بيروت | Clouds 28.7 c

حوار الرئيس جمال عبد الناصرمع "إريك رولو" رئيس قسم الشرق الأوسط بصحيفة "لوموند" الفرنسية١٨/٢/١٩٧٠

مجلة الشراع 21 حزيران 2020

نشرت جريدة "لوموند" في عددها  الصادر يوم 19 شباط 1970  نص مقابلة  اجراها الصحافي الفرنسي "اريك رولو" مع الرئيس المصري جمال عبدالناصر في مكتبه في قصر القبة، استمرت حوالي ساعتين ونصف الساعة.

يلاحظ رولو ان الرئيس المصري يومها كان يبدو بصحة جيدة، هادئ وحتر مرح احياناً..

بدأ حديثه قائلاً: "من هذا المكتب اعلنت  استقالتي يوم 9 حزيران 1967 غداة الهزيمة.. يومها كنت عازما على ترك منصبي حفاظاً على كرامتي كانسان وكوطني، ولكن المظاهرات الشعبية الحاشدة التي اندلعت في مصر أجبرتني  على البقاء.."

ويتابع ناصر:

"في هذا المكتب بالذات قابلت يوم الجمعة الماضي مجموعة من ضباط الجيش اتت تطالب بالانتقام لضحايا مصنع " أبو زعبل"  الذي كان الطيران الاسرائيلي قد قصفه قبل يوم واحد. اقترح الضباط شن غارات على اهداف مدنية اسرائيلية. رغم حزني العميق يومها، قلت للضباط بأنني ارفض اتخاذ قرار بهذا الشأن تحت ضغوط العاطفة والانفعال، وطلبت مهلة للتفكير مشيراً الى ان قرار اتخاذ مبادرة كتلك التي يقترحونها لا يمكن ان يصدر الا من قبل كل القيادة السياسية المصرية"

"صدقني لا يوجد مصري واحد يريد الحرب حباً بالحرب ولكن تلك التي فرضتها اسرائيل علينا تؤدي الى قتل اطفالنا واطفالهم  وتفرض على شعبنا الكثير من المآسي والمحن..

غداة الثورة وخلال السنوات الاولى كنت من الذين يدافعون عن فكرة ان مصر ليست بحاجة الى التسلح بكثافة، لأن الخلاف مع اسرائيل يمكن حله سلمياً، ولكن الغارة القادرة والقاتلة التي شنها بن غوريون على قطاع غزة عام 1955 كذبت تحليلي بشكل لاذع.

على الرغم من فترات التوتر الى سادت منذ ذلك الحين وأدت الى حرب 1967، فانني لم اقل يوماًما بانني اريد ان أرمي اليهود في البحر وهو تصريح تصرَ الدعاية الاسرائيلية المثابرة والخبيثة على نسبه اليَ.. فضلاً عن أنني لم اكن اريد شن الحرب عام 1967، وقادة اسرائيل يعرفون ذلك تمام المعرفة.

لم يرد في تفكيري يومها اغلاق خليج العقبة في وجه البواخر الاسرائيلية، كما انني لم أطلب من أوثانت أمين عام الامم المتحدة سحب القوات الدولية من غزة وشرم الشيخ التي تتحكم بمدخل خليج العقبة.. كل ما طلبته هو سحب بعض القوات الدولية المرابطة على جزء من الحدود ما بين رفح وايلات... ومع ذلك فان الامين العام للامم المتحدة قرر بناء على نصيحة موظف كبير في المنظمة الدولية أميركي الجنسية، سحب كل قوات الامم المتحدة من شبه جزيرة سيناء، هذا القرار أجبرني على ارسال قوات مصرية الى شرم الشيخ وفرض الحصار على خليج العقبة، وهكذا وقعنا في الفخ الذي نصبوه لنا"

ثمَ توقف الرئيس ناصر فجأةً عن الحديث، فهو لم يكن يريد ذكر الماضي والاخطاء التي ارتكبتها القيادة المصرية، ولكنه أكد ان هذه القيادة قامت بتحليل عميق لتلك المرحلة المأساوية ولكنها قررت عدم نشر نتائج ذلك التحليل قبل احلال السلام..

