بيروت | Clouds 28.7 c

من قياصرة رومانوف الى قيصر الـ ((كي.ج.ب)) روسيا – ايران، زواج كاثوليكي / كتب حسن صبرا

من قياصرة رومانوف الى قيصر الـ  ((كي.ج.ب)) روسيا – ايران، زواج كاثوليكي / كتب حسن صبرا

*أرسل بريجنيف سفيره الى الخميني ليبلغه غزو افغانستان فأبقاه الامام منتظراً في سيارته حتى انتهاء صلاة الفجر

*بريجنيف نبه شاه ايران الى ان رئيس استخباراته بختياري كهرب له سريره فأنقذه من القتل

*مائتا ألف مشجع ايراني في مونديال روسيا دخلوا من دون تأشيرات

*اتفاق روسي – ايراني على تجاهل الدولار وتبادل البضائع بينهما بالروبل والتومان

*نبيه بري محامي الشيخ احمد النفري الذي حاول قتل سفير شاه ايران في بيروت

*أرسل شاه ايران طائرة خاصة لتسلم النفري من لبنان فحماه موسى الصدر

*روسيا ستجد وسيلة لطمأنة اسرائيل في جنوبي سورية وإبقاء الأسد حاكماً لطمأنة ايران، وابعاد الخطر عن الأردن

كتب حسن صبرا

مائتا الف ايراني زحفوا براً وجواً وبحراً الى روسيا لتشجيع منتخبهم الوطني في مباريات كأس العالم دورة 2018.

الرقم ضخم يستحقه فريق كرة قدم ايران الوطني بعد الأداء الكبير في مبارياته الثلاث أمام المغرب واسبانيا والبرتغال.. غير ان الأهم من الرقم الضخم هو التسهيلات التي قدمتها الدولة الايرانية لمن يريد السفر (ليس الى روسيا فقط) فالمصرف المركزي يبيع العملة الأجنبية (دولار او يورو..) بأسعار تقل 50 % عن سعرها في السوق او عند الصرافين فالمسافر الايراني يشتري الدولار بنصف السعر على ألا يزيد المبلغ عن 1000 يورو مثلاً..

والمهم أيضاً فيما خص روسيا ان دخول الايرانيين اليها يتم من دون الحصول على تأشيرة (كذلك تركيا).

والمهم أيضاً ان هناك اتفاقاً تجارياً بين ايران وروسيا للتبادل التجاري بينهما بالعملة المحلية، فيمكن لتجار روسيا بيع أي شيء للايرانيين وقبض أثمانه بالتومان الايراني، وكذلك يمكن لتجار ايران بيع أي شيء للروس وقبض أثمانه بالروبل الروسي (وتركيا كذلك).

 

روسيا – ايران

من القياصرة الى بوتين

قد يكون هذا العنوان مادة كتاب ضخم عن العلاقات بين الجارين الشيعي والأرثوذكسي، خصوصاً في تداول السلطة فيما بين عهود الملكية الى الجمهورية، والشيوعية الماورائية والدينية الاصولية.. لكن اختصار هذا كله ممكن من خلال وقائع تفي بالغرض عبر هذه التواريخ.

1-           من يصدق ان رئيس المكتب السياسي أمين عام الحزب الشيوعي السوفياتي ليونيد بريجنيف هو الذي أرسل للشاه رسولاً خاصاً بشكل سري كي يبلغه بأن رئيس جهاز استخباراته تيمور بختيار وضع خط توتر كهربائي داخل سريره كي تصعقه الكهرباء بمجرد لمس السرير ليموت محروقاً داخله.. طبعاً.. نجا شاه ايران الذي كان رجل اميركا القوي والأول في المنطقة في ذروة الحرب الباردة وصراعاتها بالوكالة في أرجاء العالم بين القطبين الكبيرين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي من كوبا الى انغولا ومن فيتنام الى الشرق الأوسط.. وصراع الكتلتين الكبيرتين في اوروبا الشرقية الشيوعية وأوروبا الغربية الرأسمالية وصراع حلف وارسو السوفياتي والحلف الأطلسي الأميركي..

هرب بختيار الى لبنان، لاجئاً سياسياً يحمل مالاً كثيراً وهو زعيم عشيرة البختياري الكبيرة ومنها زوج الشاه السابقة الجميلة ثريا (عملت في السينما بطلة ولم تنجح).

