بيروت | Clouds 28.7 c

بوتين احتل سورية ما الذي يمنعه من التمدد نحو لبنان؟ كتب حسن صبرا

بوتين احتل سورية  ما الذي يمنعه من التمدد نحو لبنان؟

كتب حسن صبرا

مجلة الشراع 29 تشرين الثاني 2019 العدد 1927

 

اذا رسخت روسيا أقدامها في سورية، عسكرياً وأمنياً، من خلال قواعدها البحرية والجوية والبرية، واذا فرض فلاديمير بوتين على بشار الاسد دستوراً وتركيبة لجيشه، وألزم اسرائيل ان تتجنب ضرب أي قاعدة او مركز او ثكنة عسكرية لبشار في طول سورية وعرضها، تاركاً لبشار ان يتحمل أي عقاب صهيوني – بغض طرف روسي – اذا تجاهل التعليمات الروسية.

واذا كان بوتين قادراً على معاقبة بشار اذا تجاهل تعليماته فيدخل الأراضي التي يسيطر عليها بشار في سورية في أزمة وقود.. مثلاً.

واذا كان بوتين هو صاحب القرار بأن يدخل الاسد في مواجهة مع بعض أقاربه كآل مخلوف مثلاً للايحاء بأنه يحارب الفساد.

اذا كان هذا كله يحصل في سورية تعبيراً عن قدرة النفوذ الروسي على الامساك بمفاصل القرار الرئاسي والأمني والعسكري.

بعد هذا

لماذا سيكتفي بوتين بالامساك بسورية.. او بالجزء الأكبر منها، وهو صاحب الجموح الامبراطوري الروسي الأجشع.. وهو دارس جيداً قاعدة الاستراتيجية – السياسية في المنطقة التي تقول ان من يمسك بسورية قادر تماماً على الامساك بلبنان.. ألم يحتل النظام السوري عام 1955 وكان ديموقراطياً مدنياً مزارع شبعا بعد احتلال الصهاينة لفلسطين عام 1948؟

بوتين يعي جيداً ان حافظ الاسد بعد ان سيطر على مقاليد السلطة في سورية اندفع شبقاً لاحتلال لبنان والقبض على منظمة التحرير وحاول اخضاع الأردن.. نعم احتل وطن الأرز وتقاطع مع العدو الصهيوني للتخلص من منظمة التحرير الفلسطينية منافسته على حكم لبنان، وان كان الملك حسين أفشله حين دخل معه صراع الدم في تفجيرات متبادلة في عمان ودمشق نفسها فألزمه التراجع عن قضم المملكة الهاشمية.

كان الاسد بحاجة الى تفجير الوضع في لبنان كي يحقق مشروعه الشخصي المتقاطع مع مشروع كيسنجر لتوفير الأمن لاسرائيل كشرط لبقاء الاسد في السلطة في سورية،  فسعى الاسد جاهداً لبدء حرب أهلية في لبنان، وحاول في كل مناسبة استغلال كل نزاع داخلي لبناني حتى لو كان سلمياً، لينفذ منه الى البدء بمشروعه من اغتيال معروف سعد الى بوسطة عين الرمانة.. حتى توفرت له الفرصة فأدخل لبنان في حروب لا تنتهي ليحتله.

هكذا بوتين الآن.. يسعر الوضع في لبنان تمهيداً لأمر ما يريد تنفيذه فيه.. وليضحك اللبنانيون كثيراً على اعتراض وزير خارجية مجرم الحرب لافروف وهو يعلن ان بلاده هي ضد حكومة تكنوقراط في لبنان.. وما هو الهم الاستراتيجي لجمهورية روسيا الاتحادية اذا تسلم زياد بارود وزارة الأشغال او تسلمت نعمت بدرالدين وزارة التربية؟

اذا كانت روسيا الاتحادية مهتمة الآن بأمن لبنان لا بتفجيره بالاعتراض على مطالب الناس بحكومة تكنوقراط فليبادر مجرم الحرب فلاديمير بوتين.. اليوم وسريعاً بحل جزء من الأزمة الاقتصادية – النقدية في لبنان وهو فتح طريق بيروت – دمشق – بغداد براً لحمل البضائع اللبنانية التي يحتاجها العراق كسوق كبير للمنتجات الواردة من لبنان.

