بيروت | Clouds 28.7 c

حرائق وتفجيرات ايران آخر أوراق ترامب ليعود رئيساً! / بقلم السيد صادق الموسوي

مجلة الشراع 22 تموز 2020

 

منذ عقود من الزمان بدأ التحول في الحروب بين الدول من حرب بالدبابات والمدافع والصواريخ وحتى بالليزر والقنابل النووية إلى حرب إلكترونية تسبب خسائر أكبر بكثير في صفوف المتحاربين إذا استطاع الخبراء في المجال الإلكتروني لدى المباشر للحرب الوصول إلى شيفرات المؤسسات الإستراتيجية في الدولة التي يريدون مهاجمتها ومن ثم الدخول إلى المراكز الحساسة والإطلاع على المعلومات السرية فيها والتأثير فيها والتلاعب بمحتوياتها، ويمكن للطرف الآخر قلب المعادلة إذا تمكن من اختراق المنظومات الإلكترونية للدولة المهاجمة والتشويش على تبادل المعلومات السرية بين القيادات وحتى إعطاء أوامر للقوات المهاجمة باسم قياداتها تؤدي إلى هزيمتها في الميدان.

ولقد سمعنا خلال سنوات تمكن كثيرين حتى من غير المحترفين من اختراق أهم المؤسسات العسكرية والفضائية الأمريكية، فـ" كيفن بولسن " هو أحد أشهر القراصنه الأمريكيين، والذي برع في الإختراق والإستحواذ على كافه خطوط الهاتف لمحطة إذاعيه في لوس أنجلوس، وقام إيضاً بإختراق قاعده بيانات المكتب الفيدرالي للحكومة الأمريكية، ما دفع السلطات إلى ملاحقته والقبض عليه، ويوصف ""كيفن ميتنيك " أيضاً بأنه أشهر قرصان إلكتروني ظهر حتى الآن، وأكثر " الهاكرز " خطورة منذ ظهور الحاسبات الآلية، حيث قام " كيفن " باختراق أنظمة الكمبيوتر لأكبر شركات التكنولوجيا والإتصالات في العالم بما في ذلك شركتي نوكيا وموتورولا، وقامت FBI بوضع صورته من ضمن قائمة أخطر المطلوبين لديها، ووصفته وزارة العدل الأمريكية بأنه " مجرم الكمبيوتر الأكثر طلبًا في تاريخ الولايات المتحده الأمريكية "، وكان " غاري ماكينون " الإسكتلندي قد تم إتهامه في عام ٢٠٠٢ بارتكاب أكبر اختراق كمبيوتر عسكري على مرّ العصور، وذلك باختراق ٩٧ حاسوبًا عسكرياً ووكالة ناسا التابعة للولايات المتحدة على مدى ١٣ شهراً بين شهر شباط ٢٠٠١ وآذار ٢٠٠٢، حيث ذكرت السلطات الأمريكية أنه قام بحذف الملفات الحساسة من أنظمة التشغيل التابعة للوحدات العسكرية في واشنطن والتي تضم٢٠٠٠ جهاز كمبيوتر لمدة ٢٤ ساعة، وقال ضابط كبير في وزارة الدفاع الأمريكية " البنتاغون " لصحيفة " صنداي تلغراف ": إننا كنتيجة لأفعال السيد " غاري ماكينون "، عانينا من أضرار بالغة، لقد تسبب في أضرار بالغة الخطورة ومتعمدة لأجهزة الكمبيوتر العسكرية وأجهزة ناسا، وأضاف: كانت جميع الأدلة تقول أن شخصًا ما كان يقوم بهجوم خطير جدًا على أنظمة الكمبيوتر الأمريكية.

وهناك اختلاف في أعمار الذين يقومون بقرصنة اجهزة الكومبيوتر حيث يبلغ عمر أحدهم ١٥ سنة وهو من النمسا، وآخر من الصين وعمره ١٣ عاماً، وآخر من كندا وعمره ١٢ عاماً، وأخرى بريطانية وعمرها ٧ سنوات، وهناك قراصنة اعمارهم ٥ سنوات وأصغر من ذلك.

