بيروت | Clouds 28.7 c

حزب الله يلتقط فرصة ماكرون.. بقلم حسن صبرا

مجلة الشراع 28 أيلول 2020

ليست فرصة ماكرون في لبنان  بل هي في اميركا لكنها تنعكس على لبنان 
وما هي هذه الفرصة؟ 
انها الموقف الاوروبي الذي تقوده باريس بجدارة برئاسة ايمانويل ماكرون في مواجهة اميركا دونالد ترامب ، وهو موقف يذكر العرب والعالم بموقف الزعيم الراحل شارل ديغول الذي تحدى فيه اميركا ليندون جونسون اثر العدوان الصهيوني على مصر وسورية وبقية فلسطين  عام 1967 ، واسمحوا لنا ان نذكر من جديد ان اميركا والصهاينة ردوا على ديغول بإشعال الشارع الفرنسي بما سمي حركة الطلاب بقيادة كوهين بانديت ، بما يخشى عليه الآن من تحريك السترات الصفر ضد ماكرون 
 انها لاول مرة منذ نحو نصف قرن تتحدى فيه فرنسا اميركا في شأن هو الشغل الشاغل لإدارة ترامب وله شخصياً منذ اربع سنوات وهو الحرب على ايران وعلى حزب الله تحديداً 
 فرنسا  تستغل بذكاء ماكرون حالة الضعف التي تنتاب ترامب وتستغل قرب خروجه المنتظر من البيت الابيض ! وتستغل المناخ اللاديموقراطي الذي يشيعه ترامب في كل اميركا بتصريحاته المتكررة بأنه لن يسلم السلطة لمن ينتخب غيره مهدداً بالنزول الى الشارع مع تشكيل المزيد من الميليشيات في الكثير من ولايات اميركا 
ماكرون يستغل هذه الحالة الاميركية التي تعاقب فيها فرنسا  عبر شركات توتال وبيجو ورينو لأنها حريصة على العلاقات التجارية مع ايران ، ويكفي ان اميركا غرمت بنك باري با الفرنسي بمبلغ 6 مليار دولار لسماحه بعلاقات مع ايران عبره 
ماكرون سحب الاتحاد الاوروبي ببلدانه الاساسية لتحدي ترامب برفض عقوباته على ايران في مجلس الامن وبقية المؤسسات الدولية 
 ماكرون منسجم مع مزاج الشارع الفرنسي العام الساخر والكاره لاسلوب ترامب الذي يريد ان يرضخ العالم لمزاجه ومصالح بلاده لكأن اوروبا وفرنسا تحديداً هي احدى جمهوريات الموز في اميركا الوسطى واللاتينية التي تتحكم فيها تكتلات اميركا الاقتصادية . 
 حزب الله يعلم ان ماكرون سعى جهداً ملحوظاً لمنع التصعيد بين اميركا وايران حول لبنان  ، وهو كان وما يزال ضد العقوبات الاميركية على اي فرد في لبنان ، وماكرون تعرض للانتقاد من جانب وزير خارجية اميركا مايك بومبيو لأنه التقى مسؤلا كبيراً من حزب الله هو النائب محمد رعد ، ولأنه ما زال يفصل بين جناحه العسكري وجناحه السياسي
ولأنه ما زال حريصاً على العلاقة مع ايران ، وفرنسا كانت في طليعة الدول الاوروبية التي رفضت الغاء ترامب توقيع الرئيس السابق باراك اوباما ، بل ورفضت علناً اي سياسة اميركية حول المشروع النووي الايراني لأن ترامب الغى موافقة اميركا على هذا الاتفاق منذ اكثر من ثلاث سنوات،
 نحن نعتقد ان حزب الله سيتفهم هذه المواقف الفرنسية بل وسيقدرها وسيجد سبيلاً لتسهيل الطريق امام انجاح مبادرة ماكرون خصوصاً اذا تقاطعت مصالح الحزب وايران ضد هذا المجنون القذر دونالد ترامب
نعم حاول ماكرون تحييد لبنان عن منازلة اميركا لايران في لبنان   , وحاول كذلك منع عقوبات ترامب على لبنانيين 
وما زال يحاول تشكيل مظلة تحمي لبنان امنياً واقتصادياً حتى ظهور نتائج الانتخابات الاميركية التي ستجري بعد 35 يوماً .. لهذا فإن ماكرون كان يريد فسحةً من الوقت تتمكن خلالها حكومة مصطفى اديب تنفيذ مهمتها وهذا امر لو تحقق كان سيريح حزب الله والشعب اللبناني وسيقلق ترامب المراهن على تقديم خدمات لاسرائيل كي ينجح في انتخاباته الرئاسية 
 لهذا كله يبدو ان من مصلحة حزب الله انجاح مهمة ماكرون بتخفيف الخسائر قبل البحث عن الارباح

الشراع في 28/9/2020
الساعة 2,11بعد الظهر

الوسوم