وهذا الاجراء العملي الذي دعا اليه أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله يحتاج الى تدبير سياسي من جهتين:

الأولى هي نظام بشار الأسد الذي عليه ان يسمح بعبور الشاحنات اللبنانية المحملة بالبضائع كمنتجات زراعية او صناعية لبنانية، وبأقل قدر ممكن من التعذيب والرسوم والاهانات والانتظار للسائقين ومرافقيهم حتى تصل زراعات لبنان الى العراق في وقت يسمح بعده بالتصريف من دون ان ترمى لفسادها من طول الانتظار.. مع العلم بأن أنباء كثيرة ترددت عن ارتفاع الرسوم السورية على عبور الشاحنات اللبنانية الى عدة أضعاف عما كانت عليه سابقاً منذ ان دعا السيد نصرالله الى التوجه نحو سوق العراق.. عبر سورية!

هذه الاجراءات السورية المعرقلة لمرور الشاحنات اللبنانية وغيرها المحملة بالمنتوجات الزراعية والصناعية، ستجهض من دون شك دعوة السيد نصرالله، لاستخدام الطريق البري عبر المصنع وغيره الى سورية ومنها الى البوكمال العراقي.

أمر آخر قد يجهض – بوعيه او من دونه – دعوة السيد حسن نصرالله، وهو منافسة البضائع الايرانية الرخيصة السعر نسبياً لأسباب عديدة منها المرور الآمن لها ومن دون رسوم بين البلدين وقرب المسافة للشاحنات المحملة للبضائع قياساً بتلك المرسلة من لبنان.

هنا

يمكن لروسيا ان تؤدي دوراً عند بشار الاسد وايران لتسهيل مرور البضائع من لبنان ولايجاد فرصة منافسة جدية داخل العراق.

هل يقتصر أمر الدخول الروسي من سورية الى لبنان على هذه الاجراءات التي تحسن من صادرات التجار والصناعيين اللبنانيين، لتنعكس ايجاباً على الحركة الاقتصادية شبه المعطلة في لبنان؟

الذي يملك ان يفعل هذا، قادر بالفعل على فعل المزيد.. لكن بوتين يتطلع الى الجائزة الكبرى وهو التمدد نحو لبنان.. ومن أين يتمدد؟ طبعاً من سورية، ومن أين البداية؟ طبعاً من الساحل السوري..

ولنتنبه الى ان هناك تنسيقاً روسياً – تركياً  في عاصمة الشمال اللبناني طرابلس التي وفرت للانتفاضة الوطنية ضد الحرامية حضناً واسعاً وحامياً.. وطرابلس هي عاصمة الساحل اللبناني – السوري، وكان اهمال مرفئها هو جزء من خطة حافظ الاسد لاخضاع الفيحاء العروبية التي احتضنت كل الحركات القومية الناصرية والبعثية والفلسطينية وكل هؤلاء ناصبهم الاسد العداء فلما عجز عن مواجهتها عاقب طرابلس بمنع اكمال معرض طرابلس الدولي حتى لا ينافس نجاحه معرض دمشق الدولي ومنع تطوير مرفأ طرابلس حتى لا ينافس مرفأي طرطوس واللاذقية، ومنع تحويل مطار القليعات العسكري الى ميناء مدني حتى لا يلجأ اليه اللبنانيون حين تعطيل مطار بيروت الدولي، وإلزامهم التوجه عبر سورية لاستخدام مطار دمشق في أسفارهم.

الآن

يجري الحديث عن تنسيق روسي – تركي في شمالي لبنان فهناك عدة قرى تركمانية، وهناك حركات اسلامية سنية قريبة من تركيا (الجماعة الاسلامية) وهناك حركات سلفية مقربة من السعودية والامارات.. وهذه كلها اوراق يمكن لتركيا استخدامها وتقديم خدمة لروسيا وهي تخوض حرباً صليبية ضد الاسلام والمسلمين السنة تحديداً في شمال لبنان. فتدخل روسيا عن طريق تركيا لطمأنة المسلمين السنة والسيطرة الروسية على جزء من لبنان.

قصفت طائرات مجرم الحرب بوتين مستشفيات السنة في سورية ليُقتل المرضى وأهاليهم وزوارهم ويُقتل الأطباء والممرضون والمسعفون في حرب ابادة لإفراغ مدن السنة من أهلها، وكان الاجرام الروسي العامل الأكثر ارعاباً لإبناء سورية ودفعهم للهجرة من بلادهم.

بوتين يرى ان الشمال اللبناني هو امتداد للساحل السوري حيث أقام بوتين مجتمعاً عسكرياً – مدنياً جواً وبراً وبحراً في القرى العلوية المشرفة على قاعدة حميميم وميناءي طرطوس واللاذقية.. واذ هو يعتبر ان الانتفاضة الوطنية ضد الحرامية في لبنان ممنوعة من تحقيق واحد من أهدافها وهو تشكيل حكومة تكنوقراط، فهو يندفع للقبض على عروس هذه الانتفاضة وهي طرابلس.

