بيروت | Clouds 28.7 c

من هنا نبدأ/ لماذا الخوف من المحكمة الدولية في جريمة تفجير المرفأ ؟- بقلم حسن صبرا

مجلة الشراع 7 آب 2020

 

يكاد يكون مطلب قوى سياسية وشعبية مختلفة بتشكيل محكمة دولية للتدقيق في اسباب التفجير - النكبة الذي حصل في مرفأ بيروت بعد ظهر الثلاثاء في 4/8/2020 هو الوجه المتمم لوجه اتهام حزب الله بأنه المسبب لهذا التفجير ، لذا كلما ازداد كتمان حزب الله بعدم الرد على هذا الإتهام ازدادت المطالبة بلجنة التحقيق الدولية .

وفي الحالتين (وهما حالة واحدة عملياً) ينسى اللبنانيون او يتناسوا مآسيهم الإجتماعية والمالية والكهربائية والاقتصادية ليعيدوا اصطفافهم سريعاً خلف مواقفهم السياسية وهي اساساً اصطفافات مذهبية وطائفية وحزبية وشخصية خلف هذا المرجع او ذاك .

 المطالبون بالمحكمة الدولية هم القوى والشخصيات السياسية المؤيدة للمحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس المظلوم رفيق الحريري، والمعارضون لمحكمة خاصة بجريمة تفجير مرفأ بيروت هم الذين يعتبرون محكمة الحريري مسيسة وموجهة ضد حزب الله لذا فهم يقيسون احكامها كما يسقطونها على المطالبة بمحكمة دولية جديدة لذا هم يعارضونها .

وللمفارقة السياسية ذات المغزى فإن تفجير المرفأ اخّر اصدار احكام جريمة قتل الحريري الذي كان مقرراً بعد ثلاثة ايام من التفجير، لمدة 11 يوماً، وربما تؤخر اكثر وقيل ان الرئيس سعد الحريري هو الذي طلب التأخير!

ولسنا ندري هل يوصف تدخل الحريري بأنه سياسي ام انساني - وطني طبعاً فقط؟

في جميع الحالات ومع شكر القيمين على المحكمة فإن تأخير الحكم لأسباب لا علاقة لها بالقانون ربما يعطي دفعاً لمن يريد التشكيك بالمحكمة الدولية الخاصة بالحريري وبمرفأ بيروت بعد ذلك.

واذ يشرح المؤيدون لإنشاء محكمة دولية حول جريمة تفجير المرفأ اسباب التإييد مظهرين انعدام الثقة بالقضاء اللبناني وبالسلطات التي تستتبع قضاته لذا هم يلجؤون للقضاء الدولي فإن المعترضين على اللجوء الى المحكمة الدولية لا يملكون حججاً كافية لرفضها اللهم الا اذا تحدثوا عن السيادة والإستقلال وهذه حجة عليهم وليست لهم.

على كل ..

 ومن موقع الحرص على الحقيقة والمنهجية السياسية للحدث المفصلي والتاريخي غير المسبوق نقول للخائفين من المحكمة الدولية ما يلي:-

 أولاً : القوى المؤيدة للمحكمة الدولية حول جريمة تفجير المرفأ هي كما كتبنا اعلاه ترمي مسوؤلية ذلك على حزب الله لماذا؟

لأنها تفترض وتستحضر الادلة - نظرياً - على ان المواد التي انفجرت لم يكن ليتم اشتعالها الا بوجود صاعق قد يكون قنبلة او صاروخاً اطلق من البحر او من الجو ، ومن يقرأ في وسائل التواصل الإجتماعي منذ ما بعد الإنفجار حتى اليوم يشاهد شرائط حقيقية صورها هواة ووزعوها تظهر ناساً في بيروت ينظرون الى السماء مشيرين الى جسم ما قبل ان يحصل الإنفجار المروع

والبعض التقط صوراً تظهر جسماً ما احاطوه بدائرة خاصة ليشيروا اليه

والبعض تحدث الينا عن سماع هدير طائرات  قبل الإنفجار المرعب

ثانياً : المتهمون لحزب الله سارعوا للقول مباشرة بعد التفجير انه صهيوني استهدف صواريخ لحزب الله مفككة في مستودع او عنبر يحمل الرقم 12 وانه يخضع لحراسة من عناصر الحزب على مدار الساعة

ونسبت وسائل تواصل اجتماعي الى محلل روسي قوله ان الكمية التي كانت موجودة في هذا العنبر تقدر ب2750 طناً وان التي انفجرت هي كمية 300طن بينما تم سحب الباقي وهي كمية 2450 طن الى مصانع صواريخ اقامها حزب الله لهذه الغاية خلال ست سنوات اي منذ لحظة إيقاف الباخرة لأسباب مفبركة في مرفأ بيروت ومنذ ذلك التاريخ تم وضع حراسة من الحزب عليها

