بيروت | Clouds 28.7 c

الجزء الأخير من أفكار د. محمد شحرور حول الاصلاح الديني لن ندخل في دين الله أفواجاً حتى نخرج من دين الآباء /كتب:حسن صبرا

الجزء الأخير من أفكار د. محمد شحرور حول الاصلاح الديني

لن ندخل في دين الله أفواجاً

حتى نخرج من دين الآباء

كتب/ حسن صبرا

مجلة الشراع 14 شباط 2020 العدد 1938

  • *كل الأحكام الشرعية في كتب الفقه لا علاقة لها بالمصحف
  • *اذا قرأنا المصحف بعيون القرن 21 نجد كل الحلول فيه.. لكن المسلمين يقرأونه بعيون القرون الأولى
  • *المحرمات في القرآن 14 وعند الفقهاء بالمئات
  • *الاسلام خرج من شبه جزيرة العرب والسلفية كذلك، والاصلاح يجب ان يبدأ من جزيرة العرب
  • *معظم الإلحاد في بلاد العرب سياسي بسبب الشعور بالظلم والغبن
  • *العقل العربي الجمعي متخلف ونحن نسير في طريق الهلاك
  • *نحن أتباع محمد المؤمنون المسلمون، وهناك المسلمون المسيحيون والمسلمون اليهود والمسلمون الهندوس
  • *يجب محاسبة الانسان على عمله وليس على تدينه
  • *الفقهاء يعاملون الناس على أساس: بُني الاسلام على خمس وليس على أساس القيم الانسانية الموجودة في المصحف
  • *التدين ظاهرة فردية، والفقهاء يظنون انهم هم المسلمون وان غيرهم كافر ومشرك
  • *القانون الاسلامي قانون مدني بحت.. في نقل الثروة وفي العقوبات، وفي الحرب والسلم وفي الأسرة
  • *العقل العربي صيغ كي يكون عقلاً قياسياً.. وهذا يجعله عاجزاً عن انتاج المعرفة
  • *تحديد المكروه يحدد وفق الشخص والقانون والمجتمع والعرف
  • *المساكنة او رفضها يحددها القبول الشخصي والقانون والمجتمع والعرف
  • *كل حرام مكروه وليس كل حلال مقبول
  • *الحج هو خلال أربعة أشهر وليس يوماً واحداً
  • *الرسالة المحمدية ألغت الحجاب.. وهو موجود في اليهودية والمسيحية
  • *الحجاب كان لباس المرأة قبل الاسلام، وهو جزء من تقاليد البادية
  • *الفقهاء حولوا عادات وتقاليد وملابس العرب قبل الاسلام.. الى دين
  • *الحساب في الآخرة فردي.. ومقولة ان للمسيحيين واليهود الدنيا ولنا الآخرة هي وهم، لأن الحساب الجمعي في الدنيا وليس في الآخرة

 

كتب حسن صبرا

في الجزء الثاني من الحوار الذي أجرته محطة ((الحرة)) من واشنطن مع الدكتور محمد شحرور يجيب المفكر الاسلامي الذي رحل منذ شهرين عن الكثير من الأسئلة التي طرحها المذيع سيد يوسف نيابة عن ملايين المسلمين.. ومعظمها صادم وهو يحدد ان الحساب في الآخرة فردي.. وان الرسالة المحمدية ألغت الحجاب، وان هناك مؤمنين مسلمين، ومسيحيين مسلمين ويهوداً مسلمين..

فلنتابع:

#تقول يا دكتور شحرور انه لا يمكن الدخول في دين الله أفواجاً حتى نخرج من دين الآباء.. ماذا يعني هذا؟

-قلت لك ان كل الأحكام الشرعية في كتب الفقه، لا علاقة لها بالمصحف، لا في الزواج ولا في الطلاق ولا في الإرث.. لأن الفقه هو صياغة انسانية حتى يتناسب مع مصالح الدولتين الأموية والعباسية، ولن تصطلح الأمور حتى تعود لحكم البرلمانات وليس للفقهاء.. لأننا لسنا بحاجة لكتب الفقهاء والفقه، نحن بحاجة الى التشريع الإلهي الذي يسود في كل برلمانات العالم.. وهذا ما لم يفهمه المسلمون المتمسكون بكتب الفقهاء.

