بيروت | Clouds 28.7 c

سلطنة عُمان في ذكرى 23 تموز / يوليو تطور وتقدم وإنماء في كل المجالات

سلطنة عُمان في ذكرى 23 تموز / يوليو

تطور وتقدم وإنماء في كل المجالات

 

احتفلت سلطنة عمان يوم الثالث والعشرين من تموز/ يوليو بالذكرى الثامنة والأربعين لانطلاق مسيرة النهضة العمانية الحديثة بقيادة السلطان قابوس بن سعيد، ففي الثالث والعشرين من تموز/ يوليو عام 1970م أشرق فجر عماني جديد، إيذاناً بمرحلة من التطور والتقدم والانماء في كل المجالات، حيث أخذ السلطان قابوس بيد المواطن من أجل بناء دولة عصرية قادرة على استعادة مجد عمان ودورها الحضاري في المنطقة والعالم وبمشاركة واسعة من المواطن العماني على قاعدة المواطنة والمساواة وحكم القانون التي ارساها ونص عليها النظام الأساسي للدولة الصادر في عام 1996 وتعديلاته.

وبينما شكل الثالث والعشرون من تموز/ يوليو 1970 بداية عهد مجيد لبناء حياة أفضل للمواطن العماني على امتداد أرض عمان الطيبة، ولتمكينه من الإسهام في تحقيق أهداف الوطن في التنمية والازدهار، مع السير نحو تحقيق طموحاته في التفاعل مع التطورات من حوله فإن السلطان قابوس حرص منذ اليوم الأول لانطلاق المسيرة المباركة على ان يكون المواطن العماني هو صانع التنمية وحارسها والمستفيد الأول منها. ولذا تم بذل الكثير من الجهود وعلى كل المستويات لبناء وإعداد المواطنين وفي مقدمتهم الشباب العماني للقيام بهذه المهمة الوطنية الجليلة، انطلاقاً من ثقة عميقة وتقدير رفيع وحب عميق للوطن والمواطن الذي يمثل بالفعل أعلى ثروات الوطن حسبما أكد السلطان قابوس دوماً.

ومن هذا المنطلق فإنه لم يكن مصادفة ابداً أن يكون المواطن العماني هو بؤرة الاهتمام ومحور التركيز وقطب الرحى في كل جهود وخطط وبرامج التنمية الوطنية على امتداد السنوات الثماني والأربعين الماضية.  فبالمواطن ومن خلاله وبمشاركته تم بالفعل استجماع وحشد كل طاقات وامكانيات الوطن، بشرية ومادية وفي جميع المجالات مع جهد دؤوب ومتواصل لبناء كوادر عمانية مؤهلة في جميع المجالات من أبناء وبنات عمان، وعلى قدم المساواة عبر عملية واسعة شملت المرأة العمانية النهوض بالتعليم بكل مراحله، وبالصحة والرعاية الاجتماعية، وبالتدريب والثقافة وعلى نحو لم تشهده عمان من قبل، وهو ما حقق في الواقع دفعة كبيرة في كل المجالات، اقتصادية واجتماعية وتنموية ووضع الأرصفة الصلبة لبناء وتعميق التماسك والتعاضد والتساند والوحدة الوطنية الراسخة لتشيد الدولة العصرية التي طالما تطلع اليها المواطن العماني وسعى الى تحقيقها باني نهضة عمان الحديثة السلطان قابوس بن سعيد.
وعلى امتداد الأعوام الثمانية والأربعين الماضية وبرغم الظروف التي انطلقت فيها مسيرة النهضة العمانية الحديثة، إلا ان عزم وإرادة السلطان قابوس، وحبه العميق لعمان وشعبها، والتفاف أبناء الوطن الأوفياء حوله منذ بداية المسيرة المباركة، وما أحاطوه به من حب ووفاء وولاء، وما بذلوه من جهد في كل المواقع على امتداد أرض عمان الطيبة، أثمر وأينع بقيادة جلالته، وتوجيهاته، وهو ما يعيشه المواطن العماني على امتداد محافظات وولايات السلطنة وينعم بثماره في كل المجالات.

ومما له أهمية ودلالة بالغة، انه بالرغم مما تموج به المنطقة على امتداد السنوات الماضية، من أحداث وتطورات ومواجهات وحروب تدفع ثمنها شعوب شقيقة وصديقة لأسباب مختلفة، الا ان القيادة الحكيمة للسلطان قابوس بن سعيد وما تتسم به سياساته من حكمة وبعد نظر وصراحة ومصداقية مع كل الأطراف، شقيقة وصديقة جعلت عمان واحة أمن وأمان واستقرار يشير اليها الجميع بتقدير واحترام، خصوصاً وأن السلطنة لم تتوان عن القيام بكل ما يمكنها من جهد ومساع حميدة للعمل على إنهاء الحروب والمواجهات والتهيئة لاستعادة مناخ السلام والامن والاستقرار في ربوع المنطقة خليجياً وعربياً وإقليمياً باعتبار ذلك امراً بالغ الأهمية للأخذ بين شعوب المنطقة ودولها وتمكينها من بناء حياة أفضل لأبنائها في الحاضر والمستقبل.