انه أول الغيث.. وبوتين يراهن على صراع الشوارع في لبنان كإنعكاس لتنازع المصالح بين مذاهبه للانقضاض.

تبقى المسألة الجوهرية

ماذا عن ايران في سورية وحزب الله في لبنان؟

لافروف باع حزب الله موقفاً ضد حكومة الاختصاصيين زاعماً ان هذا الموقف هو ضد مطلب واشنطن بإبعاد الحزب من الحكومة المقبلة عن طريق الاختصاصيين.. فهل يقبض الحزب وايران هذه البيعة اذا كان بوتين سيحالف أردوغان للدخول الى شمال لبنان؟ واذا كان بوتين يغري اميركا بأن أمن اسرائيل سيتوفر اذا دخل بوتين لبنان بطريقة او أخرى؟

وهل توقف الخوف الايراني داخل سورية من تمدد قبضة بوتين على كل من وما في سورية حيث نشر سلطة واهية لبشار الاسد ليلزم بشار أخذ الاذن منه اذا أراد دخول الحمام؟

يبدو اننا بحاجة الى التذكير للمرة الثالثة بأن السيد حسن نصرالله أعطى الضوء الاخضر لجبران باسيل لتحضير نفسه لتولي رئاسة الجمهورية خلفاً لعمه في الذكرى السنوية الثالثة لتوليها، وان السيد نصرالله – ربما – أراد إبعاد حليف بشار الاسد الوزير السابق سليمان فرنجية عن الرئاسة حتى لا يعيد لبشار أي دور في لبنان عبر صديقه فرنجية، فهل يمر جموح بوتين للتمدد نحو لبنان من سورية عبر أردوغان شمالاً وعبر بشار شرقاً.. بصمت ايراني غير معهود.. تلك هي المسألة.

النفط في بازار الرئاسة

في حمأة التنافس على الدعم الدولي للوصول الى رئاسة الجمهورية حصل بوتين على نسبة 20 % من مشروع التنقيب واستخراج وتصدير النفط والغاز في لبنان عبر شركة سبوتنيك الروسية.

البعض فسّر منح الروس حصة في مشروع لبنان النفطي والغازي بأنه دعوة لروسيا لردع اسرائيل عن التعدي على حقوق لبنان في الجنوب، على الرغم من ان اميركا لم تكن ابداً راضية عن دخول روسيا معترك النفط منافسة في احدى الدول التي تتلقى مساعدات عسكرية دائمة من اميركا.. اي لبنان.

صدق او لا تصدق

شكل بشار الاسد فرعاً كاملاً للاستخبارات تابعاً لجهاز أمن الدولة مؤلفاً من عدة أقسام وكل قسم يتكون من عدة مفارز، وكله خارج الأمن العسكري التقليدي ووضع على رأسه العميد السني عمار الرفاعي ومهمته الأساسية هي العمل في شمالي لبنان من طرابلس حتى الحدود السورية، ويتعاطى بإعداد الدراسات، ومجابهة الاستخبارات التركية التي تنشط شمالي لبنان.

بوتين الصليبي.. واغراءات للشيعة؟

اهتمامات فلاديمير بوتين الصليبية في لبنان وسورية تجعله مهموماً بحماية المسيحيين في البلدين متفاهماً مع رجب طيب أردوغان على حماية المسلمين السنة. تاركاً الشيعة لمصيرهم فهل يتركهم بوتين لعامله على سورية بشار الاسد؟

مصادر مطلعة قالت لـ((الشراع)) ان هناك تفاهماً روسياً – اميركياً على ان حصار سلاح حزب الله سيريح اسرائيل فترضى واشنطن عن دور روسي.

بوتين وعد بتحجيم صواريخ حزب الله في لبنان لكنه سيبقى على سلاحه في مقابل حصول تعديلات في النظام اللبناني لمصلحة الشيعة كأن تكون لهم نيابة رئيس الجمهورية بصلاحيات او قيادة الجيش (فيتو اميركي على ذلك) مع رئاسة مجلس النواب دائماً.

روسيا في خدمة اسرائيل لمواجهة ايران

بلغ التنسيق الروسي – الصهيوني في سورية، حد تقديم موسكو معلومات لإسرائيل عن معمل كبير للصواريخ الايرانية في صافيتا كان محاطاً بسرية عميقة حتى على قيادات أمنية وعسكرية كبيرة في جيش بشار الاسد.

دمرت اسرائيل المصنع بكامله وقتلت ضابطاً سورياً كبيراً متقاعداً هو الأكثر خبرة في مجال الصواريخ.

 

الوسوم