بيروت | Clouds 28.7 c

من هنا نبدأ / الثالثة.. ثابتة - بقلم حسن صبرا

من هنا نبدأ / الثالثة.. ثابتة

بقلم حسن صبرا

مجلة الشراع 25 تشرين أول 2019 العدد 1922

 

كسر اللبنانيون في ثورتهم الجديدة حاجز الخوف من إفلات الناهبين لثروات وطنهم زعرانهم عليهم لقمعهم كما كان يحصل خلال المحاولات الخجولة السابقة للاحتجاج.

كسر اللبنانيون حاجزاً آخر أخطر بل هو متكامل مع الأول وهو الطائفية والمذهبية الذي كان يوفر للزعران فرصة ممارسة بلطجتهم على شباب الورد الذي أطلق شعار طلعت ريحتهم، فلما ابتدعوا عبارة ((كلن يعني كلن)) يومها انهال عليهم الزعران بالضرب وبتخريب التظاهرة العفوية الشعبية لضرب الفساد.

كسر اللبنانيون حواجز توزيع الولاءات لهذا الزعيم (من زعم) او هذا اللص.. وكذلك رفع أعلام الاحزاب والجماعات ورفعوا العلم اللبناني فقط.. والعلمان الوحيدان اللذان شاهدهما اللبنانيون عبر الشاشات المرئية هما علم الجزائر في رسالة تحية للشعب الجزائري في ثورته المستمرة ضد الطغمة الفاسدة الحاكمة منذ نحو نصف قرن.. والعلم الثاني هو علم الجيش اللبناني في اشارة تعليق الأمل على المؤسسة الوطنية الجامعة التي كانت عبر الزمان مؤسسة منحازة الى اللبنانيين فقط ووطنهم.

ثورة اللبنانيين اليوم ربما هي الثورة الثالثة تحت رايات الاستقلال والسيادة.

الثورة الأولى عام 1943 وانتجت استقلال وطنهم.

الثورة الثانية هي ثورة الارز عام 2005 لطرد احتلال آل الاسد للبنان الذي استمر 30 سنة وانتج انهياراً شاملاً في كل امر في لبنان في السيادة وفي الاستقلال وفي المؤسسات وفي الانتماء الوطني وفي الاقتصاد مع نهب نحو 30 مليار دولار من لبنان لمصلحة آل الاسد ومن معهم.

في الثورة الأولى تنازل المسيحيون عن الولاء لفرنسا مقابل تنازل المسلمين عن المطالبة بالانضمام الى سورية: تسوية تنازلات.

في الثورة الثانية ثار نصف المجتمع اللبناني ويضم مسلمين ومسيحيين ضد احتلال آل الاسد للبنان وشكر النصف الآخر آل الاسد لدعمه المقاومة ضد اسرائيل: انقسام المقاومة ضد اسرائيل، ومواجهة احتلال آل الاسد.

في الثورة الثالثة نزل اللبنانيون من كل الطوائف والمذاهب موحدين كاسرين حاجز الخوف.. مطلقين جذوة الأمل في استقلال حقيقي يوفر للشعب الأمرين الاساسيين وهما:

1-لقمة خبز نظيفة + عمل + نزاهة.

2-استقلال حقيقي لا سيطرة فيه لاحتلال آل الاسد وفسادهم ولا لاحتلال العدو الصهيوني وأذنابه.

هذه الثورة جعلت صحيفة ((لوموند)) الفرنسية تكتب اعجاباً باللبنانيين الذين انتقلوا من ولاءات للمذاهب والطوائف الى ولاء وطني شامل وحقيقي.

هذه الثورة جعلت صحيفة ((الواشنطن بوست)) الاميركية تقول ان الأموال المنهوبة في لبنان هي 800 مليار دولار.. ووفق ((ستريت جورنال)) الاميركية ايضاً ان وزارة الخزانة تقدر الرقم ايضاً بـ 800 مليار دولار، واصفة الأمر بأنها أكبر جريمة ارتكبت بحق لبنان.

هذه الثورة قدمت نفسها للعالم كثورة تقمع الجوع بكشف اللصوص، وتقمع السرقات بطلب استعادة المسروقات، وتقمع محاولات تمزيق صفوفها بالمذهبية او بالطائفية كما كان يحدث سابقاً بالمزيد من الوحدة الوطنية.

انها الثورة الثالثة.. والثالثة ثابتة.

حسن صبرا

 

 

الوسوم