بيروت | Clouds 28.7 c

لبنان كمريض سرطان ينتظر العلاج.. او الموت/ كتب حسن صبرا

لبنان كمريض سرطان ينتظر العلاج.. او الموت/ كتب حسن صبرا

مجلة الشراع 30 آب 2019 العدد 1913-1914

 

لبنان مالياً

لبنان اقتصادياً

لبنان سلوكياً

لبنان سياسياً

لبنان هذا كمريض مصاب بسرطان ذهب الى طبيب منذ سنتين، وبعد اطلاع الطبيب على حال المريض من جميع النواحي حذر مريضه بأنه لن يعيش أكثر من شهرين.. لكنه مستمر في الحياة بعد مرور سنتين الى ان يقضي الله أمراً كان مفعولاً.

تذكروا ان البطريرك بشارة الراعي نقل عن رئيس الجمهورية ميشال عون قوله ان لبنان على حافة الافلاس.. وهذا الكلام مرّ عليه حتى الآن سنتان ولم يفلس لبنان.

فهل هذا يعني ان لبنان لن يفلس؟

لا أحد يتمنى هذا لا من الناس ولا من أصدقاء لبنان سواء من العرب او خصوصاً من اوروبا واميركا.

أما مسؤولو لبنان الذين أصابوا الوطن بالسرطان فهم آخر المهمومين بالمصير، والشاطر بينهم من يحتفظ بالمال القليل في لبنان لزوم مصاريف العائلة والمحاسيب، والقسم الأفظع من أموالهم هو في مصارف الخارج، وسنأتي على ذكر البلدان التي هرّب ويهرّب اليها المسؤولون أموالهم.

تصنيفات المؤسسات المالية الدولية عن حالة لبنان المالية والاقتصادية كلها سلبية.. والايجابي فيها انها لم تطلب حتى الآن افلاس لبنان.. ربما لأن اوروبا وأميركا لا تريدان مزيداً من المشاكل في هذه المنطقة في هذه المرحلة، وخبراء المال يؤكدون ان الذي يوقف حالة الانهيار المالي هو سياسة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة التي نجحت في توفير عشرات مليارات الدولارات في المصرف المركزي بما يمكنه من توفير ما تحتاج اليه الدولة التي تستدين كي تستمر في الحياة.

رئيس الجمهورية ميشال عون التقى لمرتين مدير ادارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي وزير المالية الأسبق جهاد أزعور ليستوضح منه طبيعة موقف الصندوق من حالة لبنان المالية، وكان أمراً لافتاً، خصوصاً بعد تقدير الصندوق عن هبوط تقدير النمو في لبنان الى أقل من 1 %، وبعد تسرب معلومات مصدرها مسؤول أميركي من أصل لبناني في الصندوق الدولي ((حذر فيها اللبنانيين من وضع أموالهم بالدولار في المصارف اللبنانية بسبب نقص في السيولة الدولارية، وطرح فك الربط بين الليرة والدولار)).

وكانت نصائح مسؤولين في صندوق النقد الدولي الموجهة للمعنيين في لبنان تصطدم بعدم قدرة أحد في لبنان على اتخاذ أي من الخطوات او التوصيات المطلوبة لانقاذ لبنان ومنها:

1-فك الربط بين الليرة والدولار، كما فعلت مصر وبنجاح منذ أكثر من سنتين من خلال تحرير صرف سعر الجنيه المصري حيث قفز سعر الدولار، من 6 جنيهات للدولار الواحد الى 19 جنيهاً ثم عاد للهبوط شيئاً فشيئاً وهو الآن في حدود الـ 16 جنيهاً وسبعين قرشاً.

هذا الاقتراح بفك سعر العملة الوطنية عن الدولار كما في مصر اصطدم بواقع ان مصر أقدمت على تحرير سعر عملتها الوطنية قياساً بالدولار بعد ان وصل احتياطها النقدي الى نحو 13 مليار دولار في مصرف مصر المركزي، أما في لبنان فإن احتياط مصرف لبنان من العملة الأجنبية هو نحو ثلاثة أضعاف ما كان موجوداً في مصرف مصر المركزي عن تحرير سعر الجنيه.

