بيروت | Clouds 28.7 c

بعد إدراج بريطانيا لجناحه السياسي على قائمة التنظيمات الإرعابية اغتيالات لـ ((الموساد)) في اوروبا لإلصاقها بحزب الله / كتب صبحي منذر ياغي

بعد إدراج بريطانيا لجناحه السياسي على قائمة التنظيمات الإرعابية اغتيالات لـ ((الموساد)) في اوروبا لإلصاقها بحزب الله / كتب صبحي منذر ياغي

مجلة الشراع  3 ايار 2019 العدد 1899

 

لا يخفي مصدر مقرب من حزب الله، استغراب قيادة الحزب للموقف الذي صدر عن بريطانيا من خلال إدراج الجناح السياسي لحزب الله على قائمة التنظيمات الإرعابية المحظورة في المملكة المتحده، علماً ان معظم الوفود والشخصيات البريطانية التي كانت تلتقي بها شخصيات لبنانية، وجهات مسؤولة في الحزب كانت تسمع دوماً موقفاً بريطانياً واضحاً يتجلى في وضع بريطانيا خطاً فاصلاً ما بين الجناح السياسي للحزب وجناحه العسكري، وهو موقف قديم يعود لعام 2001 عندما كانت بريطانيا من الدول الأولى التي اتخذت موقفاً واضحاً حيال حزب الله، من خلال قيامها بتصنيف وحدة العمليات الخارجية في حزب الله كجزء من المنظومة الارعابية،وجاء هذا الموقف كردة فعل على اتهامات وجهت للحزب باستهدافه جنوداً بريطانيين في العراق. ثم تدرج الموقف البريطاني حتى عام 2008 ، عندما عادت بريطانيا لتضم  ((الجناح العسكري))  الى قائمة المنظمات الارعابية. فيما أبقت على اعترافها بالجناح السياسي للحزب، كون بريطانيا اعتبرت ان حزب الله من المكونات الأساسية في النسيج اللبناني السياسي من خلال حضوره في مجلس النواب والحكومة، واعتباره تنظيماً ارعابياً قد يعقد شكل العلاقات البريطانية – اللبنانية، خصوصاً وأن الحزب في تلك الفترة كان يتمتع بتأييد جماهيري لبناني وعربي، اضافة الى تناغم الحزب مع بعض المواقف الدولية، خصوصاً في مجال الحرب على الارعاب.

حزب الله! وحزب المقاومة؟

الا أن هذا التمايز الذي وضعته بريطانيا بين الجناح العسكري، والسياسي في حزب الله، رد عليه نائب أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم عام 2012 بقوله في احد مواقفه ((.. ليس عندنا جناح عسكري وجناح سياسي، وليس عندنا حزب الله، وحزب المقاومة، فحزب الله هو حزب السياسة، وحزب المقاومة، وحزب العمل في سبيل الله تعالى، وفي خدمة الإنسان، وباختصار هو حزب الله.))

الموقف البريطاني الذي تصاعد مع مرور السنوات، من الحظر الجزئي الى الحظر الكامل، مرده برأي المصادر الى سلسلة من المواقف اتخذها حزب الله من دعم بشار الأسد، الذي تطالب بريطانيا برحيله، وسعت إلى حشد تأييد دولي ضده، وتبنت حكومة ديفيد كاميرون السابقة خطة لضربات عسكرية ضده، عطلها البرلمان البريطاني، فضلاً عن توسع نفوذ الحزب السياسي والأمني في لبنان والمنطقة، برغم كل التدابير الغربية، وصولاً الى مماشاة بريطانيا للولايات المتحدة الاميركية في مساعيها إلى ممارسة المزيد من الضغوط على الجانب الإيراني، بعد انسحاب إيران من الاتفاق النووي، ومحاولة محاصرة نفوذ ايران في الساحات التي لإيران فيها النفوذ والتواجد الأمني كسورية ولبنان والعراق واليمن.

