بيروت | Clouds 28.7 c

الشرق الأوسط الجديد: دول بلا سيادة وتوطين ((وخريف عربي)) في تركيا وإيران ..ودولة كردية؟ كتب المحرر السياسي لـ ((الشراع))

الشرق الأوسط الجديد: دول بلا سيادة وتوطين ((وخريف عربي)) في تركيا وإيران ..ودولة كردية؟ كتب المحرر السياسي لـ ((الشراع))

مجلة الشراع 3 ايار 2019 العدد 1899

 

*أهداف غير معلنة للدعم الاميركي والروسي لنتنياهو تتصل بالشرق الأوسط الجديد

*اسرائيل الكبرى أبرز عناوين المرحلة الجديدة وسط دول بلا سيادة ومتنازعة

*توطين الفلسطينيين والنازحين السوريين حيث هم  من أبرز أخطار المسارات المقبلة

*في لبنان يراد للنازحين السوريين ان يكونوا جيشاً في مواجهة حزب الله

*ثقل النازحين السوريين في الاردن مطلوب ليوازي الثقل الفلسطيني

*محاولات لتكريس ((متصرفية)) مسيحية جديدة في الوضع الجديد كبديل عنوانه حماية المسيحيين

*هل يوجد قرار دولي بدولة كردية كمفتاح لتغييرات في تركيا وإيران؟

 

كتب المحرر السياسي لـ ((الشراع))

أكثر من علامة استفهام طرحت مؤخراً مع احتدام التنافس الانتخابي في الكيان الصهيوني بين بنيامين نتنياهو ومنافسيه, وقيام كل من الولايات المتحدة وروسيا بالإدلاء بدلوهما في الانتخابات الاسرائيلية, بداية عبر إعلان الرئيس الاميركي دونالد ترامب الاعتراف بضم مرتفعات هضبة الجولان السورية المحتلة الى اسرائيل ووصولاً الى قيام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بكل ما يمكنه القيام به من أجل تأمين عودة رفات جندي اسرائيلي قتل خلال غزو لبنان عام 1982 من سورية الى الكيان الصهيوني لتشكل هذه الخطوات مع غيرها من الخطوات المماثلة  عنصر دعم اضافي لرئيس الوزراء الصهيوني المستميت من أجل البقاء في منصبه. وهو ما نجح في تحقيقه نتيجة الدعم الكبير له.

فلماذا هذا الدعم غير المسبوق؟ وماذا عن توقيته؟ وهل ان المؤازرة من أكبر دولتين عظميين في العالم لنتنياهو هي لشخصه ام للكيان الصهيوني الذي يعتبر أمنه بنداً أساسياً من بنود استراتيجيات دول كبرى؟

هل يرتبط الأمر بسياسات وخطط اتفق عليها مع نتنياهو وتندرج في سياسات للدولتين وقد لا يوافق عليها منافسوه كما هي في حال قيض لهم النجاح كما كانت تدل استطلاعات الرأي عشية الانتخابات؟ أم ان الأمر أبعد من ذلك ويتصل بواقع جديد يراد فرضه على المنطقة برمتها ويؤدي نتنياهو من خلاله دوراً محورياً في تنفيذ آليات الوصول اليه؟

ولماذا يتفق طرفان لدودان بوزن واشنطن وموسكو على العمل لانقاذ نتنياهو المتهم لا بل المدان بالفساد وتلقي الرشى رغم ان الطرفين يختلفان حول قضايا وملفات وأزمات عديدة؟

الجواب على كل هذه التساؤلات واحد ويتعلق بالشرق الأوسط الجديد المخطط لولادته او الذي ولد فعلياً من خلال مقدماته والسيناريوهات المعدة لاستكماله, وان كانت صورته لم يظهر منها إلا بعض ملامحها الأولية ويسود الاعتقاد بأن ملامحها الأساسية لن تتبلور صورتها الكاملة الا بعد تحولها الى حقائق ثابتة على غرار ما كان يحدث في تواريخ سابقة لا سيما بعد الحروب الكبرى في العالم, حيث تقسم كيانات ودول ومجتمعات ويضم ما هو مماثل لها وتوزع مناطق وأقاليم الى دائرة نفوذ هذه الدولة العظمى وأخرى لتلك.. الخ.

