بيروت | Clouds 28.7 c

جمال عبد الناصر - عظيم العرب / بقلم: النائب محمد قباني

                                 جمال عبد الناصر - عظيم العرب / بقلم: النائب محمد قباني

عندما أكتب عن جمال عبدالناصر لا أعرف من أين أبدأ. فالقائد الذي نحتفل اليوم بمرور مئة عام على ولادته، ملأ حياتي السياسية، وكان دائماً البوصلة والمثال.

هل أبدأ من صفقة الأسلحة التشيكية عام 1954؟ أم من تأميم قناة السويس والاعتداء الثلاثي عام 1956؟ أم..

أنا واحد من ملايين العرب الذين كانوا ينتظرون ليل الثالث والعشرين من تموز/يوليو ليستمعوا إلى خطاباته في القاهرة في عيد الثورة. وليل السادس والعشرين من تموز/يوليو ليستمعوا إلى خطاباته في عيد الجلاء من الاسكندرية. ومن الاسكندرية أعلن تأميم ((الشركة العالمية)) لقناة السويس - شركة مساهمة مصرية.

خلال عمره القصير و18 سنة من الثورة، وحّد الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج، وحقق أول وحدة عربية في التاريخ الحديث، وأنهى حقبة الاستعمار المباشر مع العدوان الثلاثي على مصر. وارتقى بمصر إلى مصاف الدول القائدة لحركة عدم الانحياز الذي كان نجمه مع الكبار جواهر لال نهرو وجوزف بروز تيتو وسواهما..

هو أعظم عربي في الألفية الثانية كما اختارته مؤسسات دولية قبل بضع سنوات. والقائد الوحيد الذي لم تتأثر زعامته رغم نكسة حزيران/يونيو 1967. وليس أدلّ على ذلك من لاءات الخرطوم الثلاث ومن الاستقبالات الجماهيرية الحاشدة له في كل مكان من أرض العرب.

عندما استقال بعد النكسة، ثارت الجماهير العربية في كل المنطقة العربية في 9 و10 حزيران/يونيو رافضة استقالته محمّلة إياه مسؤولية متابعة القيادة. لأن هذه الجماهير كانت تعرف أن بقاء جمال عبدالناصر في موقعه هو الأمل للأمة العربية في الانتقال إلى مستقبل أفضل، وتعرف أن غياب القائد هو إقرار بتحويل النكسة إلى هزيمة.

كُتب الكثير عن انتصارات جمال عبدالناصر وعن نكسة 67، ولكن ما لم يوثق هو حرب الاستنـزاف التي خاضها مع عملية إعادة بناء الجيش المصري، والتي حققت الكثير، وكانت التحضير لحرب 1973 التي خاضها الجيش المصري لاسترجاع سيناء، لكن السياسة منعت استكمال الانتصار، لأنها حددت الحرب بأنها حرب تحريك لا حرب تحرير خاضها جنود عبدالناصر بكل شرف وشجاعة.

معه كنا نشعر أننا أصدقاء مع أصدقائه، نهرو وتيتو وكوامي نكروما وباتريس لومومبا وتشي غيفارا وغيرهم من قادة دول أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية.

وعندما خرج محرر جنوب أفريقيا نيلسون مانديلا من السجن كان أول استفساراته مصير رفاق جمال عبدالناصر وأولهم الصديق محمد فايق.

شاهدته مرة واحدة من على شرفة قصر الضيافة في دمشق عام 1958. ولا أنسى صورته بقامته العملاقة وابتسامته الجاذبة ووجهه الأسمر، وهو يحيي الجماهير اللبنانية المحتشدة تطلق له هتافات المحبة والوفاء والولاء.

بعد تأميم السويس والعدوان الثلاثي، كنت في الرابعة عشرة من عمري أشارك في تظاهرات بيروت الهادرة الهاتفة: ((يا جمال، يا جمال، فلسطين بعد القنال)).

ولا أنسى السيارات العمومية في وسط بيروت وخاصة شارع المعرض وعلى زجاجها صورة عبدالناصر وإسم صلاح الدين.

كان المواطنون العرب من المغرب حتى اليمن وعمان يتأكدون عند شراء راديو ترانزستور أنه يمكّنهم من سماع كلمات وخطب ((أبو خالد)) في إذاعات القاهرة وصوت العرب.

بعد غيابه اتفقت مع عملاق لبنان كمال جنبلاط على تأليف ((اللجنة العربية لتخليد جمال عبد الناصر)). فوافق فوراً . انتقلت إلى القاهرة والتقيت صهر الرئيس الدكتور حاتم صادق الذي بارك ووافق. في بيروت أعلن عن تأسيس اللجنة وكان رئيسها كمال جنبلاط وأمينها العام محمد قباني وضمت عدداً من الرموز الوفية لجمال عبدالناصر.

لم ينجح في تحرير فلسطين وفي إكمال مسيرة الوحدة العربية، لكنه ما زال معنا يبث فيها الأمل بتحقيق العزة والكرامة للأمة العربية.

هو مع أطفال الحجارة في فلسطين يقاوم الصهاينة ويرفض تهويد القدس، ويقود الانتفاضات المتجددة.

كان معنا في لبنان يقاوم العدو في عدوان 1982 و2006، ويحتضن شهداء قانا عام 1996.

أيها الأخوة المواطنون - لا بد أن يأتي يوم يتحقق فيه حلم الوحدة العربية، وتتحرر فلسطين من البحر إلى النهر، وسننظر إلى السماء لنرى من يخاطبنا -  وسنرى مارد العرب العظيم مبتسماً في جنات الخلود.

 

النائب محمد قباني

أمين عام اللجنة العربية لتخليد

القائد جمال عبدالناصر

1971 – 1977

 

صورة للنائب محمد قباني

جمال عبدالناصر يستقبل وفوداً شعبية لبنانية

جماهير لبنان تزحف الى دمشق للقاء المارد الأسمر

الوسوم