#هل هذا يعني اننا بحاجة لتجديد الخطاب الديني؟

-نحن بحاجة الى نقل المركز من الحديث الى القرآن. من القرن السابع الى القرن العشرين، أي ان نقرأ المصحف بعيون القرن الواحد والعشرين وليس بعيون القرن السابع.. اذا قرأته بعيون القرون الأولى بعد الاسلام لا أجد حلولاً.. انما الحلول التي قدمها الله للبشرية عبر الزمان عبر القرآن.. هي السائدة في اوروبا وأميركا.

في المصحف يقول لك ان المحرمات هي 14 فقط، ولا يوجد برلمان في العالم أضاف واحدة الى هذه التي حددها الله في القرآن الكريم، أما في الفقه فهناك مئات المحرمات، هذا هو الفرق.. وأهل الأرض ملتزمون بالمحرمات لوحدهم.. لكننا نحن نخضع للفقه ويفرض علينا مئات المحرمات.

أنا أرى ان الاسلام خرج من شبه جزيرة العرب وأن السلفية خرجت من شبه جزيرة العرب.. لذا لإعادة أسس الدين يجب ان نخرج من شبه جزيرة العرب حتى نضمن لها النجاح ليعتمدها المسلمون في كل أرجاء الأرض.. والاسلام دين مدني.

#نسمعك تفرق بين الإلحاد الديني والالحاد السياسي هل يمكن ان تشرح لنا أكثر؟

-نعم معظم الملحدين في البلاد العربية إلحادهم سياسي شعوراً بالغبن والظلم من طروحات الفقه الديني الموروث، بينما الإلحاد الحقيقي هو عندما يكون أحدهم دارساً فلسفة ودارساً العلوم وقد يصل الى أسئلة الفلسفة الكبرى، وقد يلحد او لا يلحد.. اما الإلحاد السائد فهو إلحاد خيبة أمل من كل هذا المطروح ومن رجال الدين ومن الحكام.. وسبب ذلك اجتماعي سياسي.

أنا لم أقابل ملحداً فكرياً بحتاً الا واحداً او اثنين وانا من خلال كتبي وأبحاثي تأتيني رسائل كثيرة من ملحدين يعترفون بأنهم كانوا سائرين في الإلحاد نتيجة الظلم والفشل لكننا عندما قرأنا كتبك وأبحاثك رجعنا الى الايمان لأنك قدمت لنا الدين وتحدثت عن الله كما يجب ان نعرفه.

هناك أمر مهم جداً.. نحن الآن علينا ان نجري اصلاحاً فكرياً لأن العقل الجمعي العربي عقل متخلف وآحادي.. واذا استمررنا هكذا فنحن نسير في طريق الهلاك، وهذا قانون رباني شئنا أم أبينا.

الأحادية والتخلف فيها بالقانون الالهي هلاك كل مجتمع متطور متعدد يعيش تحت مظلة لا إله الا الله وثوابه في الدنيا الأمن والسعادة.. التعددية وحقوق الانسان توأمان لا ينفصلان لماذا؟ الله واحد وما عداه متعدد، الله ثابت وما عداه متغير، نحن ثابتون على القرن السابع لذا وقعنا في الشرك، إما ان نتغير او اننا نندثر.

#أليس هذا مناقضاً لمنطق الحرية الفردية؟

-عندما قال العقل الجمعي العربي بني الاسلام على خمس صار عقلاً متديناً.. عندما يعمل بالسياسة يحدثنا عن أحكامه هو: حكم المرتد، حكم الكافر، حكم المرأة من دون غطاء على الرأس، وهذا طبيعي في مجتمع متدين.. بينما الاسلام هو الايمان بالله والعمل الصالح.. نحن أتباع محمد المسلمون المؤمنون، وهناك المسلمون المسيحيون، وهناك المسلمون اليهود وهناك المسلمون الزرادشتيون وهناك المسلمون المجوس وهناك المسلمون البوذيون، وهناك المسلمون الهندوس. وهناك كل من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فقط طالما هناك الله واحد، الايمان بالإله الواحد هو الاسلام. ومن أحسن قولاً ممن دعا الى الله وعمل صالحاً وقال اني من المسلمين.. هذا هو الاسلام وهو القاسم المشترك والقيم الانسانية هي القاسم المشترك بين كل أهل الأرض. يحاسب الانسان على عمله وليس على تدينه.