ومن هنا يمكن التأكد من إمكانية اختراق أهم المواقع لأخطر المؤسسات العسكرية والأمنية وأكبر المؤسسات الصناعية وكافة المراكز الخدمية والشركات التجارية والمصارف الكبرى في أكثر الدول تقدماً في مختلف مجالات العلوم وهي الولايات المتحدة الأمريكية، وهي تشعر بخطورة التطورات التكنولوجية الهائلة لدى مختلف الدول المنافسة لها كالصين وروسيا أو المعادية لها كالجمهورية الإسلامية في إيران، ومن مظاهر التخوف الأمريكي وقوف الرئيس دونالد ترامب بكل قوته ضد شركة هواوي الصينية ونظامها المتقدم للإتصالات 5G وتهديده بقطع التعامل التقني من قبل الولايات المتحدة مع أية ذولة تستعمل هذا النظام لكون المركز الرئيسي لهذا النظام هو في الصين ويمكن للحكومة الصينية بكل سهولة التحكم بالمعلومات المتبادلة في العالم، وأيضاً قامت أمريكا بالضغط على الحكومة الكندية لتقوم باعتقال "منغ وانجو " ابنة مؤسس شركة هواوي " هونج كونج " أثناء وجودها في مدينة " فانكوفر " بتهمة " التحايل المصرفي " والمطالبة بتسليمها إلى السلطات الأمريكية، وذلك للضغط على الصين التي أصبحت متقدمة في عدد من المجالات العلمية والصناعية على الولايات المتحدة، وذلك بعد أن بذل الرئيس ترامب قبل ذلك جهوداً كبيرة لإقناع آلاف الشركات الأمريكية التي مصانعها في الصين بالخروج منها، لكن محاولاته تلك باءت بالفشل بسبب الفارق الكبير بين أجور العمال في الصين والولايات المتحدة والتكاليف الباهظة جداً لبناء مصانع جديدة في أمريكا وأيضاً عدم إمكانية نقل كل تلك الأجهزة المتطورة والحساسة التي تضمّها تلك المصانع في فترة  قصيرة.

إن إيران التي كانت تُدار بالكامل من قبل المستشارين الأمريكيين إبان حكم الشاه محمد رضا بهلوي واجه أزمة كبيرة بعد انتصار الثورة الإسلامية وخروج الأمريكيين من إيران وخصوصاً بعد احتلال السفارة الأمريكية في طهران والتصعيد المتبادل بين الولايات المتحدة ونظام الجمهورية الإسلامية الوليد، إذ استطاعت الولايات المتحدة من استغلال نقاط الضعف في الأنظمة التي باعتها لنظام الشاه والتي يعرفها جيداً المستشارون الأمريكيون السابقون ومن ثم الدخول من خلالها إلى الأنظمة الإلكترونية للكثير من المؤسسات في مختلف القطاعات الإيرانية الحيوية والحساسة العسكرية منها والمدنية، حيث معرفتهم بتلك النقاط ساعدتهم للنفاذ إلى عمق الأراضي الإيرانية والوصول إلى مدرج مطار قديم في صحراء " طبس " النائية وإنزال طائرات عسكرية وطوافات هجومية حديثة وقوات عسكرية من دون أن تكشفها الرادارات الإيرانية، ولولا العناية الإلهية ومرور باص ركاب مصادفة وانفضاح الأمر عبر ركاب تلك الحافلة الذين قاموا فوراً بإبلاغ المسؤولين، لكان من المقرر أن تكون عملية الإنزال هذه، والتي أعلن أنها تهدف إلى تحرير الرهائن في السفارة الأمريكية في العاصمة الإيرانية، في الحقيقة بمثابة رأس جسر لاستقدام طائرات نقل عسكرية أخرى محملة بآلاف الجنود المدججين بالسلاح، واتخاذ المنطقة تلك قاعدة عسكرية والبدء بالتوسع حتى إحتلال المنطقة كلها وصولاً إلى طهران وبالنتيجة إسقاط النظام، كما حصل هذا بالضبط في العراق قبل غزوها، إذ هبطت طائرات عسكرية في مطار قديم في منطقة كردستان قريباً من مدينة الموصل وتم تأهيله وتوسعته وجعله قاعدة للإنطلاق منه إلى جانب القواعد الأخرى وحاملات الطائرات الموجودة في الخليج بعمليات القصف والوصول إلى العاصمة وبالنتيجة احتلال العراق بالكامل، وفي ليبيا أيضا كانت مدينة بنغازي هي المرتكز الأول للقوات المدعومة من قبل الولايات المتحدة ثم تم التوسع حتى انتهى الأمر إلى احتلال العاصمة طرابلس، وفي شمال سورية أيضاً تمكنت مع الأسف أمريكا بالتعاون مع الفصائل الكردية من تأسيس قاعدة عسكرية في شرق الفرات..