- سؤال: ما هى احتمالات الحرب والسلام ؟

* الرئيس: إننى لا أعتقد أن الشعب العربى أو الشعب المصرى يريد الحرب من أجل الحرب؛ ولكنه بطبيعة الحال يريد تحرير أرضه، ولا يريد أن يكون ذليلاً. إننا نريد العدل؛ وهذا هو السبب الذى من أجله قبلنا قرار الأمم المتحدة.

إن السلام لن يكون ممكناً إلا إذا حصل اللاجئون على حق العودة وفقاً لقرارات الأمم المتحدة، ولو وافقت إسرائيل على تطبيق هذه القرارات منذ اتخاذها لأمكن الوصول إلى السلام.

ولقد كانت مشكلة اللاجئين بالفعل هى الخلاف الأساسى بيننا وبين الإسرائيليين، وكثيراً ما أعدت قول ذلك على مر السنين. ومنذ حرب سنة ١٩٦٧ أضيفت مشكلة أخرى إلى المشكلة السابقة؛ وهى مشكلة احتلال الأراضى العربية.

وقرار مجلس الأمن الصادر فى ٢٢ نوفمبر سنة ١٩٦٧ يقدم حلاً لهاتين المشكلتين.

- سؤال: هل تقبلون إذن يا سيادة الرئيس إجراء مفاوضات مباشرة وتوقيع اتفاقية سلام؟

* الرئيس: إن قرار ٢٢ نوفمبر لا ينص على مثل هذا الإجراء، إن "جونار يارنج" مكلف بالعمل على تنفيذ قرار مجلس الأمن، فى حين يقوم مجلس الأمن بضمان ما يتم التوصل إليه.

- سؤال: ولكن معظم الإسرائيليين مقتنعون بأن رفضهم ناجم فى الحقيقة عن رغبتكم فى تدمير دولتهم، والأمر هنا لا يتعلق بالنسبة لهم بالشكل وإنما بالمضمون.

* الرئيس: إن مثل هذا الاعتقاد لا معنى له؛ ففى الواقع يمكن انتهاك اتفاقية سلام غداة توقيعها، ولكن يجب أن يعلم الرأى العام العالمى أننا لا يمكن أن نتفاوض مع الإسرائيليين طالما كانوا يحتلون٢٠% من الأراضى المصرية، و٧٠% من الأراضى الأردنية، و١٥% من الأراضى السورية. إن مفاوضات فى مثل هذه الظروف ستؤدى لا إلى السلام وإنما إلى الاستسلام غير المشروط، إن الفرنسيين الذين رفضوا التفاوض مع المحتل إبان الحرب العالمية الثانية فى إمكانهم أن يفهموا موقفى جيداً، وأنا أرفض أن أكون "بيتان" فى مصر.

وأوضح الرئيس - رداً على أسئلة الصحفى الفرنسى - موقف الجمهورية العربية المتحدة من الموضوعات المتعلقة بـ( اللاجئين الفلسطينيين- نزع السلاح - حرية الملاحة - غزة والقدس).

إن فى الإمكان إجراء استفتاء تنفيذاً لقرارات الأمم المتحدة لتحديد ما يختارونه، على أن يتم ذلك بالاتفاق مع الفلسطينيين، فهذا حقهم؛ لأن هذه هى مشكلتهم الرئيسية.

إن نزع سلاح سيناء بأكملها أمر غير مقبول، وإنما يمكن تطبيق هذا الإجراء على كلا الجانبين بعمق عشرة كيلو مترات مثلاً.

إن الجمهورية العربية المتحدة تقبل الاقتراح السوفيتى لكى ترابط بعض قوات الأمم المتحدة فى شرم الشيخ الواقعة على خليج العقبة لفترة ثلاث سنوات، ولكنها ترى - من جهة أخرى - أن المطلب الأمريكى بإبقاء هذه القوات إلى ما لا نهاية غير مقبول على الإطلاق، خاصة أن هذا المطلب يرتبط بأن يكون لمجلس الأمن وحده الحق فى سحب قوات الأمم المتحدة بينما لواشنطن حق الفيتو داخل هذا المجلس.

إن أفضل ضمان فى الواقع لحرية الملاحة لا يمكن أن يكون إلا عن طريق إقامة سلام عادل، وليس بالإكثار من الإجراءات القانونية التى لا يبررها غير جو الحرب.

