بيروت | Clouds 28.7 c

ابا شــاكر، حفظك الله / بقلم حسن صبرا

ابا شاكر، حفظك الله

بقلم حسن صبرا

مجلة الشـراع 6 نيسان 2020

فجأة انتشرت على مواقع تواصل اجتماعي إشاعة وفاة رئيس مجلس قيادة حركة الناصريين المستقلين -المرابطون الأخ ابراهيم قليلات وصارت حديث المدينة والبلد وكان من الطبيعي ان نندفع للسؤال عمن وراء هذه الإشاعة ونحن نعلم كذبها ليتبين ان وراءها موقع حزبي ناصري في مصر التبس عليه نبأ وفاة العميد فهمي حمدان والد العميد الصديق مصطفى حمدان الذي هو ابن شقيقة ابو شاكر فبث نعي العميد فهمي بإشاعة طالت الأخ ابو شاكر. 

   لإهتمام الواسع الذي الهب وسائل التواصل والهواتف بعد انتشار الشائعة جعل الكلام عن الفراغ السياسي في بيروت وجزء أساس من لبنان يعود من واقعة الثقل السياسي والشعبي الذي كان يمثله قليلات لكثيرين في البلد بما يعنيه الرجل من عنفوان بيروتي مستمد من شخصيته ومن ثلاثة أمور جوهرية موضوعية كانت رافعته في عصور سابقة ويفتقدها لبنان والعروبة والسنة في وقت واحد. 

  الامر الاول ان الشاب ابراهيم قليلات كان لصيقاً الى حد كبير مع واحد من أقوى زعماء لبنان بقوة شخصيته وثقته بنفسه ووطنيته ولبنانيته وعروبته وهو صائب سلام الذي أتيح لإبراهيم ان يكون معه باكراً من قادة ثوار 1958 الميدانيين  الموثوقين الذين كان الزعيم المصيطباوي اللبناني يعتمد عليهم في إظهار قوة شكيمته على الارض .

  الامر الثاني ان إبراهيم قليلات ربما كان اكثر قيادات لبنان وبيروت الشعبية التصاقًا بمشروع بطل العروبة الخالد جمال عبد الناصر عن قناعة وإيمان وعن جدارة جعلت القاهرة في عصر جمال تعتبر الشاب الصامت الهاديء الأكثر حضورًا في الحسابات الشعبية المباشرة في سياسة مصر اللبنانية - البيروتية

  الامر الثالث هو ان الأخ إبراهيم التصق سياسياً بالمقاومة الفلسطينية منذ لحظة انطلاقتها لقتال العدو الصهيوني وتحديداً بعد احتلال هذا العدو لاراضي عربية في مصر وسورية وكل فلسطين . وتجسيداً لربطه الجدلي بين إيمانه المستمر بقيادة جمال عبد الناصر التاريخية وواجب المقاومة الفلسطينية ضد العدو اعتمد ابو شاكر شعار جمال الذي اطلقه بعد النكسة وبدء عمليات المقاومة الفلسطينية ضد اسرائيل وهو: 

ان المقاومة الفلسطينية ضد العدو الصهيوني هي انبل ظاهرة انجبتها الأمة العربية بعد نكسة يونيو 1967 . 

 لم يحد ابو شاكر لحظة عن مباديء آمن بها مذ كان يافعًا الى ان تكالب عليه مخبرو نظام الاسد لتصفية قواه التي خشيت مشروعه الوطني - القومي فأبعدوه بالقوة والتهديد عن بيروت الى بلاد المنفى منذ اكثر من 35 سنة 

  وظل ابو شاكر وفياً في السياسة لبيروت ولبنان عندما رفض كل إغراءات العودة الى بيروت على حصان ابيض عندما ادرك بثاقب بصره ان هذه العودة هي بهدف توظيفها في مواجهة مشروع رفيق الحريري الشامل حتى لو كان ابو شاكر متحفظاً على بعض سياسات ابو بهاء . 

  ربما كان كثيرون يرون ان ابراهيم بات ماضياً للذكرى في بيروت وربما لا يرى البعض هذه الذكرى الا من خلال الإقتتال الطائفي في لبنان والمرابطون جزء منه لكن الذين يعرفون الرجل لا يرون فيه الا ناصرية صافية وعروبة نقية وبيروتية أصيلة وولاء لفلسطين ثابت وكل هذا يمكن وضعه في إطار مواجهة كان عنوانها اثناء الحرب الأهلية هو الدفاع عن عروبة لبنان 

  يبقى ان نسجل في مسار ابو شاكر السياسي قناعاته التي قد نختلف فيها معه في النهج والأسلوب وهو ما اتهم به بجريمة قتل الصحافي كامل مروه عام 1966  والثاني هو ما رافق معركة الدفاع عن عروبة لبنان من تجاوزات مسيئة تقضي الشجاعة ان يتحملها ابو شاكر صاحب القبضة الحديد في بيروت خلال حرب السنتين 1975-1976 حتى لو كانت هذه التجاوزات هي نزهة وشم هوا قياسا بمرحلتي النهب المنظم الذي قام به نظام أسرة الاسد طيلة 30  سنةً 

ومرحلة النهب الشرعي والسياسي المستمر منذ عقود في لبنان ويقوم به الحاكمون بتكالب واستفراس وشبق غير مسبوق..

  إبراهيم قليلات آثر الإبتعاد لظروف سياسية اول الامر ومكرهاً ثم ألزمته الظروف الصحية والعائلية على الإبتعاد حتى الآن وفي جميع الحالات يظل عنفوان الرجل وشعوره الزاخر بالكرامة حاجة عروبية ووطنية وبيروتية وسنية من دون تردد..

يبقى ان نختم ان اَي زعامة وطنية في لبنان وخصوصًا اذا كانت سنية تحتاج الى إلتزام عروبي حقيقي والى رافعة عربية صلبة والى شفافية في الممارسة ونظافة كف وإلى عمق في فهم حاجات اللبنانيين الى وطن وليس الى مزرعة او زريبة كما هو الآن

الوسوم