بيروت | Clouds 28.7 c

حرب اسرائيلية ضد لبنان خلال الشهرين  المقبلين؟ / خاص - الشراع

مجلة الشراع 18 ايار 2020

شهران خطيران بانتظار لبنان , في حزيران ( يونيو )وتموز(يوليو) المقبلين.

وثمة معطيات ومؤشرات عديدة حول ذلك, من دون ان يتضح بعد ما اذا كانت الحرب الاسرائيلية ضد لبنان على رأس المخاطر التي تتهدد بلاد الارز خلال الشهرين المشار اليه ,رغم ان اوساطاً سياسية لا تستبعد ذلك وتشير في الوقت نفسه الى انها تملك معلومات حول ان عنوان الحرب مطروح بقوة, وان الاجتماع الاخير بين رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو تطرق الى هذا العنوان من دون ان تتوافر معلومات محددة حتى الآن حول ما اذا كان الامر قد حسم او انه رهن بتطورات معينة ينتظرها الطرفان.

ومن المؤشرات والمعطيات المتوافرة على هذا الصعيد هو ان الظروف الحالية تعتبر الافضل بالنسبة لواشنطن وتل ابيب من اجل شن مثل هذه الحرب , حيث يسود الاعتقاد بان كل ما قامت به ادارة دونالد ترامب خلال السنوات القليلة الماضية من ضغوط وعقوبات ومواجهات مع الطرف الايراني وحلفائه ادت وظيفتها في خلق مناخات مؤاتية لشن حرب سريعة وحاسمة وباقل كلفة لكسر وضرب أذرع ايران في لبنان وسورية وفلسطين وغيرها من الدول , وان ثمار ما قامت به واشنطن ترامب قد اينعت وحان وقت قطافها من خلال شن حرب او الوصول الى حافتها او التلويح بها بغية تحقيق اهدافها بالمفاوضات او الاتصالات.

هذا مع العلم وفق هذا المقاربة , ان الظروف التي فرضها فيروس كورونا على العالم والمنطقة ,وتشديد الحصار على ايران وأذرعها وفي مقدمتها حزب الله في لبنان , جعلت الحسابات الاسرائيلية اليوم مختلفة عما كانت عليه سابقاً, عندما كانت اسرائيل تخشى على معدل النمو الاقتصادي المرتفع الذي حققته في السنوات القليلة الماضية والذي انهار مؤخرا على غرار ما حصل في باقي دول العالم ,اوعندما كان الجميع يخشى من انعكاس اي حرب على النفط واسعاره وممرات نقله, في وقت وضع فيروس كوفيد -19 في عالم متصل من الازمات  لن تضيف اي حرب جديدا عليها, فالخسائر واقعة في كل العالم وفي زمن الخسائر هذه وانشغال العالم كله بتفشي الجائحة الجرثومية سيكون الوضع او التعاطي مع الحرب اذا اندلعت في غير مستوى التعاطي معها لو لم يكن هناك الوضع الناجم عن فيروس كورونا على امتداد الكرة الارضية كلها.

ويشير سفير سابق للبنان في الولايات المتحدة الاميركية نقلاً عن مسؤول اميركي رفيع , ان ايران واقعية ولن تعمد الى الانتحار وسط هذه الظروف ,وثمة رهان في واشنطن على ان طهران لن تسير بقدميها الى ما تعرف انه سيكون مدمرا بالنسبة لها, سواء بحرب او بغيرها وان عليها ان تحكم خيار العقل والمنطق والمصلحة على الشعارات كون مرحلة التدخل في شؤون الدول الاخرى قد انتهى كما ان قطف ثمار الحروب في المنطقة سواء التي شنتها الولايات المتحدة او غيرها قد انتهى.

اما بالنسبة للبنان ,كما يضيف المسؤول نفسه, فان ما صار مؤكداً هو انه لايمكن لهذا البلد الصغير الذي تحرص واشنطن على استقراره وامنه شرط عدم تحوله الى ورقة للاستخدام الايراني , ان يستمر كجرعة اوكسيجين لاقتصاد النظام السوري المتهاوي وكذلك لاقتصاد ايران المتهالك,زاعماً ان الكل يعرف ان شح الدولار في الاسواق اللبنانية سببه قيام طهران ومعها دمشق بسحب ما يمكن سحبه من لبنان وعلى حساب الشعب اللبناني من العملة الخضراء لشراء حاجياتهما من الاسواق العالمية , وهذا هو السبب الاساسي للازمة المستفحلة اليوم في لبنان.