وفي المعلومات المسرب بعضها يظهر بوضوح ان المنطقة ذاهبة اولاً باتجاه تعزيز حضور الكيان الصهيوني فيها, وما تتالي الخطوات المتعلقة به من قبل واشنطن دونالد ترامب من الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل الى الاعتراف بضمها الجولان السوري المحتل رغم القرارات الدولية, الى ما يسرب من معلومات حول مصير الضفة الغربية وجنوح الادارة الاميركية الحالية باتجاه الاعتراف بضمها أيضاً سوى قطع للوحة ((بازل)) يتم ترتيبها بشكل تدريجي وممنهج يؤمن للصهاينة ما كان وما يزال يعرف باسرائيل الكبرى , خصوصاً بعد ان جرى اجتياز مسافات كبيرة باتجاه التطبيع بين عدد من دول المنطقة والكيان الصهيوني, وبعد تراجع القضية الفلسطينية عن ان تكون القضية المركزية الأولى للعالمين العربي والاسلامي, وانشغال الشعوب العربية بفوضى النزاعات والفئويات والصراعات على أشكالها وغياب دول اساسية عربياًً عن أداء أدوار طالما شكلت في السابق جزءاً من رادع لما يخطط ويدبر ليس فقط لفلسطين وما تبقى منها بل وأيضاً لكل الدول المهددة للكيان الصهيوني وعلى رأس تلك الدول سورية والعراق فضلاً عن تراجع دور مصر المحوري والقيادي على هذا الصعيد.

وما سمي ((ثورة الربيع العربي)) بكل ما رافقها وأعقبها من تدخلات, من الواضح انها لم تكن صدفة او مجرد تعبير عن تطلع شعوب عديدة الى الاصلاح والتحديث والديموقراطية الحقيقية, بل جرى استخدامها من أجل فرض حالة من التآكل داخل هذه المجتمعات والدول, والهدف الأكبر كان ضرب الدول التي أمنت بناء  جيوش مركزية عربية على خلفية الصراع العربي الاسرائيلي ومثال العراق وسورية صارخ في دلالاته. هذا فضلاً عن تصدر ايران وتركيا المشهد في خطاب دول كثيرة كعدو أول للأمة بدلاً من اسرائيل, وانتشار موجات أدت الى خلق مناخات لفتن من كل نوع لا سيما على المستوى المذهبي وعلى مستويات عديدة تبعاً لواقع كل دولة فتكون طائفية حسب نسيجها الاجتماعي واذا تعذر ذلك وكان شعبها من لون مذهبي او عرقي واحد مثل ليبيا يتم استحضار العنصر الخلافي القبلي او العشائري.

وطبقاً لنظرية تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ للرئيس نبيه بري، فإن كل بلد او دولة لها تناقضاتها او تبايناتها التي ينبغي وفق المخطط المشار إليه اثارتها وتعميقها والعمل عليها الى أقصى مدى, والرابح دوماً هو اسرائيل وكل من يريد ان يستمر الفراغ والفوضى كسمتين أساسيتين في هذه المنطقة وتتحول الدول الى دول بلا سيادة لتصبح ساحات للعبة مصالح وأمم.