لم يستطع لبنان مقاومة ضغوط الشاه عليه وهو صاحب سطوة كبيرة، وكان ممثله في لبنان السفير منصور قدر أقوى رجال استخبارات الشاه في الخارج ذا حظوة وقدرة على توجيه نواب ووزراء وشخصيات مختلفة فضلاً عن تمويل بعض الاعلام صحفاً ومجلات ومؤسسات..

طلب رئيس الجمهورية يومها شارل حلو من الأمن العام ابلاغ بختيار بعدم قدرة لبنان على حمايته.. ترك بختيار لبنان. توجه الى العراق كي يستقبله الرئيس عبدالسلام عارف عزيزاً مكرماً، خصوصاً في ظل العداء بين رئيس جمهورية العراق المقرب من جمال عبدالناصر وبين شاه ايران عدو عبدالناصر، لا سيما بعد ان اعترف شاه ايران بإسرائيل، واتهم الشاه عبدالناصر بدعم ثورة الامام الخميني الأولى في 15 خرداد/ حزيران 1963.

فيما بعد رتبت استخبارات شاه ايران مؤامرة لقتل بختيار حين خطفت مجموعة ايرانية زعمت انها معارضة طائرة بحرانية تابعة لـ Gulf air، وهبطت فيها في بغداد التي استقبلتها وحمتها، وخلال مدة وجيزة تعرف أفراد المجموعة على بختيار وتصادقوا، ثم ترافقوا الى رحلة صيد قتلوا فيها المعارض الايراني الحقيقي الجنرال بختيار وهرب المزعومون بأنهم معارضة ليتبين أنهم من استخبارات الشاه.

منصور قدر تعرض لمحاولة اغتيال في بيروت اتهم فيها الشيخ احمد النفري، اعتقلته السلطات اللبنانية، وجاءت طائرة ايرانية لتسلمه من لبنان، تدخل الامام موسى الصدر لحمايته وتولى المحامي نبيه بري الدفاع عنه أمام المحكمة..

2-           من يصدق أيضاً ان الاتحاد السوفياتي بشخص ليونيد بريجنيف نفسه أرسل سفيره في ايران الساعة 2 فجراً الى قم حيث مقر الامام الخميني، حاملاً رسالة الى قائد الثورة الاسلامية في ايران كي يبلغه ان الاتحاد السوفياتي الذي يحشد جيوشه على حدود افغانستان سيتدخل عسكرياً في هذا البلد لحماية نفسه من الحروب الأهلية في افغانستان.

الامام الخميني الذي كان يدرك الكثير عن الغزو السوفياتي لأفغانستان، ويفهم مغزى مجيء السفير السوفياتي في هذا الوقت الباكر جداً من يوم الغزو أبقى سفير بريجنيف في سيارته ومحركها دائر والحرارة في الخارج تحت الصفر ولم يستقبله إلا بعد ان فرغ الامام من صلاة الفجر التي أداها في الثالثة ونصف تقريباً..

كان تعهد إذلال سفير السوفيات في طهران رسالة رافضة للغزو السوفياتي لأفغانستان.. لكن القضية هي في حرص السوفيات (الروس) على عدم استفزاز ايران في تلك المرحلة.

3-           في عهد فلاديمير بوتين التقت مصالح ايران وروسيا في الحاضر، ليضاف فيه صفحات من تواريخ التعاون بينهما في كل العهود. فسورية هي أبرز ساحات التواصل بينهما، وقد التقيا على هدف واحد، وهو إبقاء بشار الأسد حاكماً في بلاد هجّر نصف أهلها وقتل من الناس أكثر من نصف مليون، وخطف مثلهم، ما زال مصيرهم مجهولاً ودمّر وجرف قرى وأحياء..

صحيح ان اسرائيل تريد أيضاً إبقاء بشار حاكماً، لكن ما بين روسيا وإيران أبعد من هذا، والأهم هو ان الاثنتين المتشوقتين دائماً للوصول الى البحار الدافئة في البحر الأبيض المتوسط، التقيتا عند شواطئه المطلة على ساحة هي الأقرب الى اوروبا كلها، وما يعنيه هذا في كل رؤاهما الاستراتيجية. وعندما شعرت ايران ان مساعداتها الكثيفة لبشار مالاً وسلاحاً ونفطاً ومقاتلين من كل بلدان المحور الذي تتزعمه لن تبقي بشار يوماً واحداً في السلطة أرسلت قائد فيلق القدس في الحرس الثوري قاسم سليماني الى روسيا، ليلتقي بوتين ويلح عليه إرسال قواته الى سورية لانقاذ بشار..