ثالثاً : حصل التفجير الكارثة وسقط الاف المظلومين بين قتلى وجرحى وقيل ان الخسائر تقدر بعشرة مليارات من الدولارات

 اذن التفجير هو بفعل فاعل ، وفي حالة كهذه في لبنان ومع توجيه التهمة الى المفعول به اي اللبنانيين ابرياء ومدنيين او مقاتلين من حزب الله وقد شيّع حزب الله عدداً منهم، فإن الفاعل هو العدو الصهيوني  الذين يقولون ان المسبب هو تخزين حزب الله لهذه المواد لا يستطيع ان يتجاهل ان الذي دمر وقتل وجرح وهجر واصاب اقتصاد اشبه منهار بمصيبة اضافية هو العدو الصهيوني.

رابعاً : نحن لن نتحدث ان اسرائيل هي العدو وهي كذلك فعلاً ، نحن نقول ان اسرائيل نفسها ليس من مصلحتها تبني مثل هذه الجريمة ، خصوصاً بعد ان ايقظ الرئيس الفرنسي ضمائر العرب والعالم الى واقع لبنان المحكوم من عصابات مافيا مجرمة من دون اخلاق او قيم انسانية ، ولبنان محاصر بقرار اميركي قرر ان ينازل ايران في  لبنان

 اللبنانيون المتهمون لحزب الله انه يخزن المواد التي فجرت في المرفأ عليهم ان يتهموا اسرائيل بأنها هي التي فجرتها وعليهم كما اعملوا العقل والجهد لإثبات تبعية المواد الى حزب الله فإن عليهم ان يبذلوا الجهد ويعملوا العقل لإثبات ان اسرائيل هي الفاعلة فإذا تقاعسوا او عجزوا او وجد البعض مصلحة في الصمت عن اسرائيل ليلبسها حزب الله وحده

هنا يصبح اللجوء الى لجنة تحقيق دولية واجبةً حتماً.. لماذا؟

تخيلوا

في ظل هذا التعاطف العالمي غير المسبوق مع لبنان بسبب هول الجريمة التي ارتكبتها اسرائيل في لبنان لو اننا ذهبنا الى محكمة دولية تحت انظار العالم لنثبت ان اسرائيل هي التي ارتكبت هذه المجزرة، ماذا سيكون موقف اسرائيل اذا ثبتت لجنة تحقيق دولية التهمة على اسرائيل

اوروبا عبر الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون مهتمة بلبنان لاسباب مختلفة اهمها على الإطلاق الوجود المسيحي في شعبه

تخيلوا وقد عرف العالم ان معظم الخسائر هي بين مسيحيين وان اسرائيل هي التي ارتكبت هذه الجريمة ضد حي يقطنه اغلبية مسيحية  ما هو موقف اسرائيل امام اوروبا والمسيحيين في العالم

هل قدمنا لكم حتى الآن سبب الصمت الإسرائيلي عن ارتكابها هذه الجريمة ؟

تعالوا الى الاهم

نحن نعتقد ان هناك شق آخر  في هذه الجريمة بعد الشق الخاص بالمواجهة بين حزب الله واسرائيل التي ليس شرطاً ان تكون جريمة المرفأ هي جزء منها

هذا الشق هو استراتيجية اسرائيل في التخلص من الوجود المسيحي في لبنان لأسباب عديدة اهمها ؛

- ان اسرائيل تريد تهجير المسيحيين من لبنان لإنهاء تجربة العيش المشترك كنموذج يصلح لفلسطين لعيش ?? مشترك مع شتات اليهود فيها

- ان اسرائيل تريد اخراج المسيحيين ليبقى المسلمون وحدهم في لبنان لتضمن صراعاً لا ينتهي بين السنة والشيعة كما في العراق وكما في سورية

- قبل وبعد كل هذا تريد اسرائيل وطناً للمسلمين لتضمن صراعاً معهم لا يثير اهتمام اوروبا المسيحية بمصائر مسلمين يتقاتلون ويفرخون بثقافتهم كراهية من التاريخ وإحتراباً بأحدث اسلحة العصر  بل ولربما ساعد العالم كله اسرائيل لحصار هؤلاء المسلمين المتحاربين حتى لا يخرجوا الى اوروبا

 وجهوا التهمة الى اسرائيل الصامتة عن الجريمة التي ارتكبتها - اليس هذا ما يقوله الذين يتهمون حزب الله بأنه صاحب المستودع الذي فجرته اسرائيل؟ -

ومن يضمن الوصول الى الحقيقة الا لجنة تحقيق دولية   ، فلا تخافوا منها

حسن صبرا

الشراع الجمعة في 7/8/2020

الوسوم