وفي المجال التكنولوجي المتقدمة فقد نجحت إيران أخيراً في إرسال قمر صناعي إلى الفضاء بعد تجربتين فاشلتين، وصارت صور المواقع الحساسة لدى الدول المعادية لإيران في متناول المسؤولين في طهران بعد أن كان الفضاء من قبل تحت سيطرة الأقمار الصناعية التجسسية الأمريكية والصهيونية، وهي كانت تركز أكثر اهتمامها على مراقبة ما يجري على الأرض في الجمهورية الإسلامية في إيران.

وفي التقدم في المجال النووي فقد بلغت القدرة الإيرانية في عملية تخصيب اليورانيوم إلى حد يتخوف الأمريكيون والصهاينة من قدرة الجمهورية الإسلامية على إنتاج قنبلة نووية، بعدما كانت إيران في السابق بحاجة ماسة إلى بندقية فردية لكي يتسلح بها المقاتل ضد الغزاة، واليوم بات يقرّ الأمريكيون بقدرة الجمهورية الإسلامية رعم " العقوبات الأكثر شدة في التاريخ " على حماية مصالحها ومصالح حلفائها بالإستناد إلى قدرتها على توجيه ضربات مدمرة لقواعد الأعداء وعلى رأسهم أمريكا في المنطقة من دون أن تجرؤ على التصدي لها أو الرد عليها.

أما في المجال السيبراني وهو بيت القصيد في هذا المقال، فإن اليد الطولى منذ عقود كانت للولايات المتحدة كونها مركز شبكة الإنترنت العالمية وتهيمن بشكل أو بآخر على كافة الأقمار الصناعية التي تبث من خلالها محطات التلفزة في أرجاء الكرة الأرضية ولديها أقوى المتخصصين في مختلف المجالات العلمية ومنها العلوم الإلكترونية، وهي كانت قادرة بكل سهولة على الوصول إلى ما تريد من معلومات عبر التجسس على ما يتم تبادله بين البشر من خلال البرامج المختلفة التي مركزية أغلبها في الولايات المتحدة، لكن إبران استطاعت أن تدخل بقوة في هذا المجال حيث أسست شبكة لتبادل المعلومات خاصة بها بإسم " بيتا " ومركزيتها في العاصمة الإيرانية، وهي في حال تحديث دائم، وتعمل إيضاً على إنتاج وتطوير برامج للمحادثات بالصوت والصورة وفي مجالات أخرى كثيرة لكي تتخلص إيران بقدر الإمكان من رقابة الولايات المتحدة والكيان الصهيوني والتجسس عليها، ومن جهة أخرى يعمل المتخصصون الإيرانيون على النفاذ إلى الشبكات الإستراتيجية في الدول المعادية لهم وقرصنة معلوماتها والسيطرة على المواقع لفترة فصيرة لإثبات أن إيران لم تعُد الطرف الضعيف في الحرب السيبرانية، فكما تستطيع امريكا وإسرائيل من اختراق الشبكات الإستراتيجية وحتى النووية الإيرانية وسرقة المعلومات المخرّنة عليها وحتى إتلافها البرامج والحواسيب عبر دسّ فيروسات إلى الأجهزة التي يستعملها العلماء في المجال النووي وذلك بيد  المفتشتين الدوليين الذين يدخلون كل فترة إلى المواقع الحساسة بحجة ضرورة التأكد من التزام إيران بالقرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي والوكالة الدولية للطاقة النووية، وكذلك يتم التعرف على العلماء الناشطين في الحقل النووي أثناء الزيارات ثم يقوم هؤلاء بنقل المعلومات إلى المخابرات الأمريكية والكيان الصهيوني ليقوما عبر عملائهما باغتيالهم أو اختطافهم وهذا الأمر حدث فعلاً إذ تمّ اغتيال أربعة علماء يعملون في المجال النووي من قبل عملاء تم اعتقالهم وأقروا بأنهم قد تدربوا في الكيان الصهيوني ومن ثم أرسلوا إلى إيران لاغتيال أشخاص قد تمّت معرفتهم وتحديد دورهم الأساسي في المجال النووي الإيراني.

