بيروت | Clouds 28.7 c

بين انقاذه اوتدميره بحروب جديدة: لبنان في مهب مفاجآت ترامب المقبلة / خاص الشراع

مجلة الشراع 11 أيار 2020

  • - تراجع حظوظ ترامب الانتخابية يفتح باب التوقعات امام ما يعده من مفاجآت تسووية او تفجيرية
  • - مفاوضات اميركية - ايرانية في عمان لادارة الصراع يأمل كثيرون بان تفضي الى تسوية يستفيد منها لبنان
  • - ايران تريد قاسم سليماني لعنة تلاحق ترامب وتمنع التجديد له
  • - الازمة اللبنانية يمكن حلها بكبسة زر اذا حصل التوافق المنشود دولياً واقليمياً
  • - تدمير الصواريخ الدقيقة لحزب الله مطلب اميركي – اسرائيلي وهو احد اهداف اي حرب جديدة
  • - اتفاق بين ترامب وبوتين على انهاء اي وجود عسكري اجنبي في سورية واطلاق يد الروس فيها

خاص – "الشراع"

لا يخفى على احد ان العامل الخارجي في الازمة اللبنانية حاضر بقوة .

ومنذ تأسيس الكيان اللبناني كان هذا العامل حاضراً بقوة ,سلباً او ايجاباً بمؤثراته المباشرة وغير المباشرة.

حدث هذا الامر قبل تأسيس حزب الله ودخول ايران على خط الاحداث في لبنان والمنطقة. وعلى سبيل المثال لا الحصر لا يغيب عن الذهن مشهد الاسطول الاميركي السادس على الشواطئ اللبنانية في العام 1958 في اعقاب ما سمي حلف بغداد ,ولولا الموقف الريادي التاريخي لجمال عبد الناصر لما كان أمكن يومها لجم الصراع الناشب واستيعابه من خلال انتخاب فؤاد شهاب رئيسا للجمهورية بموافقة كل الاطراف الرئيسية والفاعلة عربياً ودولياً.

وبالطبع فان هذا التوصيف الواقعي لا يتوخى الدفاع عن ايران بل الاضاءة على واقع الازمة المتفاقمة في لبنان اليوم وبشكل غير مسبوق ويهدد ليس فقط الدولة والشعب والمؤسسات بل والكيان ايضاً, ما دفع النائب السابق وليد جنبلاط في تغريدة اخيرة له الى الترحم على اتفاقية سايكس بيكو.

مؤدى هذا الكلام ,ان ثمة سباقاً اليوم بين توجهين قائمين ويحكمان مسار الصراع الاميركي- الايراني المحتدم في المنطقة وفي اكثر من ملف وقضية.

الاول :  التوجه نحو تسوية ما يجري العمل على  الوصول اليها في مفاوضات يكشف مصدر واسع الاطلاع عن حصولها حالياً ومنذ فترة في سلطنة عمان بين وفدين اميركي وايراني. وفي حال نجحت هذه المفاوضات في تجاوز طبيعتها التي ترتكز في الاساس على ادارة الصراع وليس حله ,فان انعكاس ذلك سرعان ما سيترجم في غير بلد  ,ولبنان طبعاً يندرج اسمه في رأس قائمة تلك الدول.

والمحرك الاول في سياق هذا التوجه , هو الاضرار الكبيرة اللاحقة باستمرار احتدام الصراع ولاسيما بعد تفشي فيروس كوفيد 19 في العالم , وتأثيره الفادح على اقتصاديات العالم ودوله فضلا عن سياسات دول كثيرة.

الثاني ؛ هو  التوجه نحو المزيد من التصعيد وصولاً الى شن حرب بدأ بعض الاوساط الاميركية يتحدث عنها ضد ايران وفنزويلا على وجه الخصوص, بعد ان وصلت الامور اميركياً الى حد ضاقت معه خيارات الرئيس الاميركي دونالد ترامب الطامح كما هو معروف للبقاء ولاية جديدة في البيت الابيض.