يتعين أن يظل قطاع غزة عربياً، على أن يحدد مصيره وفقاً للرغبات التى يبديها السكان الفلسطينيون بكل حرية.

يجب أن يشمل الانسحاب القدس، وأن يعود القطاع الأردنى من هذه المدينة إلى السيادة الأردنية.

- سؤال: ما الذى يمكن أن يحدث إذا أصرت جميع المنظمات الفلسطينية أو بعضها على رفضها لقرار ٢٢ نوفمبر؟

* الرئيس : من المحتمل أن تكون هناك بعض المشاكل، وعلى أى حال فمن المنطقى أن العمل السياسى - وخاصة عندما تكون له مثل هذه الأهمية - أن يثير بعض المعارضة. وعلى أى حال، فمما لا شك فيه أنه كلما استمرت الحرب كلما ازدادت المرارة وتضاعف الحقد، وبالتالى تزداد مهمتنا صعوبة، ونحن باعتبارنا مصريين فإن من واجبنا ومن حقنا تحرير سيناء؛ سواء كان ذلك بالوسائل السلمية أو باستخدام القوة، وبوصفنا عرباً فإننا نصر على ضرورة انسحاب إسرائيل من الضفة الغربية ومن مرتفعات الجولان فى سوريا.

- سؤال: هل تعتقدون سيادتكم أن الدول الأربع الكبرى تستطيع أن تقدم مشروع تسوية يمكن أن يكون مقبولاً لديكم؟

* الرئيس: لم أعد أعتقد ذلك؛ لأن الولايات المتحدة تمارس سياسة العرقلة، والموقف الأمريكى كما عرضه "روجرز" يطابق تماماً موقف إسرائيل، وتسليم قاذفات القنابل الثقيلة إلى تل أبيب هو الدليل على أن واشنطن ترغب فى أن تحطم إسرائيل المقاومة العربية.

ويسعى الأمريكيون إلى قلب النظام المصرى منذ سنة ١٩٦٥، وهدفهم الاستراتيجى هو العمل على إسقاط جميع الحكومات التقدمية العربية، وخصوصاً منذ الثورات التى تفجرت فى العام الماضى فى السودان، وليبيا، ويستخدمون إسرائيل كأداة لتنفيذ سياستهم. أما عن الإنجليز فقد جعلوا من أنفسهم ذيلاً لأمريكا.

- سؤال: ما رأى سيادتكم فى مقترحات "بومبيدو" التى تضمنتها رسالته الأخيرة إلى "كوسيجين"؟

الرئيس: إننى لا أتفق معه فيما اقترحه من إعادة وقف إطلاق النار؛ فهذا الاقتراح يحقق أمانى الإسرائيليين؛ لأن وقف العمليات العسكرية من شأنه أن يعطى للعدو المهلة التى يحتاج إليها لمواصلة استعماره للأراضى المحتلة، وإن وقف إطلاق النار غير منطقى وغير عادل بالنسبة لنا إلا إذا تحدد موعد للانسحاب.

- سؤال: ولكن "بومبيدو" يلح أيضاً على استئناف مهمة "يارنج" فى الشرق الأوسط.

* الرئيس: إن ممثل "يوثانت" لم يصل إلى أى نتيجة بعد ثمانية عشر شهراً من الجهود المستمرة، ولم يتمكن من الحصول على إجابة واحدة للأسئلة التى وجهها بإلحاح إلى الإسرائيليين؛ الذين رفضوا حتى أن يقولوا له ما يعنونه بالحدود الآمنة والمعترف بها، وكانت الفضيحة ستنكشف فى وضح النهار لو لم يطلب الأمريكيون من "يارنج" عدم إبلاغ مجلس الأمن بما توصل إليه.

- سؤال: هل تعتقد سيادتكم أن فرنسا تنتهج سياسة موالية للعرب؟

* الرئيس: أعتقد أن حكومتكم تحاول أن تكون غير منحازة؛ فبعد أن قدمت للمعتدى طائرات وأسلحة، فرضت حظراً تاماً على الأسلحة عقب الغارة الإسرائيلية على مطار بيروت، ومع ذلك فأنا أعرف أن تسليم المعدات العسكرية وقطع الغيار استمرت حتى موضوع زوارق "شيربورج". ومهما يكن من الأمر، وبالرجوع إلى محاضر جلسات المحادثات الرباعية، نرى أن فرنسا قد اتخذت موقفاً مستقلاً تماماً، وهذا بلا شك لا يروق للإسرائيليين الذين لا يرضيهم سوى تبنى وجهة نظرهم دون أدنى تحفظ فى جميع المسائل موضوع النزاع.