2-الخصخصة التي لا بد منها لمرافق أساسية هي ملك وادارة الدولة، لأنها مراكز الهدر الأساسية، وخصوصاً في القطاعات التالية:

*كهرباء لبنان حيث تستهلك سنوياً 2 مليار دولار لرفض المسؤولين المتعمد حل أزمة الكهرباء برفض عروض جدية لتوفيرها من خلال انشاء محطات توليد الطاقة أبدياً بما يعادل نصف تكلفة هدر سنة منها في ميزانية الدولة.

*خصخصة المرافق التالية: المطار – المرافىء – ورفض تشغيل وخصخصة مطار رينيه معوض في القليعات.

*رفض خصخصة المستشفيات الحكومية، ورفض توفير البطاقة الصحية الالزامية لابقاء هذه المستشفيات مشرعة أبواب التنفيعات والارتزاق رغم وجود أطباء واداريين محترمين في مواقع مهمة فيها.

3-اقفال المعابر غير الشرعية، وهذا الأمر بات مثار سخرية بين الناس لأن الأرقام التي يتداولها وزراء حاليون حول اعدادها متناقضة ومثيرة للعجب.

4-تنظيم الادارة اللبنانية المحشوة أساساً بالموظفين وزاد الطين بلة ان المسؤولين اللبنانيين الذين أصدروا قراراً عام 2016 بوقف التوظيف أعادوا حشوها بموظفين جدد تراوحت أرقامهم الرسمية (يا لسخرية القدر) بين 5 آلاف و11 ألف موظف جديد!!

بيت القصيد في كل هذه الاقتراحات هو لوقف الانهيار المالي وعجز الدولة عن وقف الاستدانة، كما عجزها عن الالتزام بما يلي:

1-عجزها عن الالتزام بما تعهدت به أمام مؤتمر ((سيدر)).

2-عجزها عن وقف الهدر في المؤسسات المستنزفة للمال العام وأبرزها الكهرباء.

3-عجزها عن توفير المال اللازم لادارة شؤون المجتمع سواء في ملف النفايات او المشاريع الانشائية.. لذا.. تلجأ الدولة الى المزيد من الاقتراض.

مع التذكير بأن الدين العام الحالي الذي بات على مشارف الـ 90 مليار دولار يتوزع كما يلي:

  1. 45 % من الدين هو لحساب مصرف لبنان.
  2. 40  % منه لحساب المصارف التجارية.
  3. 9  % لحساب القطاع العام اللبناني.
  4. 2 % ديون ثنائية ومؤسسات دولية.
  5. 2 % لقطاعات خاصة أجنبية وغالبيتها مؤسسات مالية.
  6.  2 % لحساب القطاع الخاص اللبناني.

أي ان أثرياء لبنان هم أقل الناس مساهمة في اقراض الدولة.. هل هناك ثقة معدومة من اللبنانيين بدولتهم أفظع من هذا؟

مصرف لبنان يتحمل العبء الأعظم من الديون، لذا هو يسعى لتوفير امكانات النقد الأجنبي من خلال سياسته مع المصارف وأبرزها مؤخراً الهندسة المالية التي كان من شأنها رفع سعر الفوائد على الدولار لتعزيز الايداع، خصوصاً من أموال الخارج. لكن هذا يعني ان كل حاجة الى زيادة الايداعات تعني المزيد من رفع الفوائد على الدولار ومن شأن هذه السياسة سلبياً ان تدفع كل صاحب مال الى ايداعه في المصارف لأن هذا أضمن له كثيراً من دخول مجال الاستثمار الذي يحرك العجلة الاقتصادية لكنه يعرضه للخسائر او الربح القليل وأعباء التوظيف والعمالة والضرائب..