في خدمة ((السيد الاميركي))

حزب الله رأى في هذا القرار انصياعاً ذليلاً للإدارة الأميركية، ويكشف أن الحكومة البريطانية ليست سوى تابع في خدمة ((السيد الأميركي))، تستجلب العداء مع شعوب المنطقة، إرضاءً لحكام واشنطن على حساب مصالح شعبها ودورها ووجودها في منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي. واعتبر أن ((تهم الإرعاب التي تفبركها الحكومة البريطانية، لا يمكنها أن تخدع الأحرار في العالم، ومن بينهم الأحرار في بريطانيا نفسها، الذين يعرفون جيداً من صنع الإرعاب في منطقتنا وموّله ودعمه، وما زال يغطي جرائمه في سورية والعراق واليمن، أي الولايات المتحدة الأميركية وأدواتها الدولية والإقليمية)).

الموقف البريطاني دفع بحزب الله الى توجيه تعليمات لناشطيه وأنصاره من بين الجاليات اللبنانية المنتشرة في بريطانيا والدول الاوروبية، بضرورة توخي الحذر، والتنبه لأي استهداف أو تحضير اتهامات مسبقة قد تطال بعضهم، وبالتالي فإن حزب الله يترقب ويتابع ترددات القرار البريطاني ومفاعيله المستقبلية.

مواقف أوروبية متضاربة

القرار البريطاني لم يلق تجاوباً من قبل عدد من الدول الاوروبية ، التي ظلت على موقفها الذي يميز ما بين الجناحين السياسي والعسكري في الحزب، وهذا ما أشار اليه الباحث العراقي جاسم محمد ((الباحث والكاتب ومدير المركز الاوروبي لمكافحة الارعاب)) خلال حديث مع ((الشراع)) في هذا المجال بقوله: ((ان السلطات الألمانية اتخذت موقفاً مغايراً لبريطانيا من تصنيف حزب الله منظمة إرعابية بجناحيه السياسي والعسكري. وأكدت إنها لن تحذو حذو بريطانيا وتعلن جماعة حزب الله اللبنانية منظمة إرعابية. بالرغم من مطالبات من حكومة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على حظر حزب الله في ألمانيا. وذلك بعد أن كشفت تقارير للاستخبارات الألمانية عن تواجد أعضاء في ميليشيا حزب الله في ألمانيا يقومون بجمع الأموال، وتجنيد أعضاء جدد. كذلك دخول مقاتلين من ميليشيات حزب الله الذين شاركوا في القتال بمناطق الصراعات  إلى ألمانيا كلاجئين قانونيين. بالإضافة إلى ان المحققين الألمان كشفوا النقاب بسرعة عن شبكة ناشطة لحزب الله في أوروبا الغربية ولها فروع تمتد في أفريقيا وأميركا الجنوبية لغسيل الأموال)).

وأضاف: ((إلا ان كل ذلك لم يبدل من موقف المانيا تجاه حزب الله، بعد صدور القرار البريطاني، فقد أعلنت السلطات الألمانية إن قرار بريطانيا لن يكون له تأثير مباشر على موقف ألمانيا أو الاتحاد الأوروبي. ورفضت الانتقادات التي وجهتها الولايات المتحدة لها والتي قالت فيها إنها لا تفعل شيئاً يذكر لمواجهة نفوذ إيران في المنطقة. وأكدت السلطات الألمانية أن السياسة الخارجية لبرلين ستبقى معنية بالتوصل لحلول سياسية حتى لأصعب المواقف)).