استجاب بوتين لطلب سليماني، وحدد شروطاً عسكرية وسياسية أهمها استخدام القواعد العسكرية الايرانية لانطلاق الطائرات الروسية لقصف السوريين، وقد وافق سليماني على الأمر، وباتت طائرات بوتين تحط في قاعدة همدان العسكرية في خرق واضح للدستور الايراني وسيادة الدولة.

الأمر الآخر في شروط بوتين هو ان الكلمة العليا ستكون له في سورية في السياسة، وفي الشؤون العسكرية والأمنية.. وقد وافقت ايران على ذلك فتم احتلال حلب التي كانت تحت سيطرة المعارضة (تواطأ أردوغان مع الروس وسلم حلب لبوتين بعد ان سحب 25 ألف مقاتل من المعارضة منها ليستخدمهم في معاركه ضد الأكرد).

منع بوتين بشار الأسد من زيارة حلب بعد احتلالها، ونشر شرطة عسكرية روسية لتكون رقيبة على تجاوزات عصابات الأسد وضبطت الأمن فيها حتى الآن.

الأمر نفسه تكرر في الغوطة الشرقية حيث تواطأ أردوغان مع الروس، وبلع اتفاق خفض التصعيد الذي وقعه مع بوتين وحسن روحاني وسلم الغوطة كي يسمح له بوتين بدخول منبج (هنا تواطؤ آخر من ترامب).

 

فماذا عن درعا؟

قيل منذ البداية ان اسرائيل عقدت صفقة مع روسيا وأميركا والأردن تقضي بالموافقة على نشر من تبقى من جماعات بشار الأسد المسلحة المسماة الجيش على الحدود بين فلسطين المحتلة وسورية الجنوبية، مقابل سحب القوات الايرانية المختلفة من الجنوب.

اسرائيل تحدثت سابقاً عن هذا الانسحاب واستجاب لها فلاديمير بوتين ودونالد ترامب في قمتهما في هامبورغ 2017.. حين اتفقا على اخراج القوات الايرانية لمسافة 30 كلم بعيداً عن جبهة الجولان المحتلة لكن ضبط الانتشار العسكري هناك صعب جداً بسبب تداخل القوات المتقاتلة، وسهولة التغطية على أي مجموعة مسلحة.. وبالتالي ظلت الجبهة على حالها.

الجديد الآن ان الأردن الذي كان متخوفاً من الوجود الايراني المسلح على حدوده كما اسرائيل وافق على نشر جماعات الأسد وإن كان ما يزال محتاجاً الى ضمانات لأنه لا يتحمل المزيد من اللاجئين السوريين واسرائيل تريد ضمانات – اميركية بمنع اقتراب الايرانيين من الحدود.. ولا يبقى إلا روسيا صاحبة القدرة على تقديم هذه الضمانات.

هنا تبدأ صفحة جديدة في العلاقات الروسية – الايرانية، فهل تتخلى روسيا عن رؤيتها الاستراتيجية التقليدية للعلاقة مع ايران الممتدة من قياصرة أسرة رومانوف الى قيصر اسرة الاستخبارات فلاديمير بوتين؟

مهما بلغت التناقضات وكبرت فإن المصالح بين روسيا وإيران ستدفعهما الى ايجاد تسوية ما.. ترضي ايران مثلاً بإبقاء الأسد، ولا تغضب اسرائيل التي تريده ولا ترضى عنه بديلاً، وتهدىء خوف الأردن، ولا تزعج اميركا طالما اسرائيل راضية.. وهكذا يبقى الأسد ولتذهب سورية الى الجحيم.

 

بريجنيف أنقذ الشاه وأيقظ الخميني

بوتين: لن يغضب ايران

الأسد: فليبق حاكماً ولتذهب سورية الى الجحيم

نبيه بري: محامي شيخ حاول قتل سفير الشاه

عبدالله الثاني: ضمانات لمنع التمدد الايراني داخل الأردن

الخميني: تلامذته يتقنون اللعب مع الشيطان الأصغر: بوتين

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الوسوم