- سؤال: سيدى الرئيس.. يعتقد الكثيرون أن الاتحاد السوفيتى تشدد فى مواقفه؛ لأنه يرى أن تسوية فى الشرق الأوسط من شأنها أن تخدم المصالح الأمريكية على حساب مصالحه، ما رأى سيادتكم؟

* الرئيس: إننى أعرف السوفييت جيداً، وأنا مقتنع بأنهم يؤيدون الحل السلمى بإخلاص، وأنهم لا يريدون الحرب من أجل الحرب، وفى الوقت نفسه لا يريدون أن نستسلم، وليس فى وسعهم أن يطلبوا منا أن نعطى جزءاً من أرضنا لإسرائيل؛ لأن هذا يخالف مبادئ الاتحاد السوفيتى.

- سؤال: ومع ذلك فإذا أمكن التوصل إلى تسوية لصالحكم؛ فسيرى الكثيرون أن رغبات العرب تحققت بفضل الضغوط الأمريكية على إسرائيل، وحينئذ قد تخشى موسكو أن تجنى واشنطن ثمار السلام؟

* الرئيس: مثل هذا التفكير ليس له أساس، فهل تعتقد أن السلام القائم على العدل يكون ممكناً دون الجهود المستمرة التى يبذلها أصدقاؤنا السوفييت؟!

- سؤال: ألا تعتقدون يا سيادة الرئيس أن المعونة الضخمة التى تتلقونها من الاتحاد السوفيتى فى كافة المجالات تهدد - على المدى الطويل - بالإضرار باستقلال مصر؟

* الرئيس (ضاحكاً): نظراً لأنى المدين لهم، فأنا أقوى الطرفين الشريكين، إنهم يهتمون باسترداد أموالهم، وأنا أسعى إلى استمرار علاقات الند للند معهم.

إننا بالطبع نعتمد عسكرياً على الاتحاد السوفيتى؛ لقد حاولنا أن نحصل على الأسلحة من الدول الغربية، ولكننا لم نتمكن من الحصول على بندقية واحدة؛ ولذلك فإننا نشكر الاتحاد السوفيتى؛ لأنه يمدنا بالأسلحة للدفاع عن بلادنا ضد الغزاة الإسرائيليين.

إن علاقاتنا مع الاتحاد السوفيتى فى الواقع تعتبر تجربة فريدة جداً، فإنهم لم يحاولوا التأثير علينا على الإطلاق، ولم يحاولوا أن يقولوا لنا ماذا يتعين علينا أن نفعل. لقد جاء إلينا خمسة آلاف فنى من الاتحاد السوفيتى لبناء السد العالى، ولم يحاولوا بأى وسيلة كانت أن يؤثروا على أى شخص، أو أن يقوموا بأى نشاط دعائى أو أيديولوجى على الإطلاق. لقد طلبنا منهم سلاح، وطلبنا منهم قروضاً، وطلبنا منهم إنشاء صناعات، وطلبنا منهم قمحاً، وطلبنا منهم تأجيل أقساط الديون، ثم طلبنا منهم أن يتنازلوا لنا عن ٥٠%  من الديون، ولقد كانوا حقاً خير معينين، ولم يطلبوا منا أى شىء فى مقابل معاونتهم لنا.

- سؤال: لماذا - فى اعتقاد سيادتكم -  يتعاملون معكم بهذا التعاطف؟

* الرئيس: لأنهم بكل بساطة مثلنا معادون للاستعمار، ولأنهم يفضلون أن نكون مستقلين على أن نكون خاضعين لسيطرة الأمريكيين أو الإنجليز.

- سؤال: كم من السنين تحتاجون إليها - فى اعتقاد سيادتكم - لتصلوا إلى توازن القوة بين مصر وإسرائيل؟ وهل تعتقدون أنكم ستكونون يوماً فى وضع يسمح بفرض حل عسكرى للمشكلة إذا اقتضى الأمر ذلك؟

* الرئيس: من الصعب حساب مثل هذه الأمور، ولكن الشىء الذى أنا واثق منه هو أن الوقت يعمل فى صالحنا.