ترامب قبل ازمة كورونا كان واثقاً من الفوز بأرجحية مريحة له , كما كانت تشير استطلاعات الرأي وكما عبر هو نفسه غير مرة , الا ان سلسلة النكسات التي لحقت بوضعه الداخلي منذ تفشي جائحة كوفيد 19 وتحميله داخل الولايات المتحدة  مسؤولية التقصير في اتخاذ الاجراءات الكفيلة بمواجهته ووأده ,اضافة الى سلسلة اخرى من الاخطاء والنكسات ,اعادت خلط الامور الى درجة ان أفضل استطلاعات الرأي بالنسبة لترامب لا تعطيه اكثر من نسبة خمسين بالمائة للفوز مقابل نسبة مماثلة لمنافسه الديمقراطي جو بايدن.

ومن انهيار سعر النفط الصخري الاميركي ,الى الفشل في تنفيذ الاتفاق الاميركي مع حركة "طالبان" في افغانستان رغم مرور شهرين على بدء العمل به , وصولاً الى ما يحصل في العراق واختلاف التعاطي مع واشنطن رغم الاتفاقات المبرمة معها ,فضلاً عن ارتفاع بعض الاصوات القائلة ان السياسة الاميركية في لبنان قد تؤدي الى تقوية نفوذ ايران وسيطرتها من خلال حزب الله عليه ...الخ, كل ذلك دفع بالمراقبين من المتابعين للشأن الاميركي الى توقع مفاجآت اعتاد العالم من ترامب القيام بها سواء كانت ذات طابع سلبي وهجومي من نوع اغتيال اللواء قاسم سليماني , او ذات طابع مرن وتسووي من النوع الذي كان أقدم عليه مع كوريا الشمالية وزعيمها كيم جونغ أون قبل اكثر من سنة.

وقد تكون التسريبات الاخيرة عن احتمال التوصل بين ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى اتفاق حول سورية يقضي بانهاء اي وجود عسكري خارجي فيها ومن ضمنه الوجود العسكري الاميركي على ان تكون القوات الروسية وحدها المولجة بالتواجد في سورية ,واحدة من الاشارات حول ما يحضره ترامب من مفاجآت لاسيما بعد ان تعززت هذه التسريبات بما يحصل على الارض حيث تتولى الطائرات الحربية والصواريخ الاسرائيلية استهداف مواقع وتجمعات ايرانية , من دون ان يطلق عليها اي صاروخ من منظومة "أس 300" التي تملكها دمشق او التي ينشرها الروس في سورية لتأمين مظلة حامية لقواتهم فيها.

ووفقاً لسفير سابق للبنان في الولايات المتحدة اضطر للبقاء فيها بسبب جائحة كورونا ,فان الخيارات الداخلية امام ترامب تضيق وتشد على خناقه,خصوصا بعد ان حسم الحزب الديمقراطي المنافس أمره, واختار جو بايدن مرشحا وحيداً باسمه في الانتخابات الرئاسية المقررة في تشرين الثاني – نوفمبر المقبل, وبعد ان قرر الرئيس الاسبق باراك اوباما ان يقود بنفسه معركة اسقاط ترامب وايصال بايدن للرئاسة ,بكل ما يرمز اليه هذا الرجل سواء على مستوى الاتفاق النووي مع ايران الذي وقع في عهده او على مستوى حل الدولتين الذي طرحه لحل القضية الفلسطينية قبل ان يطرح الرئيس الحالي صفقة القرن المشؤومة... فضلا عما تعنيه مرحلة اوباما التي امتدت لثماني سنوات في الولايات المتحدة من استقرار وبحبوحة ونمو اقتصادي والتقليل من التدخل العسكري في الخارج ومن ارسال قوات اميركية اضافية الى الخارج,ما يعني ان ترامب سيكون امام معركة انتخابية داخلية طاحنة , بدأت اسرائيل منذ الان بالتحذير من نتائجها عليها في حال لم ينجح ترامب في التجديد لنفسه .