 وسبق ل"الشراع" ان نشرت في الاسبوع الماضي تقريرا عن ان حجم ما نقل من لبنان الى سورية خلال فترة زمنية قصيرة شهدت احتدام ازمة الدولار في لبنان وصل الى حدود الاربعة مليارات دولار.

واذ يعتقد المسؤول الاميركي نفسه ان ما طرحه صندوق النقد الدولي في موضوع ضبط المعابر غير الشرعية على الحدود اللبنانية – السورية هو اول الخطوات المطلوبة للجم الازمة,مشيرا الى سيل من التقارير التي تتحدث عن ان عمليات التهريب من لبنان الى سورية صارت تشمل حتى الطحين والمازوت المدعوم من قبل السلطات اللبنانية دعما لمواطنيها وليس دعما لنظام دمشق الذي يشهد اسوأ ازمة مالية واقتصادية له حاليا منذ بدء الازمة السورية وحتى الآن.

ويتقاطع هذا الامر ,مع ما تتحدث عنه اوساط قوى الثامن من اذار التي تتحدث اليوم عما تسميه "كمين استراتيجي "نصب للمقاومة , بهدف اقفال الحدود اللبنانية – السورية, وضرب العمق السوري للبنان والعمق اللبناني لسورية,مشيرا الى ان دعوة امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه الاخير الى التطبيع مع دمشق هو بمثابة الرد الطبيعي والمنطقي على محاولات عزل لبنان عن سورية وعزل الاخيرة عن لبنان, خصوصا وان هناك توجهات لدى بعض القوى من اجل توسيع نطاق انتشار القوات الدولية من الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة لتشمل الحدود اللبنانية – السورية.

يضاف الى ذلك كله الموضوع المتعلق بالصورايخ الدقيقة التي يملكها حزب الله في لبنان , والتي كان اكثر من موفد اميركي قد اثارها مع كبار المسؤولين اللبنانيين في اوقات وفترات سابقة , ما يشير الى ان هذه الصورايخ قد تكون احد الشروط التي ينبغي على لبنان ان يلبيها مقابل مساعدته من قبل مؤسسات دولية معنية او دول تولت في مراحل سابقة تقديم الدعم والمساعدة للبنان.

كان يقال سابقاً ان اسرائيل لن تشن حرباً ضد لبنان او غيره من دون توافر عدد من الشروط اهمها ان تكون الحرب سريعة ومضمونة النتائج وبكلفة صغيرة. وما منع اسرائيل منذ العام 2005 وحتى اليوم من القيام بشن حرب على لبنان هو عدم قدرتها على تأمين هذه الشروط. فهل تغير الوضع اليوم في ظل الكلام الاسرائيلي والاميركي عن تراجع قوة الحزب وضعفه بسبب الازمة الاقتصادية والمالية التي تصيبه وتصيب حلفائه في المحور الذي ينتمي اليه؟

بصرف النظر عن ذلك , وسواء أقدم الاسرائيليون ومن خلفهم واشنطن على شن عدوان جديد ضد لبنان بمسميات مختلفة بينها ما كان اعلنه وزير الحرب الاسرائيلي قبل اسبوعين حول بدء عملية إخراج ايران من سورية, او لم يقدموا ,فان ما ورد يشير بوضوح خصوصا اذا حصل نوع من رفع الغطاء الاميركي عن لبنان ولو جزئيا او لمرحلة معينة قصيرة او غير قصيرة ,فان الامور سائرة باتجاه تصعيدي, قد يكون ما شهدناه حتى الان لا يساوي جزءاً يسيراً مما قد نشهده خلال الشهرين المقبلين.

وبكل الاحوال ,فان التجارب السابقة دلت انه ليس بالضرورة لحسابات البيدر الاميركية والاسرائيلية ان تكون مطابقة لحسابات البيدر, واخر الامثلة على ذلك تجسد في حرب تموز(يوليو) عام 2006.

 

الوسوم