وكل ذلك بالتأكيد سيتوج بما سمي صفقة القرن التي يقترب موعد إعلانها من قبل ترامب- والبعض يتحدث عن موعد قريب لن يتجاوز ربما الشهر الحالي والشهر المقبل على أبعد تقدير - بعد تحضيرات واسعة وكثيفة لها على مدى أكثر من عامين مضيا. أما العنوان الأخطر في هذه الصفقة فلا يتعلق بما تسرب بعض تفاصيله حول اقتطاع الجزء الأكبر من الضفة الغربية وإلحاقه بإسرائيل بل بما تشير معلومات موثوقة حول مفردات جديدة تعبر عن ان الوطن البديل الذي كان مطروحاًَ منذ السبعينيات من القرن الماضي سيتم اعتماده ولكن ليس بصيغته السابقة بل بصيغ عديدة لا تؤمن للفلسطينيين وطناً فعلياً بل أشكالاً من الوجود الخاص وغير المستقل في أكثر من كيان.

والأكثر خطورة من كل ذلك هو التوطين, أي تجنيس اللاجئين الفلسطينيين في الأوطان التي لجأوا اليها, مع تركيز وفق المعلومات نفسها على ان يكون التعاطي مع النازحين السوريين موازياً للتعاطي مع اللاجئين الفلسطينيين ولا سيما في الاردن ولبنان, ما يشكل خطراً داهماً وكيانياً على البلدين في ظل الاعداد الكبيرة التي سيصار الى توطينها وفرض تجنيسها في البلدين, وهو ما تشير اليه أكثر من وثيقة اسرائيلية صدرت حتى الآن.

في لبنان حيث يراد ان يكون للنازحين السوريين حضورهم القوي لا سيما مع الأعداد الكبيرة للمواليد منهم في بلاد الأرز  والتي تجاوزت الـ360 ألفاً خلال أقل من ثماني سنوات, ليشكلوا ما يشبه القوة الرادعة لحزب الله الذي يعتبره الاميركيون أهم وأخطر أذرع ايران في المنطقة  التي يجب ضربها وتفكيكها, وما بدء الكلام عن صيغ تعمل على الوصول اليها بعض الدوائر المسيحية الضيقة  والمنغلقة والتي لا تمثل اليوم ثقلاً بارزاً, من أجل توليد ما يشبه ((متصرفية)) جديدة تحت عنوان حماية المسيحيين في الشرق سوى واحدة من تعبيرات الخوف مما قد يشهده لبنان في مرحلة مقبلة في حال لم تتم إعادة النازحين السوريين الى بلادهم.

وفي الاردن يراد ان يكون للنازحين السوريين ما يجعلهم قوة موازية ومواجهة للنسبة الكبيرة من الفلسطينيين الذين لجأوا اليه واستقروا فيه ويتنامى حضورهم ووزنهم عاماً بعد عام.

والمواجهة في هذا المجال تصبح طبيعية عندما تتعلق بلقمة العيش والمكاسب والسعي للحصول على أبسط مقومات الحياة.

وكل ذلك يسهم بطريقة او بأخرى في المعادلة الجديدة التي يراد فرضها في الشرق الأوسط الجديد: اسرائيل الدولة القوية والمتماسكة وسط دول بلا سيادة او دويلات متنازعة ومثقلة بالانقسامات والصراعات والأزمات وحتى الفتن والحروب, من لبنان الى سورية الى الاردن والعراق.. الخ.

والأمر لا يقتصر على هذه الحدود فما عرف بثورة الربيع العربي سيتجاوز حدود الكيانات العربية ويصل الى ايران وكذلك تركيا اللتين ستشهدان حسب السيناريو الوارد آنفاً والذي أتيح الاطلاع على بعض جوانبه من خلال تسريبات قسم منها متعمد محاولات لزعزعة استقرارها ومحاصرتها وصولاً الى فرض ما هو مبيت ومدبر لها.