من هنا, فان مفاجآت ترامب يتوقع ان تكون من العيار الثقيل من اجل استعادة ثقة الناخب الاميركي, بصرف النظر عما اذا كانت من نوع شن حروب جديدة او حل ازمات وصراعات من نوع الصراع مع ايران الذي تسبب بأذى كبير وغير مسبوق لها الا انه في الوقت نفسه لم يصل الى نتائجه المرجوة من قبل ترامب حتى الآن على الاقل وحصد في حالات عديدة نتائج معاكسة لما توخى تحقيقه.

و لبنان الذي عرف تاريخياً بانه يحظى بمظلة حامية له من الغرب , ما يعنيه ضمن هذا المشهد ,هو عدم تفاقم الامور وتأزمها, علماً ان ثمة من يرى ان حل ازمات بلاد الارز يمكن ان يتم بكبسة زر ,في حال حصل توافق ما او تسوية بين الاميركيين والايرانيين تعيد لبنان الى اداء دور المساحة المشتركة بين طهران وواشنطن كما كان خلال سنوات سابقة.

وهذا الامر رغم استبعاده من قبل اوساط قريبة من حزب الله, كون" لعنة قاسم سليماني قد لحقت بترامب" والثأر لدمه سيتم قريباً من خلال ابعاد الاخير عن البيت الابيض بكل الوسائل التي يمكن لايران ان تستخدمها, يبقى مطروحاً  وهو حتمي طال الوقت او قصر, الا انه لا يوازي الخيار او التوجه الاخر بالتصعيد العسكري والامني الذي يخشى ان يكون لبنان احدى ساحاته الرئيسية ,لاسيما مع الكلام الاميركي والاسرائيلي المتصاعد عن ان الضغوط على حزب الله أضعفته وحاصرته وأفقدته ما كان له من امكانات مالية , وان ما يسمونه "الاقتصاص " منه باتت ظروفه جاهزة في ظل العجز اللبناني عن القيام باي خطوة لحل مسألة "الدويلة ضمن الدولة" والسلاح غير الشرعي  وتفاقم الازمات المعيشية للبنانيين وانهيار عملتهم الوطنية.

ويعيد هذا الامر طرح أولوية طالما كانت اسرائيل تعطيها الصدارة في تعاطيها مع لبنان ,ليس فقط على مستوى رسم الحدود البحرية ,بل وايضاً على مستوى ما تتحدث عنه دائماً مباشرة وعبر الوسطاء الاميركيين الذين قدموا في فترات سابقة الى لبنان , وهي  تتصل بموضوع الصورايخ الدقيقة التي يملكها حزب الله وانشأ مصانع لانتاجها في مناطق عديدة في لبنان كما نبه وحذر الاميركيون وهددوا باتخاذ تدابير صارمة ضد لبنان اذا لم يعالج هذه المسألة. (راجع عدد "الشراع" عن الصورايخ الدقيقة العدد1905 المنشور بتاريخ 21 حزيران – يونيو 2019).

لبنان بين خيارين الان . وفي الحالتين ,فان الصيف المقبل على الابواب ينذر بان يشهد منعطفاً غيرعادي , بين ان يعود مساحة مشتركة دولية واقليمية عربية وغير عربية تتيح انقاذه من براثن أزمة مستعصية ,وبين ان يكون صيفاً ملتهباً يضيف الى أزمات البلد ما يضعه على فوهة بركان يهدد انفجاره باحراق الأخضر واليابس وبمجاعة اين منها ما حصل عام 1914.

هذا من دون اسقاط احتمالات اخرى اهمها , تجاوز لبنان الوقت الذي سيستغرقه السباق الانتخابي الاميركي الى البيت الابيض, وما يمكن ان يؤول اليه في حال هزم دونالد ترامب وعاد الديمقراطيون الى الحكم ليعيدوا بلادهم والعالم الى اجواء السياسات الاميركية السابقة  والمعهودة والتقليدية.

الوسوم