ومنذ توليه مقاليد الحكم في البلاد عام 1970م رسخ السلطان قابوس سياسة خارجية واضحة قائمة على مبادئ الحق والسلام والتعاون ونشر ثقافة التسامح والسلام ومد يد الصداقة والتعاون والتفاهم لكافة الدول والشعوب والالتزام بمبادئ محددة وواضحة وثابتة ومعلنة في علاقاتها مع كافة الدول الشقيقة والصديقة، وبناء أسس الحوار لتجاوز وحل أية خلافات بالطرق السلمية وبما يحقق المصالح المشتركة والمتبادلة ويتفق مع القانون والشرعية الدولية ويعزز حسن الجوار والتعاون البناء، كما أنها تواصل مساعيها الحميدة لدعم الجهود المبذولة لتعزيز التفاهم والحوار في حل كافة القضايا خليجياً وإقليمياً وبما يكفل للشعوب الاستمرار في مساراتها التنموية وسط أجواء أكثر أمناً واستقراراً.

وكان لتلك السياسة أثرها الإيجابي الملموس في التعامل مع العديد من القضايا وهو ما حفظ لعمان مكانتها ودورها الايجابي ومد جسور التواصل بينها ومختلف دول العالم وجعل منها شريكاً ومساهماً فاعلاً في كل جهد خير لصالح شعوب هذه المنطقة والعالم من حولها. ومما له دلالة عميقة ان السلطان والرئيس الصيني شي جين بينغ قررا في 25 أيار/ مايو الماضي إقامه شراكة استراتيجية بين السلطنة وجمهورية الصين الشعبية لتحقيق المصالح المشتركة والمتبادلة للدولتين.

وبفضل تلك السياسة الحكيمة يحصد العمانيون نجاحاتها على المستويين الداخلي والخارجي، فهم يحظون بالتقدير والاحترام أينما ولوا وجوههم وحيث ما تطلبت الظروف الاقليمية والدولية طرفاً يتمتع بثقة كل الأطراف ويمكنه ان يجمع الاطراف المتنازعة على مائدة الحوار لحل الخلافات بالطرق السلمية.

وعلى الصعيد الداخلي كان بناء وتطوير قوات السلطان المسلحة من أولويات مراحل مسيرة النهضة المباركة، حيث أيقن السلطان قابوس بفكره الاستراتيجي وخبرته العسكرية العميقة أن تحقيق الأمن والأمان والاستقرار يمثل شرطاً وأولوية ضرورية للبناء والتنمية وصنع الرخاء.

ومن منطلق الحرص الدائم للسلطان قابوس بن سعيد – القائد الأعلى للقوات المسلحة – على الارتقاء بالقدرات الوطنية لكل مؤسسات الدولة تم في آذار/ مارس الماضي تنفيذ فعاليات تمرين مراكز القيادة ((الجهد المشترك/‏‏10)) بمشاركة مختلف قطاعات الدولة العسكرية والأمنية والمدنية، حيث شمل التدريب على المستويات الاستراتيجية والعملياتية والتعبوية وتفعيل كافة الخطوط الدبلوماسية والاقتصادية والمعلوماتية والعسكرية وذلك استعداداً لتنفيذ التمرين الوطني الشموخ 2 في شهر تشرين الأول/ أكتوبر القادم بمشاركة المؤسسات العسكرية والأمنية والمدنية، ويليه التمرين العسكري العماني البريطاني المشترك السيف السريع، ومن جانب آخر تم في أيار/ مايو الماضي افتتاح مصنع انتاج ذخائر الأسلحة الخفيفة بولاية سمائل وهو المصنع الأول من نوعه في السلطنة.

وفي إطار مسيرة التنمية الشاملة التي تشهدها السلطنة أبدى السلطان قابوس لدى ترؤسه اجتماع مجلس الوزراء في شباط/ فبراير الماضي ارتياحه وتقديره لما بذلته الحكومة من جهود متواصلة أدت إلى تحقيق معدلات نمو جيدة في هذه المسيرة التي تراعي البعدين الاقتصادي والاجتماعي وتحافظ على مستوى الخدمات الأساسية المقدمة للمواطنين إلى جانب تركيز الاستثمارات في المشاريع الداعمة لسياسات التنويع الاقتصادي، مشيدًا بتعاون المواطنين في إنجاح برامج وخطط التنمية.

وفي اطار الرعاية الاجتماعية للمواطنين وتخفيف أعباء المعيشة تم مع بداية هذا العام تطبيق نظام دعم الوقود لدعم شرائح المواطنين المستفيدين منه والذين لا تتجاوز دخولهم 600 ريال عماني وفق الضوابط التي حددها مجلس الوزراء الموقر أواخر عام 2017م وفي حزيران/ يونيو الماضي قرر مجلس الوزراء زيادة قاعدة الفئات المستحقة من المواطنين برفع إجمالي الدخل إلى 950ريالاً عمانياً على ان تبدأ استفادة الشرائح الجديدة وفق الضوابط المعمول بها لنظام دعم الوقود اعتباراَ من أول آب /أغسطس القادم.

