بيروت | Clouds 28.7 c

من هنا نبدأ / لهذه الأسباب يكره رامي مخلوف سامر فوز – بقلم حسن صبرا

من هنا نبدأ / لهذه الأسباب يكره رامي مخلوف سامر فوز – بقلم حسن صبرا

مجلة الشراع 3 ايار 2019 العدد 1899

 

ما يتمناه كثير من اللبنانيين في ان يقرأوا خلافات حكامهم مع بعضهم البعض في وسائل الاعلام المختلفة وربما أمام المحاكم ليتمكنوا من الحصول على المعلومات التي يدلي بها هؤلاء عن بعضهم بما يشكل مادة فضائح عن السرقات والفساد وتغطية الفاسدين.. حصل في سورية بين المجموعات التي أنشأها آل الاسد حولهم ليكونوا ستائر تغطية لأعمالهم القذرة وواحدة منها هي سرقة مصالح الشعب السوري..

هذه هي المقدمة الحقيقية لما يحصل بين أشهر رجلي أعمال ومال برزا في السنوات الأخيرة مع وراثة بشار الاسد السلطة من والده في صيف 2000.

نتحدث عن سامر فوز وعن رامي مخلوف وهو ابن خال بشار وماهر الاسد.

سامر فوز الذي تمتنع الجهات المسؤولة المعنية في لبنان، وخصوصاً وزارة الداخلية عن تقديم حقيقة حصوله على الجنسية اللبنانية ظهر فجأة في السنوات القليلة الماضية والذي ورد اسمه مراراً في قرارات أميركية ودولية على لائحة العقوبات كأحد ناهبي ثروات الشعب السوري، والذي أراد الحصول على جنسية لبنانية وربما بإسم مختلف عن اسمه ليهرب من هذه العقوبات، وتمتنع الجهات المعنية في وزارة الداخلية منذ أكثر من سنة عندما أثير ملف التجنيس الشهير عام 2018 عن تقديم الحقيقة.. وكذلك تتهرب من الالتزام بمرسوم رسمي لبناني يسمح للاعلام وللمعنيين وللنواب والوزراء الحصول على المعلومات حوله.

من هو سامر فوز في سيرة سريعة؟

هو ابن زهير فوز العضو في حزب البعث – فرع اللاذقية المدينة التي انتسب فيها حافظ الاسد الى الحزب المذكور ومن هاتين الصفتين أي حزبية البعث ودراسة المدينة الساحلية نشأت العلاقة بين ابن القرداحة العلوي وابن اللاذقية السني.

كانت العلاقة بين ابن الفلاح وابن المدينة غير متساوية اجتماعياً وثقافياً.. وفرقت بينهما السنوات، الى ان قاد حافظ الاسد انقلابه في 16- 11 – 1970. كانفجار للكبت العلوي الاجتماعي عبر الجيش الذي هجره السنة تاركينه للاقليات العلوية والدرزية والاسماعيلية والشيعية.. التي عرفت طريقها للسلطة عبر حزب البعث . فإذا بزهير يجد نفسه مندفعاً لإعادتها، خصوصاً وقد أصبح من تجار اللاذقية.. وهو كنظرائه البعثيين القدامى بات طموحه صاعداً مع صعود حزبه الى السلطة.. فكيف وقد أصبح رفيقه – زميله القديم هو السلطة نفسها.. مؤسساً شركة الفوز المعنية بتصنيع المواد الغذائية واستيرادها بل وتهريبها من بيروت كما عمل في مجال التطوير العقاري ليتطور عملها الى السياحة والنقل.

وأول خدمة قدمها زهير لحافظ هي المشاركة في إجهاض أهم وأوسع اضراب في تاريخ الحركة الاقتصادية – التجارية في سورية عام 1980 احتجاجاً على سياسة حافظ الاسد الارعابية ضد عموم السوريين وهو يواجه إرعاب الاخوان المسلمين ضد العلويين تحديداً.

كل تجار سورية استجابوا لدعوة تجار حلب للاضراب في وجه حافظ الاسد.. الا تجار دمشق السنة في أكثريتهم الساحقة وبقيادة راتب الشلاح.. وبعض تجار اللاذقية بقيادة زهير فوز.

صمد حافظ في وجه الاضراب لأن تجار دمشق السنة معه.. كافأهم حافظ بعد فشل الاضراب، فجاء بأحد عشر وزيراً من السنة الدمشقيين اختارهم راتب الشلاح ومن معه في العاصمة في أول تشكيل حكومي وكان الوزراء في سورية منذ عهد حافظ عبارة عن أرجل كراسي لا قيمة لأي أحد فيهم داخل السلطة الى ان يشكل رباعي مقعد يجلس السادة فوقه.. لكن التجار حصلوا على ما هو أهم انهم رفضوا التوزير.. لكنهم حصلوا على الامتيازات التي ظلت تترى حتى أصبحوا هم حكام سورية الاقتصاديين.. انما هذه المرة مع دخول العلويين في الشراكة لكن شيئاً فشيئاً، فالعلويون في سورية أخذوا السلطة العسكرية والأمنية وهم لا يملكون ثقافة التجارة او الصناعة او الادارة.. ومع الوقت فهموا ان السلطة دائماً عمادها الاقتصاد.. هكذا تشاركوا مع السنة فحموا السنة وهم الأكثرية ليرد أغنياء السنة الجميل لهم داعمين للسلطة الحاكمة عندما ثار فقراء السنة ومتوسطو الحال على ايغال الطغمة العلوية في الاستبداد والفساد والفشل الكامل في أي قضية وطنية وقومية وانسانية..