ولهذا السبب فإن البلدين معرضان لتجربة تستنسخ ثورة الربيع او الخريف العربي بتعبير أدق, سواء من خلال الضغوط المباشرة او العقوبات, وتركيا في هذا المجال ليست بمنأى عن الاستهداف رغم ان ايران تتقدم عليها في ذلك، خصوصاً بعد إلغاء الاتفاق النووي معها من قبل ادارة ترامب وما أعقب ذلك من اجراءات وعقوبات وضغوط لاحكام الحصار عليها وعزلها. ويكفي للكلام عن تركيا الاشارة الى محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها قبل أقل من ثلاث سنوات والضغوط الاقتصادية المتتالية عليها.

أما مفتاح الخريف العربي المرسوم لإيران وتركيا فهو الاكراد. ولعل السؤال المطروح اليوم: هل ثمة توجه اميركي ودولي من أجل اقامة دولة كردية سيكون المتضرر منها طهران وانقرة اضافة الى سورية والعراق كون اراضي هذه الدولة المفترضة تمتد داخل الدول الأربع المذكورة ويعيش في كل منها الملايين من الاكراد.

ولا شك ان قيام مثل هذه الدولة هو حلم كل كردي في كل أصقاع الارض, وهو حلم لن يتردد معظم الاكراد في فعل كل ما يمكن فعله من أجل تحقيقه حتى ولو كان على حساب كيانات ودول لها بالطبع مشاكلها وأزماتها الداخلية والتي لا شك ستتفاقم عندما تصبح وحدة اراضيها المعلنة مهددة بتوجهات او قرار دولي يترافق مع قلاقل داخلية بعناوين مختلفة بعضها براق وبعضها يحاول محاكاة لغة العصر والعولمة..الخ.

وما يحصل اليوم في سورية مع الاكراد يمكن اعتباره بمثابة اختبار جدي لما هو مبيت,كونه يشكل نقطة البداية وعلى نار حامية لجلاء حقيقة الموقف الدولي بالنسبة لقيام او عدم قيام مثل هذه الدولة الكردية، خصوصاً وانه سيتم رسم مسارات عديدة ومختلفة على ضوء اتضاح الصورة بالنسبة لوجود مثل هذا القرار او عدمه.

لكن في كل الاحوال فإن الولايات المتحدة وروسيا اذن  متفقتان اليوم على دعم اسرائيل والتزام كل ما يحفظ امنها, رغم اختلافهما في العديد من الرؤى والاستراتيجيات والأزمات, وهذا ما دلت اليه المواقف الأخيرة المعلنة على الأقل.

وما ورد من سيناريوهات خطيرة قد لا يكون جامعاً بين الطرفين, او معبراً عن شراكة بينهما, إلا ان ثمة شرق أوسط جديداً يلوح في الأفق لا بل ان نذره بدأت تترجم على الارض وكل طرف من الطرفين له مقاربته ومصالحه وامن اسرائيل هو أحد ابرز الجوامع المشتركة بينهما.

فهل تتحقق هذه السيناريوهات؟ أم انها ستكون دافعاً لفصل جديد من الصراعات والأزمات والحروب التي باتت سمة ملازمة لدول هذه المنطقة منذ الغزو الاميركي للعراق في العام 2003 والذي يشبه بما ولده وتسبب به بما نتج عن الحروب الصليبية التي  امتدت في أواخر القرن الحادي عشر لقرنين, وأيضاً  بما نتج عن سقوط بغداد في غزو المغول, وبكل ما حصل بعد ذلك من تداعيات وإرتدادات امتدت لعشرات السنين حروباً وأزمات وكوارث.. الخ دفع أبناء المنطقة أثمانها لفترات طويلة من الزمن. 

 

ترامب: ماذا بعد الاعتراف بضم الجولان لاسرائيل؟

نقل رفات الجندي الاسرائيلي: هدية بوتين لنتنياهو

نتنياهو: اسرائيل الكبرى

الاكراد: هل صدر قرار دولي بانشاء دولة كردية؟

اردوغان: تركيا مستهدفة

بري: خشية من تقسيم المقسم

حزب الله: مطلوب اميركياً

الوسوم