص الذين يشتغلون مع الرؤوساء ، انهم يسرقون بأسمائهم ليسلموهم القسم الاعظم من المسروقات . 
اذن 
الورقة الفرنسية للانقاذ واجبة التنفيذ، ومعها واجب استرداد المال المنهوب من الرؤوساء ومن معهم، ولن يسمح اللبنانيون ان تمر قاعدة " عفا الله عما مضى " .. انها ليست عفواً عن سارق رغيف خبز  او ساط على سيارة او على مصرف او منزل او محل .. انها محاسبة شاملة يجب ان تكون موازية لعقوبة من هو مستعد لإحراق وطن لحماية صهره او زوجه او ابن عمته او ابنه 
  واخيراً
لا احد يضحك علينا بأن هدف الخطة الفرنسية للانقاذ هو الحصول على اموال سيدر او قرض من صندوق النقد الدولي 
لان اللبنانيين يعلمون ان بنود هاتين الجهتين تتضمن قروضاً جديدة تقدم للبنان وسيدفعها المواطنون من ضمن شروط جديدة عليهم يستطيع اللصوص التهرب منها ليدفعها المواطنون المسروقون 
وليعلم اللبنانيون ان ماسرقه حكامهم براً لم يشبعهم وهم يريدون مصادرة ثروات الوطن البحرية من نفط وغاز ، وعليكم ان تتخيلوا ان حكامكم يمكن ان ينبطحوا امام اسرائيل عندما تلوح لهم بزيادة ارصدتهم وارصدة ازواجهم واصهرتهم ومن معهم .. بالصفقات معها .. 
الرئيس سعد الحريري 
اذا تخيلت انك يمكن ان تسير بساق واحدة عبر ورقة الانقاذ الفرنسية فأنت واهم انك تسير من دون عرج .. امش مستقيماً بإستعادة المال المنهوب ليصدق اللبنانيون انك فعلاً تشبه الحلة الجديدة التي اطللت عليهم بها ذلك الخميس

الشراع في 9/10/2020
الساعة 7,41مساءً

الوسوم