هذه هي خلفية سامر فوز العملية وارثاً لأبيه زهير كما ورث بشار السلطة من أبيه. من هنا صعوده ومشاركته أصحاب السلطة العلوية في سورية في المسار والمصير، في الفساد والافساد، في الاستبداد والاستعباد حتى أصبح مالكاً لامبراطورية واسعة سعى من خلالها لمنافسة امبراطوريات أنشأها سنة النظام الآخرون أمثال آل حمشو وآل السمان وآل العقاد.. وكان لا بد لكل رجل أعمال سني من حماية نفسه بعلاقة او بشراكة مع ضابط أمن علوي بدءاً من ماهر الاسد الى كل ضابط علوي (أمني او عسكري، او من آل الاسد، او أقربائهم).

كان أثرياء السنة في دمشق وحلب واللاذقية وحمص وحماه يوغلون في استثمار كل حالة يمر بها النظام على المستوى الدولي.. فكلما خضع آل الاسد ومن حولهم من الضباط ورجال الأعمال العلويين لعقوبات من جانب الاميركان لسبب ما كان رجال الاعمال السنة يصعدون في أعمالهم ويتوسعوا فيها ويحموا مصالح أسيادهم من الضباط العلويين بالمشاركة العملية.

نعم كان هناك أثرياء سنة وطنيون يرفضون الخضوع لمطالب أهل السلطة العلويين، خصوصاً مع صعود رامي مخلوف.. فقد رفض آل سنقر وكلاء شركة سيارات مرسيدس اشراك رامي مخلوف معهم، ذهب ابن خال بشار الى المانيا طالباً اعطاءه وكالة المرسيدس، حاملاً رسائل من ابن عمته بشار، سخر الالمان منه ومن ابن عمته، وردوه خائباً.. عاد رامي الى سورية وبدأ بمضايقة آل سنقر، صارت ميليشيا بشار من الأمن تهاجم معارض المرسيدس،يعتدي أفرادها على موظفيهم، يعتقلونهم حتى اضطر آل سنقر لترك دمشق ومصالحهم فيها، وكان أول مؤتمر للمعارضة الوطنية السورية عقد بعد بدء ثورة الشعب السوري اعتباراً من 18- 3- 2011 بتمويل من عمر سنقر (عقد في انطاليا في تركيا 30- 31- أيار/ مايو حتى 1حزيران / يونيو 2011).

وعندما أنشأ رجل الأعمال الدمشقي السني غسان عبود محطة Orient الفضائية يبث عبرها الأغاني والكليبات وأقبل المشاهدون على متابعتها وبدأت تستقطب اعلانات مختلفة جاءه رامي مخلوف يريد مشاركته، فاعتذر عبود عن عدم المشاركة.. اعتقلت أجهزة أمن بشار ابن عمة رامي والد غسان، فاضطر غسان الى اقفال المحطة وغادر الى دبي لينشىء ((الاورينت)) بطبيعة جديدة، خصوصاً مع انطلاقة الثورة ضد بشار عام 2011، وها هي اليوم أقوى وسيلة اعلام للمعارضة الوطنية السورية.

كان آل سنقر وعبود وغيرهم معارضين منذ البداية لأي شراكة مع الضباط العلويين الحاكمين، فنالوا عقابهم بالهرب من بلادهم.. أما السنة الآخرون من رجال الأعمال كآل حمشو وغريواتي والسمان والعقاد.. فإن ايغال الضباط العلويين في مطالبهم المختلفة فرضت عليهم ان يعودوا الى الظل.. خصوصاً وان امبراطورية مال أخرى نشأت في سورية يقودها ابن خال بشار رامي مخلوف، فكلما صعد ابن محمد مخلوف المدني كلما انكفأ رجال الأعمال السنة الذين راحوا يستشعرون الخطر على مصالحهم مع تكاثر العقوبات على آل الاسد ومن معهم، ومع انهيار الدولة السورية التي باتت أراضيه تحت خمسة احتلالات علنية وبعضها أعطاه بشار الاسد ((شرعية)) مضحكة فقد أعطى من لا يملك لمن لديه مشاريعه العابرة  للحدود.. فإن رجال الاعمال السنة راحوا ينشرون مصالحهم المنقولة من سورية في بلاد الله الواسعة تاركين المجال لسامر زهير فوز بالصعود الصاروخي في بلاده المنهوبة – المحتلة – المنكوبة.