وتابع جاسم محمد: ((أثار القرار البريطاني  ضد حزب الله ارتباكاً داخل الكثير من دول أوروبا. وأكد العديد من الأجهزة الاستخباراتية أن قيادة ((حزب الله)) تنتهج سياسة الصمت للتقليل من حجم الملف، معتبرة أن قرار لندن لن يؤثر على العلاقات مع بريطانيا، لأن العلاقات مقطوعة أصلاً منذ سنوات طويلة، وهناك مقاطعة متبادلة لأي نشاط أو اتصال. وترى واشنطن أهمية التضييق المالي على حزب الله وشبكاته في العالم، لذلك أعلنت العقوبات الأميركية على إيران التي تعد مصدراً رئيسياً لتمويل ((حزب الله)). ويعد صدور القرارات المتعلقة بحزب الله عن واشنطن وحلفائها، بداية لتشكيل تحالف سيشمل دولاً أخرى، وقد لا تكون أوروبا بعيدة عنه لاحقاً، لذلك لا بد من تبادل المعلومات الاستخباراتية عن ((حزب الله)) ورصد ومتابعة أنشطته داخل أوروبا وخارجها، كونها أنشطة غير شرعية وتؤثر على الأمن الدولي)).

إلا ان تقارير الاستخبارات الالمانية في شمال الراين- وستفاليا كشفت أنه يوجد 105 أعضاء في ميليشيا حزب الله في ألمانيا، حيث يقومون بجمع الأموال وتجنيد أعضاء جدد، فيما سجل تقرير الاستخبارات ((زيادة)) في مؤيدي حزب الله في الولاية مقارنة بالعام 2017. وأن مقاتلين من ميليشيات حزب الله اللبناني دخلوا إلى ألمانيا، منذ منتصف العام 2015، كجزء من موجة اللاجئين. وأضاف التقرير ((منذ منتصف 2015، هناك مؤشرات متزايدة على دخول مقاتلين من الميليشيات إلى ألمانيا كلاجئين قانونيين. وتظهر المؤشرات المتعلقة بنصفهم ارتباطاً مباشراً بالحزب، ومشاركتهم في قتال تنظيم داعش في سورية والعراق)).

وتقدر وكالة الاستخبارات الفيدرالية الألمانية عناصر الحزب النشطين في الجمهورية الاتحادية بـ950شخصاً. وأوضح التقرير أنه من ((الصعب)) تقييم الخطر الذي يشكله أعضاء حزب الله، دون فحص دقيق لهم. وتعد ولاية شمال الراين- وستفاليا بمثابة موطن لمركز ((الإمام المهدي)) في مدينة ((مونستر)) حيث يجتمع أعضاء الحزب. وتعتبر أن مدن ((إسنوبوتروب ودورتموند وباد أوينهاوزن)) هي الأبرز في نشاطهم في شمال الراين- وستفاليا. وكان الادعاء الألماني قد وجه الاتهام إلى الدبلوماسي الإيراني أسد الله أسدي كونه كلّف زوجين في بلجيكا لتنفيذ مخطط إرعابي كان يستهدف تجمعاً ضخماً للمعارضة الإيرانية في العاصمة الفرنسية باريس. وألقت السلطات الألمانية القبض في وقت سابق على أسدي، في مدينة أشافنبورغ الألمانية بناء على مذكرة توقيف أوروبية. وفي بلجيكا، نفذت الأجهزة الأمنية خمس عمليات مداهمة ترتبط بقضية محاولة شن هجوم على تجمع المعارضة الإيرانية.

أما فرنسا وفق الباحث العراقي جاسم محمد، فقد أيدت تمسكها بموقفها التقليدي المماثل للإتحاد الأوروبي الذي يميز بين الجناح السياسي لـ((حزب الله)) ونشاطاته العسكرية. مؤكدة أن باريس كما العواصم الأوروبية الأخرى، تعتبر هذا الجناح ((تنظيماً إرعابياً)). وينبع موقف باريس من اعتبار أن ((حزب الله)) لا يمكن تخطيه كونه قوة حقيقية قائمة على الأرض وأنه ليس لدولة ما وإن كانت الأقرب إلى لبنان أن تتخذ القرارات مكان الشعب اللبناني. ومن جهة أخرى، فإنها ترى أن الحوار مع الحزب يمكن أن يقود إلى ((تعديل)) مواقفه وسياساته. ويرى الخبراء السياسيون أن العلاقة الفرنسية مع حزب الله في تصاعد، وتتطور أكثر فأكثر، خصوصاً منذ فوز الرئيس إيمانويل ماكرون بالرئاسية الفرنسية. وهذا إن لم يكن ظاهراً، فيمكن التقاطه في كثير من المواقف المتوافقة بين الطرفين على الصعيد السياسي وغير السياسي، وحتى تشكيل حزب الله لجاناً لإعادة اللاجئين السوريين، منسق مع الفرنسيين ويحظى بدعمهم. تكشف المصادر أن التنسيق مع الفرنسيين بلغ أوجه على الصعيد الأمني في الفترة السابقة، وهو اليوم في أوج تطوره على الصعيد السياسي.