- سؤال: ومع ذلك فإن بعض قادة إسرائيل مقتنعون بعكس ذلك، فهم يرون أن عدم التوازن بين الدول المتقدمة تكنولوجيا وبين الدول النامية فى المجال العسكرى وفى المجال الاقتصادى سيظل يتزايد، وأن قوة إسرائيل تصبح أكثر فأكثر قوة لا تقهر، فما رأى سيادتكم فى هذه النظرية؟

* الرئيس: أعتقد أن هؤلا الزعماء الإسرائيليين يخدعون الرأى العام، ويحاولون أن يدفعوه إلى تفكير غير صائب؛ فإن بلادهم ليست أكثر تقدماً على المستوى التكنولوجى، فنحن نستطيع مثلهم تماماً أن نصلح سيارة أو طائرة، وإذا ما استبعدنا الأطفال والمسنين فإن عدد سكانهم العاملين يبلغ مجموعه مليون شخص، وفى مصر أكثر من مليون فنى، فجامعاتنا تخرج كل عام ألف مهندس.

يدعى الإسرائيليون أنهم كسبوا حرب عام ١٩٦٧ بوسائلهم الخاصة، لقد عطلوا بالفعل كل راداراتنا وكل أجهزتنا التى توجه الصواريخ من الأرض إلى الجو التى كنا نمتلكها، وقد مكنهم ذلك من شل دفاعنا الجوى، ولكن الذين ركبوا أو صنعوا الأجهزة الإلكترونية التى استخدمت لذلك - وقتئذ - لم يكونوا من الإسرائيليين؛ لقد قدم لهم الأمريكيون هذه الأجهزة فى غلاف من السوليفان.

- سؤال: كيف تفسرون سيادتكم أن لدى إسرائيل عدداً من الطيارين أكثر مما لديكم؟

* الرئيس: إن هذه ظاهرة يمكن تفسيرها؛ فإسرائيل يمكنها - على العكس من مصر - أن تجند طيارين مدربين من جميع أنحاء العالم؛ من فرنسا، ومن الولايات المتحدة، ومن بريطانيا، ومن جنوب إفريقيا مثلاً، تحت ستار قوانين الهجرة، ولكن العرب لا يمكنهم الحصول على طيارين على الإطلاق، وعلينا أن نعد الطيارين، وقد وضعنا بعد الحرب نظاماً للتدريب السريع، وأصبحت فترة التعليم الآن ثمانية عشر شهراً يواصل الطيارين بعدها تدريبهم بلا توقف.

- سؤال: ماذا عن بيع طائرات "الميراج" الفرنسية إلى ليبيا؟

* الرئيس: إنه يمكنك إذن أن تدرك أن هذه العملية لا تغير فى شىء من ميزان القوى بين إسرائيل والدول العربية، فالليبيون ليس لديهم طيارون لهذه الطائرات، ولن يتم تسليم أى طائرة لهم هذا العام، وسيتسلمون ثمانى طائرات "ميراج" فى العام المقبل، واثنتى عشرة طائرة فقط فى عام ١٩٧٢، ولن يكون تسليم هذه الطائرات إلى ليبيا ملموساً إلا فى عام ١٩٧٣، أما الإسرائيليون فإنهم لم يحتفظوا بسلاح طيرانهم الذى كان لديهم قبل الحرب سليماً فحسب؛ ولكنهم لم يكفوا عن تسلم طائرات أمريكية جديدة؛ ومنها قاذفات القنابل الثقيلة "الفانتوم" التى لا تمتلكها أى دولة من الدول العربية.

إن الأمريكيين يدعون أنهم يؤيدون تسوية سلمية، ولكنهم يتجاهلون أن السلام بالنسبة لإسرائيل له معنى مختلف تماماً عن معناه المعروف؛ فالحدود الآمنة والمعترف بها التى يطالب بها الزعماء الصهيونيون هى التى تقوم على ضم بعض الأراضى العربية، متحدين بذلك القانون الدولى وأبسط قواعد العدالة، ومؤيدوا السلام العادل فى إسرائيل يرزحون تحت وطأة المؤسسة العسكرية التى تسيطر على الدولة من قمة رأسها إلى قاعدتها.

الوسوم