بيروت | Clouds 28.7 c

أردوغان: هزائم وخسائر بالجملة / بقلم: محمد خليفة

أردوغان: هزائم وخسائر بالجملة

بقلم: محمد خليفة

مجلة الشراع 7 شباط 2020 العدد 1937

 

يعلم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزبه أن تعدد وتراكم اخفاقاتهم في الداخل ستؤدي الى هزيمتهم في الانتخابات العامة القادمة, ولذلك باتوا منذ خسارتهم استانبول يسعون لتعويض هزائمهم الداخلية في ميادين الخارج, وبخاصة في الساحة السورية, ثم الليبية والمتوسطية, وأخيراً في أوروبا والغرب.

ولكن حسابات السوق لم تطابق حسابات البيدر فالخسائر تتكرر, فعملية ((نبع السلام)) التي شنها في شمال شرق سورية لإخضاع المسلحين الكرد لم تحقق شيئاً نتيجة التهديدات الأميركية, رغم كثرة الجعجعة حولها. كما فشلت سياسة تهجير السوريين العرب السنة بالقوة من تركيا الى تلك المناطق لإحداث تغيير ديموغرافي يحمي أمن تركيا القومي. وسبق أن فشل أردوغان في بسط هيمنته على منبج وعين العرب, وها هو الفشل يتكرر في ادلب, ويبدو حليفه الروسي جاداً بانتزاع المحافظة الكبيرة منه تدريجياً, وإعادتها لسلطة الأسد, ثم القضاء على قوات النصرة التي تتلقى الدعم من تركيا. وإلى هذه الخسائر خسر أردوغان ثقة ومحبة فئات واسعة من السوريين المواطنين والثوار معاً, بعد أن خذلهم وباعهم للروس والايرانيين طوال أربع سنوات في آستانا وسوتشي, وتخلى عنهم أخيراً بإغلاق حدوده في وجوههم, وجند الآلاف منهم ليقاتلوا بالوكالة عنه في ليبيا بينما إدلب بأمس الحاجة لمن يدافع عنها.

راهن اردوغان على استعادة ثقة الأتراك بتحقيق انتصارات قومية تشبع غرائزهم التواقة لإستعادة ((أمجاد)) بني عثمان في سورية وليبيا, ولكن معاركه ارتدت عليه سلباً, إذ خسر الارض والموقع في ادلب, وقتل عدداً من جنوده. وفي ليبيا تزداد ورطته في حرب مفتوحة تجري بعيداً عن بلاده, ستكلفه خسارة فادحة من دون ضمانة لإشباع طموحاته التوسعية التي سوقها لدى جمهوره الداخلي قائلاً إنه يدافع عن مليون تركي مهددين بالإبادة في طرابلس.

خسائر أردوغان تعكس في الواقع عقم رهاناته وحساباته وتقديراته على كل الأصعدة, فهو قامر بعلاقاته الاستراتيجية مع الولايات المتحدة, وأوروبا, وحلف (الناتو)) ليكسب روسيا والصين وايران ((وقطر)) ..!, وها هو يصطدم بالروس في سورية وليبيا معترفاً أن بوتين خدعه, وإلا فما معنى قول شاويش أوغلو للثوار السوريين ((دافعوا عن أنفسكم, نحن فشلنا في إلزام روسيا بوقف النار!)), هذا يعني أنه خسر الغرب ولم يكسب الشرق, وهي نتيجة تشبه خسارته للسوريين والعرب, من دون أن يضمن الايرانيين والأسد والعلويين في تركيا وسورية!

ستتحول هذه الاخفاقات حتماً خسائر مادية لاقتصاده المتراجع أصلاً, وخسائر سياسية على المستوى الدولي, وتؤدي هذه وتلك في النهاية الى هزيمة نكراء في الانتخابات القادمة لحزبه.

أردوغان يعرف ذلك, وتعكس خطاباته اليومية توتره المتزايد, وفقدانه أعصابه, واسفافه اللغوي الى درجة البذاءة, بما لا يليق برئيس دولة, ما جعله في غضون الأيام القليلة الأخيرة هدفاً لانتقادات لاذعة من فرنسا والجزائر وتونس والسعودية والامارات والكونغو رئيسة اللجنة الخاصة بليبيا في الاتحاد الافريقي! ولا أحد يعلم لماذا يتهجم أردوغان على العاهل السعودي بلغة بذيئة, ومزايدته عليه في الموقف من ((صفقة القرن)), مع أن كبار القادة الفلسطينيين قالوا إنه لا موقف يتقدم على موقف الرياض , بينما الكل يعلم أن مواقف أردوغان مجرد مزايدات جوفاء تكذبها العلاقات الممتازة التي تربطه بالعدو الصهيوني منذ أن صافح بحرارة شارون في مكتبه !!             

 

الوسوم