الاتهامات الغربية بنشاطات أمنية وعسكرية لحزب الله في دول اوروبية نفتها بشدة مصادر مقربة من حزب الله، معتبرة ((ان ذلك يدخل في إطار منظومة اعلامية  أميركية- اسرائيلية، هدفها تشويه مسيرة الحزب المقاوم للاحتلال والارعاب، ومن ضمن مخطط قديم - جديد لاستهداف بيئة الحزب لبنانياً وعالمياً..)).

فتش عن ((الموساد))

ووفق معلومات خاصة لـ((الشراع))، ان مسؤولين في جهاز العمل الخارجي في الحزب يتابعون بدقة التحركات والاتصالات الاستخباراتية الاوروبية، والأنشطة الاسرائيلية الدبلوماسية والأمنية في عدد من عواصم العالم، والتي تحمل في ملفاتها مخططات لاستهداف مصالح شخصيات ورجال أعمال لبنانيين وخصوصاً من الطائفة الشيعية، على غرار ما حصل ويحصل في عدد من الدول الافريقية وما تتعرض له الجالية اللبنانية هناك من أعمال عنف ومضايقات بتخطيط سري اسرائيلي.

وفي هذا الاطار، أكدت أوساط دبلوماسية غربية في مجلس خاص، ان لديها معلومات عن احتمال لجوء جهاز الموساد الاسرائيلي، الى القيام بسلسلة عمليات ارعابية وربما اغتيالات، في دول أوروبية عبر مجموعات وخلايا تعمل لصالحه، بقصد الصاق هذه العمليات بحزب الله.

كلام الأوساط الدبلوماسية تتطابق مع موقف للسفير الاسرائيلي السابق في الأمم المتحدة رون بروسور الذي قال ((.. المعركة السياسية ضد حزب الله حيوية ومهمة للغاية. هدفها إغلاق المتنزه الترفيهي الأوروبي لحزب الله والإضرار به بشكل كبير، قبل شن المعركة العسكرية. وكلما كان أبكر كان أفضل)).

ولكن وفق  عدد من الباحثين المؤيدين لحزب الله، ان الاميركيين أو الاوروبيين يدركون أن أي استهداف لمصالح لبنانيين مؤيدين لحزب الله في أوروبا وفي دول الخارج، أو حتى تعرض المصالح الايرانية لخطر أمني أو استهداف ((ببصمات)) ((أميركية - اسرائيلية))، لن يتم بدون رد صاعق من وحدة العمليات الخارجية في حزب الله، وهم يدركون ان ذراع الحزب في هذا المجال طويلة، واذا كان حزب الله جمد عملياته الخارجية في السابق، وعلى المسرح الاوروبي بالتحديد، فذلك بسبب المواقف الايجابية التي أظهرها عدد من الدول الاوروبية حيال حزب الله وحقه في المقاومة والدفاع عن أرضه، أما الآن فالأمر تبدل مع هذه المواقف الأخيرة  المستفزة، والتي من الواضح أنها اتخذت وفق تعليمات أميركية - اسرائيلية، وبالتالي أصبح الحزب في حل من التزاماته، وهو قادر على الرد على أي اعتداء في الساحة الاوروبية وفي العالم أجمع..))!

 

 

الوسوم