وفي مجال الصواريخ أيضاً بذلت الولايات المتحدة والكيان الصهيوني كل جهدهما لوقف تصنيع الصواريخ الإيرانية في المرحلة الأولى لما يشكل هذا التوجه من أساسه من أخطار على التفوق العسكري الصهيوني في المنطقة والأمريكي على الصعيد العالمي، لكن هذه الخطة قد فشلت، وفي المرحلة الثانية إنصبّت الجهود على عرقلة وإبطاء مسيرة التطوبر في صناعة الصواريخ من خلال عمليات تفجير في المواقع العسكرية المعنية بالأمر، وهذا ما حدث فعلاً عدة مرات وذهب ضحيتها بعض قيادات الحرس الثوري، وجاءت الخطوة الثالثة وهي محاولة الوصول إلى المستودعات المحصنة لتلك الصواريخ في باطن الأرض والقيام بعمليات تخريب فيها وإفساد لها، وفي مختلف الحالات كان البحث جارياً عن الأشخاص الأساسيين في مسيرة تطوير الصواريخ واغتيالهم بأساليب مختلفة وهذا ما حصل أيضاً، لكن الجمهورية الإسلامية تمكنت في هذين المجالين من الرد على المؤامرات الأمريكية والصهيونية حيث قامت بقرصنة كثير من الشبكات الإستراتيجية في الدولتين وحتى الدخول إلى الهواتف الخاصة بكبار القادة العسكريين والأمنيين لديهما واستخراج المعلومات السرية فيهما، ولا يمكن اسبعاد أن تكون بعض التفجيرات الغامضة في المراكز الحساسة وفي قطع البحرية الأمريكية مؤخراً واندلاع النيران في عدد من محطات توليد الكهرباء نتيجة اختراق لشبكة المعلومات فيها وتفجيرها كرد على الهجمات الإلكترونية الأمريكية على المراكز الحساسة الإيرانية، وهنا لا بد من القول أن كثيرين من الموالين للجمهورية الإسلامية المنتشرين حول العالم من مختلف الجنسيات والأعراق والمذاهب والطوائف والموجودين في الحلقات الضيقة لكثير من المؤسسات الإستراتيجية في الولايات المتحدة وفي وكالة الفضاء الأمريكية يمكنهم بسهولة تسريب الشيفرات الخاصة بالشبكات التي يعملون فيها وبذلك يوفرون على إيران بذل الجهود للوصول إليها عبر عمليات القرصنة، وكنموذج للقدرة الإيرانية على اختراق الشبكات الأمريكية سيطرتها في العام ٢٠١١ على المسيّرة الأمريكية الأكثر تطوراً RQ-170 في حينه والتي كانت تقوم بالتجسس على إيران انطلاقاً من الأجواء الأفغانية ومن ارتفاعات شاهقة، حيث قادها الإيرانيون إلى داخل إيران وأهبطوها سالمة دون أن يتنبه القائمون على تسييرها في الولايات المتحدة والإقدام على تفجيرها، وكانت هذه أول إشارة صريحة إلى القدرة الإيرانية على التغلب على التقنية الأمريكية، ثم كانت عملية فريدة ومميزة للمسيرة الإيرانية أبابيل ٣ عام ٢٠١٩ وتحليقها فوق حاملة الأمريكية ومراقبتها وتصوير فيديو وصور لها مخترقة كافة أجهزة التسويش والإعتزاض المتطورة عليها والعودة سالمة من دون أن تتمكن أجهزة الرصد حتى من رؤبتها، وفي خطوة أصابت الرئيس الأمريكي بالذهول والتخبط قامت المدفعية الإيرانية بإسقاط أهم طائرة مسيرة أمريكية وتشكل مفخرة للكنولوجيا الأمريكية وهي آر كيو-4 غلوبال هوك فوق مياه الخليج ولم تتمكن كل التقنية الأكثر تطوراً عليها من الحؤول دون إصابتها، وكانت الرسالة الإيرانية بأنها تجنبت طائرة أخرى أمريكية كانت تسير بالقرب من المسيّرة للتأكيد على مهارتها ودقة إصابتها، وقد نفى الرئيس ترامب في البداية إسقاط المسيرة أصلاً، ولما وزعت السلطات الإيرانية فيلماً عن العملية أقرّ بذلك ثم قال إنها إستُهدفت فوق الأجواء الدولية ووعد بأن القوات الأمريكية المتواجدة في الخليج ستجد حطامها لأثبات أنها أُسقطت في المياه الدولية، ثم قال بأن تلك الحطام تناثرت وضاعت في قاع البحر، لكن إيران تمكنت من التقاط القطع المتناثرة وعرضها وأثبتت أن الطائرة قد اخترقت المجال الجوي الإيراني.