#كيف توفق بين تعدد الملل واحترام المجتمعات؟

-المشكلة ان جماعة الفقه يعاملون الناس على أساس بني الاسلام على خمس، علاقتهم مع المجتمع بناء على هذا تناقض القيم الانسانية الموجودة في المصحف وهي الوصايا العشر عند كل الأديان وهي القاسم المشترك مع كل الأديان.

التدين ظاهرة فردية.. لذا هم يظنون انهم هم المسلمون وأن غيرهم كافر او مشرك.

اصلاح العقيدة: بني الاسلام على خمس غير صحيح.. رأس الاسلام لا إله الا الله، ورأس الايمان ان محمداً رسول الله.. في الصلاة والصوم انت تبرهن انك من أتباع محمد، اما في القيم الانسانية فأنت من أتباع رب العالمين، في القيم الانسانية انت من أتباع الله.

والقانون الاسلامي قانون مدني بحت.. كيف ذلك ماذا يوجد في المصحف من تشريعات:

1-نقل الثروة من جيل الى جيل وهذا موجود في المصحف.. وقد أعطاك المصحف خيارين لنقل الثروة:

أ-في الوصية – ب- في الإرث.

2-في العقوبات أعطاك الله احتمالين هما:

أ-السجن، ب - او الاعدام وليس في أي مجتمع في العالم الا أحد هذين الاحتمالين.

3-في بناء الأسرة أي الزواج  – أ- ميثاق الزوجية كما هو العقد الكنسي. وب- عقد ملك اليمين أي عقد مدني.

4-الحرب، الاسلام أعطاك احتمالين الحرب او السلام:

أ-في الحرب: (قال يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القتال وهو كره لكم).

ب-في السلم أعطاك: (ادخلوا في السلم كافة).

أعطاك مظاهر الحياة كلها في التاريخ.

وهذا ما يتبعه كل أهل الأرض وهذا تنظيم مدني كان ينظم الحلال.

#هناك فوضى في الفتاوى الدينية التي تسود في بلاد العرب، وهذا ما يسبب الاضطراب ما هو السبب؟

-العقل العربي صيغ لأن يكون عقلاً قياسياً، والعقل القياسي دائماً يحتاج الى صيغة أصلية كي يقيس عليها. وهذا العقل عاجز عن انتاج المعرفة، لأنه دائماً يحتاج الى نسخة أصلية ليقيس عليها، عقل ديني او يساري. لذا هم يسترجعون التاريخ.. مثلاً اذا النبي عليه الصلاة والسلام سمح بضرب الدف، فهذا يعني ان الدف حلال، وكل شيء غير ذلك حرام.

هذا النمط من التفكير أوقع الناس في حيرة شديدة وبات الانسان يسأل عن كل شيء اذا كان حلالاً او حراماً.

العقل العربي يجب ان تقول له ما هو المسموح استيراده لأن كل شيء ممنوع وفق الفقهاء.. بينما الممنوعات التي أوردها الله هي 14 فقط.

هذا العقل العربي صيغ لكي يخدم المستبد وهو عقل خائف من فعل أي شيء حتى لا يقع في الحرام.. لذا كثرت الفتاوى.

في الفقه هناك خمسة بنود، ثلاثة منها لا معنى لها ابداً:

فهناك الحلال والمكروه والمستحب والحرام والواجب. الحلال والمكروه والمستحب يجب حذفها.. لا علاقة للفقه بها.

انا أحدد ما هو المكروه وغيره.. وفق المجتمع والقانون ولا علاقة للفقه بها.

#المحرمات مئات عند الفقهاء.. وهي عند الله 14 كيف ذلك؟ بهذه الحالة يحلل كل انسان ما يريد ويحرم ما يريد؟

-لا.. الذوق الشخصي والقانون والمجتمع والأعراف تنظم الحلال.. الطبيب يمنع عن التدخين والدولة تمنع التدخين.. هنا ضرورة وجود الدولة.. الدولة تمنع التدخين ولكن لا يحق لها ان تحرم.. لا الأزهر، ولا الكونغرس ولا أي جهة تحرم بعد الـ 14، لأن الحرام لله فقط.

#هناك قضايا محل جدل يصعب وضع آراء فيها.. مثل المساكنة، وأنت وضعت قانوناً لها، وكثيرون يعتبرون ذلك حراماً. ما رأيك؟

-وضعت ملك اليمين وكتبت عن المساكنة. ونكاح المتعة ونكاح المسيار صراحة.

