بيروت | Clouds 28.7 c

طبيب القلب البيروتي اليساري، يرحل../ بقلم حسن صبرا

طبيب القلب البيروتي اليساري .. يرحل 
 بقلم حسن صبرا

مجلة الشراع 10 نيسان 2020
————————————-  
  انه الطبيب اسامة الفاخوري والده شيخ تربيته دينية ويندر ان تجد في بيروت ابن شيخ علمانياً فليس بعد عبد الله العلايلي مثيلاً الا ما ندر فالشيخ العلايلي هو من مؤسسي الحزب التقدمي الاشتراكي مع االزعيم كمال جنبلاط والمفارقة ان ابن الشيخ رئيف الفاخوري اسامة يدين لكمال جنبلاط بصعوده السياسي ضمن المناخ الذي صعد منه رواد اليسار بإنعطافة جاءت بها المقاومة الفلسطينية بعد هزيمة حزيران / يونيو1967 واكتملت مع الحرب الأهلية فيما عرف بحرب السنتين1975/76التي كانت هذه المقاومة وحلفها مع اليسار اللبناني بقيادة كمال جنبلاط الوجه الآخر لهذه الحرب . 
 كان اسامة فاخوري هو خيار جنبلاط لمواجهة اركان نظام 1943 في بيروت وعلى رأسهم زعيم بيروت العنيد والقبضاي صائب سلام ، ولم يكن د اسامة وحيداً في هذا الخيار فقد كان معه المهندس محمد قباني والحاج عزت حرب والمحامي فؤاد شبقلو وآخرين . وعلى الرغم من ان صعود فاخوري السياسي تجسد في ترئيسه المجلس السياسي لبيروت عام 1976 الا انه لم يجد طريقه الى الندوة النيابية الا ضمن لائحة الرئيس سليم الحص في انتخابات 1992 التي قاطعها البيارتة  والمسيحيين  
 كان د فاخوري خصماً ناقداًبسخرية للرئيس رفيق الحريري بعد تشكيله أولى حكوماته في خريف 1992 وكأن ضمن تكتل الحص النيابي أكثرهم تحاملاً على الحريري لكنه كان من أوائل المتصلين بالحريري لثنيه عن الاستقالة وقد سمعناه يقول لأبي بهاء : دولة الرئيس وين رايح وتاركنا ؟ 
 وعلى الرغم من عصبيته احيانا فإن طرائفه كانت غالبة في ممارساته السياسية وفي دفاعه عن أخلاقيات الرئيس الراحل إلياس سركيس وصفه بأنه إلياس صر الكيس اَي اقفل الهدر إشارة الى نزاهة الرجل ونظافة يده
 وكان د فاخوري منسجماً مع نفسه فيقف ضد الواقع السياسي المتحول ويرفض الإنعطاف حين يفرض التحول على السياسي الإنحناء للعاصفة اذا كان يرفض السير معها او مسابقتها وقد حصل ان تراكض اليسار الذي كان يشن حرباً لا هوادة فيها ضد الزعيم صائب سلام قبل الإجتياح الصهيوني للبنان صيف 1982 الى دارة المصيطبة ليقف على آراء صائب بيك وحلوله بينما رفض فاخوري هذا التحول وهو الذي بنى ماضيه السياسي القريب والقصير على مواجهة صائب بيك. 
 انزوى د فاخوري لسنوات بعد صعود الحريرية السياسية وإنكفاء كل قيادات بيروت والمناطق السنية وكان طبيعياً ان يقتنع فاخوري ان كمال جنبلاط رحل وان سليم الحص انزوى وان الشارع البيروتي ما عاد يقبل علمانياً او يسارياً وان رفيق الحريري السني العربي العالمي اختصر الجميع قبل ان يقتله حجمه الكبير وان لبنان بعد الحريري الكبير وضمور الحريرية السياسية في عهد الحريري الصغير صار إقطاعية لإقطاع من نوع غير مسبوق في الفساد والإفساد ، في المذهبية وفي استتباع الخرفان وكل عنزة معلقة بكرعوبها . 
  انه زمن الهبوط يا دكتور اسامة ولا مكانة لأمثالك فيه وربما كان غيابك عنه من حسن حظك

  رب غفرانك

الوسوم