ومن جانب آخر نجحت وزارة القوى العاملة بالتعاون مع القطاع الخاص والمواطنين الباحثين عن عمل في استيعاب 33 ألفاً و230 باحثاً وباحثة عن عمل في مؤسسات وشركات القطاع الخاص خلال الفترة من 3 كانون الأول/ ديسمبر 2017م حتى 11 تموز/ يوليو الماضي وبزيادة بنسبة 32% عن العدد المستهدف 25 ألفاً وهو ما يعود بالخير على الوطن والمواطن.

وتولي خطة التنمية الخمسية التاسعة ((2016 ـ 2020م)) أهمية وأولوية كبيرة للقطاعات المساعدة في تحقيق تنويع مصادر الدخل بما في ذلك تعزيز دور القطاع الخاص ومواصلة تحسين بيئة الأعمال والإسراع في تنفيذ برنامج التخصيص وتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتم اختيار قطاعات ((الصناعة التحويلية، النقل والخدمات اللوجستية، والسياحة، والثروة السمكية، والتعدين)) لتكون قطاعات اقتصادية واعدة سيتم التركيز عليها خلال الخطة تساهم في عملية التنويع الاقتصادي بجانب القطاعات الأخرى الداعمة لهذه القطاعات.

ويعتبر البرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي ((وحدة دعم التنفيذ والمتابعة)) واحداً من البرامج الوطنية التي تقوم عليها خطة التنمية الخمسية التاسعة، ويهدف إلى المساهمة في تحقيق رؤية السلطنة في التنويع الاقتصادي، ومشاركة قطاعات المجتمع المختلفة في مختيراته وتنفيذ المشروعات المقترحة فيها وهو ما يتم بشكل فعال ومتواصل. وقد أصدرت وحدة دعم التنفيذ والمتابعة تقريرها السنوي لعام 2017م لتحديد ما تم من انجاز في مشروعات القطاعات المختلفة.

وبدأت في 20 آذار/ مارس الماضي عمليات التشغيل التجاري لمطار مسقط الدولي الجديد الذي يعد إضافة هامة لمنجزات النهضة الحديثة، ويشكل إحدى لبنات التنمية في السلطنة لتحقيق الأهداف والاستراتيجيات الوطنية لمنظومة البناء، وإعطاء دفعة كبيرة لقطاع السياحة وتعزيز وتنشيط الاقتصاد الوطني بشكل عام والقطاع اللوجستي بشكل خاص، حيث تبلغ القدرة الاستيعابية للمطار الجديد 12 مليون مسافر سنوياً.

ومنذ بدايات فجر النهضة المباركة كانت مشاركة المواطنين في التنمية وصنع القرار في مقدمة اهتمامات السلطان قابوس، حيث حرص جلالته على أن تكون لعمان تجربتها الخاصة في ميدان الشورى والعمل الديموقراطي ومشاركة المواطنين في صنع القرارات الوطنية، وهي ممارسة تحققت لها الكثير من النتائج الطيبة طوال السنوات الماضية مما عزز مسيرة التنمية وتطورها وساهم في إقامة دولة المؤسسات والقانون وعزز قيم الشراكة وتعدد الآراء في اطار الحرص على تحقيق المصلحة الوطنية.

وفي هذا الإطار فقد عقد في أيار/ مايو الماضي اللقاء المشترك بين مجلس الوزراء ومجلسي الدولة والشورى وذلك إيمانا بأهمية الحوار البنَّاء بين مؤسسات الدولة التنفيذية والبرلمانية، وصولاً لرؤى تساعد على تنفيذ الخطط والبرامج التنموية بأعلى معدلات الأداء. كما عقد مجلسا الدولة والشورى جلسات مشتركة تم خلالها مناقشة المواد محل التباين بين المجلسين حول مشروعي قانون الثروة المعدنية والثروة المائية الحية، وذلك تعزيزاً للتعاون بين مجلسي الدولة والشورى وتحقيقاً لمصلحة الوطن والمواطن.

لقد أكد السلطان قابوس بن سعيد ان المنجزات التي تحققت طوال مسيرة النهضة المباركة ((لم تكن لتظهر على أرض الواقع لولا الجهد المبذول، والعطاء المتواصل، والارادة الطامحة، التي تستشرف المستقبل، وتعمل من أجل غد أفضل وأجمل، فطوبى ‏لكل يد عاملة تشارك في بناء نهضة عمان، في كل ميدان، ودعوة صادقة لبناة الحاضر ورواد المستقبل، للانطلاق نحو آفاق أبعد، وساحات أرحب، ومقاصد أسمى وأعلى)).

وبينما تدخل مسيرة التنمية العُمانية الشاملة عامها التاسع والأربعين بثقة واعتزاز وتطلع الى مستقبل مشرق وأفضل بإذن الله ، فإن عمان بأسرها ترفع أجل وأسمى عبارات العرفان والامتنان والولاء للسلطان قابوس بن سعيد وتبتهل الى الله العلي أن يحفظ السلطان قابوس ويمتعه بنعمة الصحة والعافية والسعادة والعمر المديد.

 

السلطان قابوس

الوسوم