رب العالمين حرم الفواحش انت قل لي ما هو الحرام لا تقل لي ما هو الحلال.

قل لي ما هي الفواحش ما هو الحرام والباقي يحلله المجتمع والقانون يحدده.. أي الشخص نفسه والمجتمع والقانون هم الذين يحددون الحلال والحرام في كل أمر..

أنت قل لي ما هو الحرام.. الله قال لك ما هو الحرام وترك لك كل شيء حلال.. وهو مفتوح.

كل حرام مكروه وليس كل حلال مقبولاً.

#وماذا عن المساكنة هل هي مقبولة. هل هي حلال، وهناك من يرى انها حرام؟

-اذا كان القانون والمجتمع لا يمنع واذا لم تكن إكراهاً قد تكون ممنوعة ولكنها ليست حراماً.. هذه ليست من الفواحش.. ما عدا ذلك فالأمر يحدده الشخص والعرف والمجتمع والقانون.

#وهناك أمور لا يستطيع ان يحددها شخص بنفسه مثل الحج مثلاً، الذي هو في مكة لكن هناك من يقول ان الحج يجب ان يكون في سيناء في جبل الطور وان لديهم أدلة على ذلك وهذا يسبب مشكلة وبلبلة عند الناس.

-انا لا أرى في ذلك اطلاقاً أي شيء لأننا نعيش مشاكل أكثر من ذلك مئات المرات.. واذا كانت هذه مشكلة فقد تكون الأخيرة.

أنا كتبت عن الأهم وهو ان الحج هو أشهر وليس يوماً واحداً.. انه أربعة أشهر وهذا ورد في القرآن الكريم.. الحج أشهر معلومات وهي أشهر الحرم في أي يوم خلال هذه الأشهر الأربعة.

#ماذا عن الحجاب والجدل الدائر حوله؟

-الحجاب هو من أعراف العرب.. لقد أخذوا المجتمع العربي بعجره وبجره، لقد أخذوا المجتمع بعاداته وتقاليده وطعامه وشرابه وملابسه واعتبروا هذا ديناً.

الرسالة المحمدية ألغت الحجاب، والحجاب موجود في المسيحية وفي اليهودية كدين.. لكن الرسالة المحمدية لم تتحدث عنه، بل ان الفقهاء أخذوا ما كان سائداً قبل الاسلام وبعده من أعراف وتقاليد في كل شيء وأعتبروها ديناً وهذه هي البلبلة التي يعيشها المسلمون منذ عصور طويلة.

ما يسمونه حجاباً هو لباس المرأة في شبه جزيرة العرب قبل الاسلام.. أما ما يعتبره المسلمون واجباً شرعياً فهو ملغي غير ملزم لأحد.. نساء أهل الأرض يرتدين لباساً طبيعياً.

كل مجتمع تعددي متطور يعيش تحت مظلة لا إله الا الله وثوابه في الدنيا الأمن والسعادة، التعددية وحقوق الانسان توأمان لا ينفصلان.

وكل مجتمع أحادي متخلف يعيش تحت مظلة الإثم والظلم والضلال والشرك وعقوبته في الدنيا الهلاك مع الدمار ونحن نسير في طريق الهلاك.

الحساب في الآخرة فردي ولا يوجد فيها حساب جماعي، الحساب في الدنيا جماعي ولا يوجد حساب جماعي في الآخرة.. لذا فإن أطروحة لهم الدنيا ولنا الآخرة هذه خاطئة تماماً ووهم.

القيم الانسانية ضرورية لحياة المجتمعات في الدنيا والتدين كشعائر تخص كل ملة هي ظاهرة فردية بحتة، يمارسها كل انسان كي يتقرب الى الله الذي يؤمن به وهناك من لا يؤمن بالله، وحسب ايماني الشخصي كمسلم فإن حسابي سيكون كشخص أمام الله..

#لدينا مشكلة – تصاعد في الارعاب.. وظهور جماعات متطرفة.. وهناك كلام عن اصلاح ديني.. كيف نخرج من هذه الدائرة؟

-اذا لم نخرج نحن نسير في طريق الهلاك، والله يمكن ان يأتي بقوم آخرين.

نحن نسير في طريق الهلاك.

 

الوسوم