بيروت | Clouds 28.7 c

من هنا نبدأ / ((كلن يعني كلن)) – بقلم: حسن صبرا

من هنا نبدأ / ((كلن يعني كلن)) – بقلم: حسن صبرا

مجلة الشراع 22 تشرين الثاني 2019 العدد 1926

 

بداية

الموضوعية والعدل يقتضيان شطب روح المؤامرة من استخدام شباب وشابات ((الانتفاضة الوطنية ضد الحرامية))، لـ شعار ((كلن يعني كلن)) ذلك لأن الدقة تفرض على من يحرّض بأنها مؤامرة ان يعود الى أول حراك شبابي في ميدان رياض الصلح نزل تحت عنوان ((طلعت ريحتكم))، ورفع فيه صوراً لعدد من السياسيين الحاكمين، وعندما تصدى لهم زعران الأحياء المجاورة طالبين إنزال صور من يتبع له هؤلاء الزعران.. خرجت عبارة ((كلن يعني كلن)) عفوية لتصفع الزعران ومن خلفهم بما دفع هؤلاء ((الفلتانين)) الى استخدام العنف ضد شباب الحراك وشاباته فأجهضوا مسعى وطنياً لحماية صحة الناس ومصالحهم وحقوق الوطن ومواطنيه في المال والعدالة، التي تعني بالتأكيد هؤلاء الزعران، لأنها ترد لهم صفة المواطنة وحقوقها بدلاً من ان يظلوا قانعين بصفة القطيع خانعين ((للزعيم)).

فرط الزعران حراك عام 2015.. لكن الانتفاضة الوطنية ضد الحرامية التي نشأت بعد ان طفح الكيل من الفساد والفاسدين رفعت منذ المساء الأول في 17 -10- 2019 شعار ((كلن يعني كلن)) وهي تعني كل من مارس السلطة منذ العام 1989.. لبنانيين وسوريين، رؤساء ووزراء ونواباً ومديرين عامين ومتعهدين وقضاة وأمنيين ورؤساء مجالس وصناديق وهيئات.. لا تستثني من المسؤولين أحداً..

وكانت ذروة وضوحها في معادلة ثابتة: هي وقف السرقات واسترداد المال المنهوب، ومن المفيد القول ان وقف السرقات قد يتم نسبياً ومؤقتاً، ليعود اللصوص الى ما تربوا عليه واغتنوا منه وكدسوا ثروات.. اما استرداد المال المنهوب فهو من الصعوبة بحيث يقارب المستحيل.. وهذا حديث آخر.

((كلن يعني كلن)) لا يقصد منها فقط جمع اللصوص من المسؤولين كلهم في برميل زبالة واحد، بل يعني في الأصل ان المتضررين من هذه السرقات هم من كل الناس، أي من كل الطوائف، كل المذاهب، كل الطبقات حتى الثرية منها، كل الفئات العمرية، وفي كل المجالات، بداية من الصحة بكل مكوناتها الى التعليم بكل مراحله، الى توليد الطاقة بكل نواحيها، الى المياه النظيفة بكل مقاييسها، الى وظائف العمل بكل فروعه، الى التعامل الاداري بكل درجاته، الى اعتماد الكفاءة في كل الوظائف، الى البيئة النظيفة بكل شروطها..

بعد هذا

هل يبقى هناك أي تخرص لاسقاطات على شعار هذه الانتفاضة ((كلن يعني كلن)).

وبالمقابل فإن هؤلاء المقصودين بـ((كلن يعني كلن)) متضامنون حتى عظامهم، كما هم ملوثون حتى نخاعهم، كما هم وقحون لا وجوه لهم، وكم كتبنا بأن من مصلحة المواطنين ان يختلف حكامهم، لأنهم عندما يختلفون يعطون للناس هدايا الفضائح التي يغوص كل واحد منهم فيها، فيتساوون كلهم بالفضائح.. والويل كل الويل حين يتفق هؤلاء اللصوص من الحاكم، فتكون الحياة بينهم سمناً على عسل وهم متفقون على الزام الناس كل الناس بتناول السم على انه دواء، وتجرع العلقم على انه صبر، وبيع الدم على انه ترشيق.

وبعد

فلعل شعار ((كلن يعني كلن))، هو أوضح ما ابتدعته الذاكرة الجماعية الحاضرة للناس، لتجمع اللصوص من الحكام في صورة واحدة وتلصق نسخها على أعمدة الكهرباء وجدران الشوارع وزجاج المحلات، ولافتات الأحياء كمطلوبين للعدالة، لا تستثني احداً.. بينما ترفع بسواعدها شباباً وشابات، أطفالاً وشيباً علماً واحداً يحمل صورتها ويشد أصواتها الى العلى.. كلنا للوطن واللصوص من الحكام الى جهنم.

حسن صبرا

 

الوسوم