بيروت | Clouds 28.7 c

‏‫أم على قلوب أقفالها؟!! درعا ضحية من..؟ بقلم: محمد خليفة

 

‏‫أم على قلوب أقفالها؟!! درعا ضحية من..؟ بقلم: محمد خليفة

 

تنتشر حالياً في الداخل السوري مقولة ((إن الثورة بدأت في حوران.. وفي حوران ستدفن الثورة))!.

مقولة معلبة ومعدة بعناية مسبقة،كجزء من سياسة إعلامية يتبعها النظام لتأكيد قوته وانتصاره، وإقناع الناس بأن الثورة كانت ((مؤامرة خارجية)) أو وهماً خامر عقول فئات مضللة من السوريين انساقوا خلفها ووقعوا في المؤامرة.

يهتم النظام بالرموز كما يهتم بها الثوار, ورمزية درعا وحوران كانت مهمة جداً في تجربة الثورة, ولذلك رمى بكل ثقله وراء معركة السيطرة على حوران واستعادة سلطته على المنطقة المحملة بالرموز. ويراهن الأسد الآن على أن تصبح حوران ((مقبرة الثورة)) بعد أن كانت في وعي الجميع ((مهد الثورة)).

كان يحق للأسد أن يقول ذلك وأكثر لو أن فصائل الثورة في حوران انهزمت لأن حاضنتها الشعبية تخلت عنها أو نبذتها، وطلبت عودتها الى ((حضن الاسد)). أما أن تسحق الفصائل بأيدي تحالف دولي لا مثيل له، جمع كل الأطراف الدولية المتناقضة والمتصارعة، فذلك شرف لها وللثورة السورية التي كشفت نفاق العالم كما لم تكشفه أي  قضية أو حادثة في تاريخ العالم القريب. 

في حوران تكرر السيناريو التراجيدي الذي رأيناه في حلب أولاً عام 2016، ثم تكرر بحذافيره في ريف دمشق ثانياً, ثم انتهى في الجنوب..((وقد نراه قريباً في ادلب))!.

تواطؤ فاضح بين الدول والاطراف المعادية للثورة وأقرب الحلفاء الذين تصدروا صفوف ((أصدقاء الشعب السوري)), وملأوا العالم ضجيجاً بخطاباتهم التحريضية. بدأ هذا التواطؤ بين الاصدقاء والاعداء بقفزة تركيا من خندق الثورة الى خندق التحالف الروسي والايراني, فسقطت حلب ضحية هذه العلاقة الحرام بعد 16 شهراً من عمليات القصف والتدمير والتهجير الهمجية, استهدفت السكان المدنيين عمداً, وأبادت المستشفيات والمدارس والأسواق والمساجد.

وفي الزبداني ومضايا تكررت الفضيحة بضلوع إحدى أكثر الدول المحسوبة على أصدقاء الشعب السوري في جريمة ايران لتهجير الثوار الذين صمدوا ست سنوات وسط حصار خانق وقاتل وقصف وحشي لم يهدأ يوماً, وإحضار سكان شيعة لزرعهم في هاتين البلدتين القريبتين من لبنان.

وأما الغوطة الشرقية التي أقضت مضاجع الاسد, واستعصت على فرقة ماهر الاسد الرابعة, وكشفت جبن وخواء جنرالاته وقواته, وأذلت حلفاءه الايرانيين على مدى سنوات, وكشفت تدخل سيئ الذكر باراك أوباما مرة بعد مرة ليمنع هجوم الثوار على العاصمة لإسقاط النظام, ومع ذلك لم تسقط الغوطة عسكرياً إلا بعد قصف سكانها بالكيماوي عشرات المرات وبتواطؤ مكشوف بين دول عديدة عربية كبرى وتدخل روسيا.

في حوران انضم لاعبون جدد الى مؤامرة اسقاط قلعتها الشامخة. انضمت ادارة ترامب, ولم تخجل من إبلاغ الثوار بقرارها, وهي الضامن الدولي الرسمي لاتفاق خفض التوتر. وانضم العدو الاسرائيلي بموافقته على إعادة جيش الاسد الى حدوده, ليواصل وظيفته الأمنية التي أثبت فيها إخلاصه لأمن العدو طوال أربعين سنة وتخليه الواقعي عن الجولان ((كما سبق وتخلى عن اللواء السليب)), وبموافقة العدو الاستثنائية على مشاركة قوات ايران وحزب الله في معركة إسقاط حوران.

 اسرائيل التي تتصيد الأهداف الايرانية في وسط سورية وأقصى شرقها وشمالها, وتتمسك بدفعهم بعيداً عن حدودها,لم تتردد في الموافقة على مشاركتهم في ذبح ثوار حوران بأيدي الروس والايرانيين وعصابات سهيل الحسن المسماة زوراً ((لجيش العربي السوري))!

في حوران تكرر سقوط الأمم المتحدة, فسقطت آخر ورقة توت عن عورتها, وعن عورات النظام الدولي, إذ لم ينعقد مجلس الأمن الدولي إلا مرة واحدة, وعلى استحياء, وانتهت الجلسة بفشل في اصدار بيان يعبر عن ((القلق)) على عذابات المدنيين النازحين من الجحيم الذي أشعله الروس  للقضاء على أسطورة الثوار الصامدين دفاعاً عن أرضهم وعرضهم. 

قائمة الضالعين والمتواطئين في جريمة اسقاط درعا وحوران طويلة , وتضم ( أشقاء ) غير أعزاء شاركناهم غرفة موك التي كان هدفها الحقيقي ((ضبط حركة الثوار)) لكي لا يزحفوا على دمشق بدون علم منهم, ومن واشنطن. 

لم يكن ممكناً إسقاط مهد الثورة وقلعتها الجنوبية, كما لم يكن ممكناً إسقاط حلب, ولا الغوطة ولا حمص بدون هذا التواطؤ الدولي الفاضح. لقد أسقطها الروس بهمجيتهم المأثورة والموثقة ترتيباً لأوضاع وخارطة منطقة حساسة تتربع اسرائيل والاردن ولبنان على مقربة منها, وتضم فسيفساء طائفية دقيقة, تمهيداً لإثبات قدرتهم على فرض أجندتهم وإنهاء الأزمة التي أحرجت الغرب والعالم الديموقراطي والأمم المتحدة كما لم تفعل ذلك أي أزمة أخرى كما قلنا مراراً.

كان لا بد من التدخل الجراحي وبتر الحالة الثورية هنا قبل أيام من قمة هلسنكي بين بوتين وترامب, لكي تتوثق العلاقة الجديدة بين الرئيسين والدولتين, ويعيدا الشرعية لنظام الاسد ما دام ذلك يضمن أمن إسرائيل, ويرسخ تعاونهما على ترتيب الأوضاع الجيو - سياسية للشرق الاوسط, بشكل طويل المدى, بإيجاد تسويات دموية على حساب شعوب المنطقة المتطلعة للأمن والسلام والحرية, وكأنها لا تستحق التمتع بهذه الحقوق, كما تتمتع بها بقية شعوب الأرض. 

الارجح أن نظاماً دولياً جديداً يتعهد إقامته ترامب وبوتين, على جثث السوريين. الاجتماع في هلسنكي, ولكن أسس النظام الجديد في سورية.

            

الوسوم