حتى الآن وبسبب سياسة مصرف لبنان تتشجع مصارف لبنان على اقراض الدولة.. لكن هذا الأمر غير مضمون لأن المصارف تخشى عجز الدولة عن السداد، وفي الوقت نفسه تفرض شروطاً شبه تعجيزية على الاقراض وتتوسع دائرة منع الاقراض في مجالات عديدة أبرزها في المجال العقاري الذي يعيش ركوداً منذ نحو ست سنوات غير مسبوقة في تاريخ لبنان، حيث كان الأكثر ازدهاراً عبر عقود وما كان العقار ليتراجع في لبنان يوماً، واذا ما واجهته أزمة تصريف (أراضي – شقق..) كان يتوقف عن الصعود، لكنه ومنذ ست سنوات يتراجع بشكل مخيف ليصل في بعض الحالات الى خسارة 50 % من قيمة الشقة او العقار!!

وهذا الركود ينعكس سلباً على كل المهن والقطاعات المرتبطة بالبناء.

ومع هذا

لن تتوقف مصارف لبنان عن اقراض الدولة، واذا ما حصل هذا فإن افلاس الدولة يصبح حتمياً ليتدخل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لالتقاط لبنان من السقوط المالي، فيمسك بمؤسسات الدولة وماليتها لمنع الانهيار فيحل محل المصارف ويقرض الدولة بشروطه، ويشرف هو على كل شيء من المطار الى المرفأ ومن الكهرباء الى القمامة ومن مشاريع الطرقات الى بناء المدارس.

غير ذلك

هل هناك مصادر دخل أخرى اذا ما توقفت المصارف عن اقراض الدولة؟

في العالم ظهرت مصادر دخل متنوعة بين التقليدي والحديث.

في التقليدي تأتي الشركات التي تتداول زرع وبيع الحشيش في المقدمة.

في غير التقليدي تأتي شركات الجيل الخامس من الانترنت في ثورة الاتصالات.

أما الشائع دائماً فهي القطاعات التالية:

1-تجارة المخدرات.

2-بيع الأسلحة.

3-تبييض العملة التي باتت تشمل استغلال النفوذ والرشى، والاتجار بالرقيق الأبيض.

عودة الى الأصل:

أين يهرب اللصوص في لبنان أموالهم؟

كتبنا بداية ان لصوص لبنان الكبار باتوا يضعون القسم الأعظم من أموالهم في الخارج ولا تزيد ايداعاتهم في لبنان عن نحو 1 % فقط من مسروقاتهم.

أين توضع هذه الأموال؟

في بلاد الجنة الضريبية ومنها:

1-جزر الرجل Ile of man في بحر المانش بين بريطانيا وفرنسا (أقرب الى الأولى).

2-في مارشال آيل Ile of marshall الهولندية.

3-بلد السرية المصرفية الأهم في العالم أي النمسا وليس سويسرا كما هو الخطأ الشائع.

 

أخيراً ودائماً ايها اللبنانيون.

تلاحظون ان الادارات الاميركية تكشف في عقوباتها التي تفرضها على أنصار حزب الله الاثرياء والسياسيين والأمنيين انها تدعي معرفة بما يملكون من أموال وتفاجىء العالم واللبنانيين بدقة معلوماتها.

عظيم

لماذا لا تكشف لنا اميركا أين يضع اللصوص اللبنانيون (واللصوصية باتت بنداً من بنود تبييض الأموال القذرة) أموالهم في الخارج؟

هل ان لصوص لبنان كلهم عملاء لأميركا؟

وهل هذه العمالة لها هي التي توفر لهؤلاء الحماية؟

وهل هذا يعني انهم يصلون الى السلطة بإرادة ان لم يكن بمساعدة اميركا.

اميركا التي تنشغل مختبراتها جدياً بايجاد علاج لمرض السرطان.. يبدو ان اداراتها الرسمية هي الأعلم بسرطان لبنان، وتوقيت اعلان وفاة المريض به.

 

الوسوم