ولأن رجال الأعمال في معظمهم لا دين لهم إلا المال وبه يتبرعون لرجال دين يستتبعونهم ويروجون لهم، ويبنون لهم المساجد ليدعوا لهم داخلها، كما بعض السذج والبسطاء، فإن واحداً مثل سامر فوز الذي توسعت امبراطوريته حتى شملت شراء نصيب رئيس مؤسسة المملكة القابضة الامير الوليد بن طلال في فندق فور سيزونز في دمشق.. لن يترك مصالحه التي بناها استناداً الى علاقته مع الضباط العلويين تتأثر اذا ما سقط النظام الذي شكله هؤلاء الضباط.. لذا فهو بات يعمل على حسابه تاركاً جزءاً من أعماله في الداخل لاجئاً الى الاستثمار المختلف في لبنان ودبي وأوروبا وآسيا الاوروبية.

بدأ سامر فوز باكراً محاولة تهريب أعماله من سورية.. فما مضت سنتان من عمر الثورة الشعبية ضد بشار حتى كان عاقداً صفقات خارجية اصطدم في إحداها مع رجل أعمال اوكراني من أصل مصري (رمزي متى) فقتله في اسطنبول هارباً الى دمشق بطائرته الخاصة.. لكن فوز الذي ما عاد يطيق البقاء في سورية متنقلاً بطائرته الخاصة خارجها وقع في مكيدة رتبتها سلطات اوكرانيا مع سلطات تركيا لتوقع به، فتم اعتقاله لستة أشهر فقط في تركيا، ليخرج بعد ان دفع ملايين الليرات التركية مقابل حريته.

من تركيا الى دمشق الى ايران الى موسكو راحت امبراطورية سامر فوز تتوسع، وفطن الى أهمية حمايتها ليس فقط مع ضباط الأمن العلويين.. بل أنشأ هو نفسه ميليشيا درع الأمن العسكري، وهي واحدة من ميليشيات فرض بشار على أثرياء السنة انشاءها من السنة لحمايته في مواجهة تصاعد الثورة الشعبية ضده.. وما أنقذه حتى الآن سوى مجرم الحرب فلاديمير بوتين.. وها هم ضباط بوتين في سورية يفرضون على سامر فوز وعلى رجال الاعمال السنة الذين أنشأوا هذه الميليشيات ان تنضم الى الفيلق الخامس – اقتحام الذي يعتبره الاحتلال الروسي لسورية جيشها الحديث.

فهل كانت هذه أحد أسباب الصدام مع ابن خال بشار رامي مخلوف؟

في المنافسات التي يعيشها رجال الاعمال.. تجوز هذه الصدامات، اما ان يظهر سامر فوز شراسة في حماية نفسه، وفي اثبات وجوده.. فهذا ليس وراثة من رصيد والده الصديق القديم لحافظ الأسد، فقط.. بل من صداقته العميقة التي أنشأها مع رجال الاستخبارات الروسية، واستثماراته داخل روسيا.. بل ووضع اسمه كأحد السنة البارزين على لائحة البدلاء لبشار الاسد.. وربما ليس كرئيس للجمهورية، بل كرئيس للوزراء حيث الروس يضعون دستوراً يجعلون السلطة فيه في رئاسة الحكومة كما هو حال العراق منذ الاحتلال الاميركي له عام 2003.

من موقعه كرجل أعمال طارىء.

من مكانته كإبن خال لبشار الاسد.

من انتمائه العلوي.. ما كان لرامي مخلوف ان يسكت على صعود ابن اللاذقية السني المعروف عربياً ودولياً ليكون على لائحة الروس للحكم في مستقبل سورية.

والأهم ان العقوبات الدولية تلاحق آل مخلوف.. وكانت حتى وقت قريب مستثنية سامر فوز.. الى حين.

لم تكن البداية اشاعات.. بل سبقتها وقائع منافسة في كثير من الصفقات التي سبق ابن فوز ابن مخلوف اليها.. حتى ظهر حقد مخلوف على فوز في الاعلام، وتحديداً في الجريدة التي يملكها ابن خال الرئيس واسمها ((الوطن)) التي نشرت ان بنك سورية الدولي الاسلامي أقرض سامر فوز مبلغاً يشكل تسعة أضعاف رأسمال المصرف علماً بأن القانون يضع سقفاً للإقراض لا يزيد عن ربع رأسمال المصرف.

ابن محمد مخلوف ومن كل مواقعه لن يسكت على ابن زهير فوز والمعركة محتدمة..

نكرر للمرة المئة المثل المصري المعروف:

((ما ضبطوهمش وهما بيسرقوا ضبطوهم وهما بيتقاسموا)).

صدق المثل المصري.

حسن صبرا

 

سامر فوز: سوري.. ولبناني؟ اميركي او روسي؟ مال.. وسلطة

رامي مخلوف: حرامي يسرق حرامي

بشار الاسد: يعطي ما لا يملكه

 

 

الوسوم