وخلاصة القول أن الجمهورية الإسلامية استطاعت الصمود في وجه كافة قرارات إدارة ترامب الذي حاول بالخروج من الإتفاق النووي وتركيع إبران إقتصادياً، وهو ترك رفم هاتفه الخاص لدى السفارة السويسرية التي ترعى المصالح الأمريكية في إيران على أمل أن يتصل به أحد من المسؤولين الإيرانيين، وها هي فترة رئاسة ترامب قد شارفت على نهايتها وإيران لم تنحنِ أمام الولايات المتحدة ولم يرن جرس ذلك الهاتف أصلاً طوال تلك السنوات، وحاول وقف تطوير قدراتها النووية بمختلف الوسائل لكن إيران صار عندها اليوم فائض كبير من اليورانيوم المخصب بنسبة ٢٠٪، وفي محال الصواريخ عمل المستحيل من أجل الحد من تطويرها مدىً وقوة تدمير لكن الجمهورية الإسلامية لم تبالِ بتلك الجهود بل أوصلت مدى الصواريخ إلى أكثر من ٣٠٠٠ كيلومتر وجعلت دقة الإصابة قريبة من الصفر، ورفعت القوة التدميرية إلى حد كبير، ولقد شاهد العالم دقة الإصابة والقوة التدميرية في الصور التي تمّ توزيعها من قصف إيران لقاعدة " عين الأسد " الأمريكية في العراق.

إن فشل دوتالد ترامب بالكامل طوال فترته الرئاسية والتي راهن كثيراً على الورقة الإيرانية فلم يكسب منها شيئاً، ثم تحول إلى الورقة الكورية فخيّب ظنه الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون ولم يعطه شيئاً بل تلاعب به بمهارة عالية حتى صار الرئيس الأمريكي أضحوكة أمام شعبه وموضع سخرية لدى شعوب العالم، ثم راهن على صفقة القرن وهاهي مفاعيلها قد توقفت وتراجع هو وحليفه نتنياهو عن الإستمرار فيها، وأخيراً جاءت أزمة فيروس كورونا والتي حاول في البداية إنكارها ثم قام بالتهاون بها ثم المكابرة عليها، وأمام هذا السلوك كان تفشي الوباء في أرجاء أمريكا حتى صار عدد إصابات ووفيات الولايات المتحدة الأعلى في العالم وبان الفشل الذريع في تعامله مع الأزمة، وأخيراً جاء مقتل المواطن الامريكي الأسود جورج فلويد على يد شرطي أبيض ليحرك الإعتراضات الشعبية ضد التمييز العنصري المتجذر في الولايات المتحدة واتخاذ الرئيس الأمريكي مواقف مؤيدة للسلوك العنصري للشرطة الأمريكية واتهام الملايين من شعبه الذين تظاهروا في مختلف المدن والولايات بأقبح الأوصاف.

وأخيراً بدأ العدّ العكسي لموعد الإنتخابات الأمريكية، وجميع الإستطلاعات تشير إلى تقدم منافس ترامب المرشح جو بايدن، ولذلك فهو يستعمل آخر أوراقه من خلال الإيعاز لما تنقى من عملائه في إيران ليقوموا بأي شيء ممكن ولو بإشعال الحرائق في الغابات وتفحير ما يمكن من المواقع العسكرية ومن ثم تسليط الضوء عليهما ليبدو لمواطنيه أنه يفعل شيئاً، وليغطي بذلك فشله الذريع في السياسة الخارجية وإدارة دفة الحكم في الداخل، لكن دول العالم ومنهم حلفاؤه يتمنون الخلاص منه وخروجه من البيت الأبيض اليوم قبل الغد ليبدأوا التعامل مع شخص سليم في عقله ومتّزن في سلوكه، لعله يعيد للولايات المتحدة شيئاً من مكانتها النفقودة بين الدول.

السيد صادق الموسوي

 

الوسوم